مونودراما مصرية… «نموت .. نموت .. ويحيا الريس»


قد تكون مجرد مصادفة محض… بعد أقل من 24 ساعة على مشاهدة الأردنيين رئيس وزرائهم الدكتور هاني الملقي ينفي وجود «مسخمين» في البلد، انتصر الملك للمسخمين وأمر بالتراجع عن ضريبة الدواء.
تلفزيون «الحقيقة الدُّولية» تناول بتوسع المشهد والموضوع.
المشهد بدا سيرياليا تمامًا..عضو في البرلمان يطارد رئيس الحكومة تحت القبة يحاول اقناعه بنعومة على هيئة «رجاء» أن ينظر بعين العطف للمواطنين «المسخمين»، الذين أهلكتهم الأسعار ويتراجع عن رفع ضريبة على الدواء.
الرجل الرئيس عبر الطريق تاركًا وراءه «ممثل الشعب»، وقال في عبارة تهكمية تماما: «لا يوجد مسخمين في البلد» والمواطن يستطيع الحصول على العلاج من وزارة الصحة.
طبعًا؛ تعرف الحكومة أن أكثر من ثلث الأدوية لمرضى القطاع العام يُطلب من الناس شراؤها من السوق.
وتعرف أن «آلو» الساحرة عبر الهاتف الخلوي، التي تضمن له دومًا ثقة البرلمان، هي التي تدفع نائبًا منتخبًا لمطاردة رئيس وزراء غير منتخب كالتلميذ، راجيًا إياه الرحمة بالناس.
لو أدرك رئيس الحكومة أن النائب، الذي يتوسّله لمصلحة الناس يَعرف أن الدستور يسمح له باستجواب رئيس الحكومة وحجب الثقة عنه، لوقف قليلا وأظهر قدرًا من الاحتـرام لشـرائح المسـخمين.
كاميرا تلفزيون الحكومة كالعادة لا تعليق على مثل هـذه الأحـداث.
لكن نفي وجود «مسخمين» بمعنى «فقراء مسحوقين» في المملكة مستفز للغاية، رغم أنهم الحزب الأكبر وسط الجماهير، وسؤالنا لرئيس الوزراء شخصيًا: ماذا تُسمي من يحمل زجاجة بيبسي ويطلب من محطة وقود تعبئتها؟
هل المرأة التي تطبخ لعائلتها أرجل الدجاج من فئة السخام أم الرخام؟ رأيت بعيني مثل هذه المشاهد وأكثر، وبعد «إصلاحات» الحكومة الأخيرة نحمد الله أن الحكومة تنجح في ضم أبناء الطبقة الوسطى بالتدريج، وبصفة جماعية للفئات المسخمة، التي تشكل أصلا الأغلبية.

نقاش أردني على «بي بي سي»

أصر شريكي في حوار أدارته «بي بي سي» الزميل سلطان حطاب على عدم وجود «أية جرعة سياسية» في قرار إحالة ثلاثة أمراء إلى التقاعد من الجيش.
حسنًا.. ماذا نسمي ربط النص الملكي للقرار ببرنامج «إعادة هيكلة القوات المسلحة»؟ ماذا نسمي رسالة الملك التي يقول فيها ضمنيا لشعبه..«بدأت الهيكلة الجديدة بعائلتي»؟
سأتحدث بصراحة أكثر من تلك التي ظهرت في تقريري الصحافي عن الموضوع.
إعادة الهيكلة معناها كما أفهمه ترشيق العدد وتطوير العدة وإحالات واسعة على التقاعد، والآلاف، ومن جميع المؤسسات قد ينضمون إلى عناوين البِطالة، مع ميزة إضافية عن غيرهم، حيث راتب تقاعدي بطبيعة الحال لا يكفي شيئا وتأمين صحي.
وتعني «خبرات» من أوفى الأردنيين وأطهرهم في السوق تزاحم وتنافس، والمزيد من الوجاهات، التي تبحث عن «دور وحصة».
وقد تعني في مرحلة لاحقة «عتاب مر» للناس على الدولة وعودة للمرة الأولى إلى قواعد التعيين بالاحتراف والكفاءة.. تلك في أبسط أحوالها مستجدات سياسية محلية.. أليس كذلك «يا متعلمين يا بتوع المدارس»؟!

مونودراما انتخابية

عبثًا حاول مذيع نشرة الأخبار الزميل في «الجزيرة» إظهار أي قدر من السخرية المُرّة وهو يُعلّق على صورة متكررة للجنرال سامي عنان بهيئة رجل رومانسي يصدق «الكذبة» ويرتدي بدلة أنيقة ويعلن وسط بعض الأنصار ترشحه لانتخابات الرئاسة.
عنان اليوم مثل شعلة شمعة انطفأت وساحت بلا عودة، وعبر من «الماسورة السياسية» نفسها، التي عبرها الجنرال أحمد شفيق، حيث إنضمّا معًا ورئيس الشرعية السجين محمد مرسي إلى متحف التراث الديمقراطي على الطريقة المصرية، مع فارق أن الأخير بين القضبان وزميليه قبل حتى ملامسة شفايف الانتخابات يقبعان اليوم في سجن أوسع قليلا.
لا نعرف موقف النقيب الشهير أشرف الخولي من هذا «الزحام» الذي يقتصر على رجل واحد في مربع انتخابات الرئاسة المصرية.. الرجل – ونقصد العم أشرف – على الأرجح لم يكرر الاتصال مع الفنانة يُسرا حتى لا تُسجل صوته مجددا فضائية «مكملين»، التي لا تفعل بدورها شيئًا محددًا سوى بث تلك التسجيلات، التي تأتيها على الأرجح من «جهة عميقة» داخل عـرض الرجـل الواحـد في مصـر.
هي مونودراما سياسية على طريقة عادل إمام في مسرحية «الزعيم» حيث «فخامته» يتحدث وحده عن نفسه مع «صدى» جماهير تصفق ولا تظهر في الكادر.
الزعيم الضرورة في طريقه للحسم بالتزكية… هذا توافق وطني عز نظيره في مصر العزيزة… حتى عظام ديكتاتور سورية الراحل حافظ الأسد الحاصل على اقتراع «99 %» تحركت في قبره وهي تقول: له «معقول؟.. يا راجل»!
المشهد يمثل الحقيقة كما هي بلا رتوش ولا مبرر لإنفاق بضعة ملايين من الجنيهات على انتخابات صورية وها نحن نهتف مع الهاتفين: «نموت.. نموت.. ويحيا الريس» أما مصر فبإمكانها مثل القدس أن تحيا في وقت آخر.

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات