الاردن بلد العزم


بقلم: محمد عبد الكريم الطرودي

الوطن هو بضع أحرفٍ تُكوّن كلمةً صغيرةً في حجمها، ولكنّها كبيرة في المعنى؛ فالوطن هو بمثابة الأمّ والأسرة، وهو الحضن الدّافئ لكلّ مواطنٍ على أرضه، وهو المكان الذي نترعرع على أرضه، ونأكل من ثماره ومن خيراته، فمهما ابتعدنا عنه يبقى في قلوبنا دائماً.

يُولد حبّ الوطن مع الإنسان، لذلك يُعتبر حبّ الوطن أمراً فطريّاً ينشأ عليه الفرد؛ حيث يشعر بأنّ هناك علاقةً تربط بينه وبين هذه الأرض التي ينمو ويكبرُ في حضنها. وحبّ الوطن ليس حكراً على أحد؛ حيث أنّ كلّ فردٍ يعشق ويحبّ وطنه، وديننا الإسلاميّ يحثّنا على حبّ الوطن والوفاء له، ولعلّ أكبر مثال نورده في هذا الموضوع، حين أجبر رسولنا الحبيب - صلّى الله عليه وسلّم - على فراق وطنه الغالي مكّة، فعندما خرج منها مجبوراً قال:" ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ "؛ فمن كلام رسولنا الكريم يتبيّن لنا واجبُ الحبّ الذي يجب أن يكون مزروعاً في قلب كلّ شخصٍ تجاه وطنه، سواءً أكان صغيراً أم كبيراً.

ويعتبر حبّ الوطن رمزاً، وفخراً، واعتزازاً؛ لذلك يجب علينا أن ندافع عنه ونحميه بكلّ قوّة، وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدّره لتوفيره الأمن لنا، فلهذا الوطن حقوقٌ يجب على كلّ فرد أن يلتزم بها ما دام يعيش فيه، ويأكل ويشرب من خيراته، ومن هذه الحقوق: المحافظة عليه، وحمايته من كلّ شرّ، والارتقاء به إلى أعلى المراتب، والمحافظة على نظافته، وحماية ممتلكاته العامّة، وأن نفديه بأرواحنا في حال تعرّض لأيّ خطر.

قال الشّاعر في حبّ الوطن: بدم الأحرار سأرويه وبماضي العزم سأبنيه وأشيّده وطناً نضراً وأقدّمه لابني حُرّاً فيصون حماه ويفديه بعزيمة ليث هجّام.

ومن واجب الدّولة أيضاً أن تحافظ على الوطن وتحميه، وأن تعدّ له الجيل القويّ المتين، عن طريق إعداد الشّباب، وتدريبهم، وتعليمهم؛ فهم الحامي الأوّل والرّاعي له. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ للوطن حقوقاً على الآباء والأمّهات؛ حيث يتوجّب عليهم أن يعلّموا أبناءهم حبّ الوطن، وأن يغرسوا في قلوبهم القيم والمبادئ التي عليهم اتّباعها، ويجب أن يحرصوا على بناء أولادٍ أقوياءٍ أصحّاء، جاهزين لخدمة الوطن في أيّ وقتٍ كان.

ولو نظرنا إلى تاريخنا لرأينا الكثير من الأبطال والمجاهدين الذين سقوا أرضهم بدمائهم، للدّفاع عنها، وتحريرها من الاستعمار، فكلّ هذا نابعٌ من حبّ الوطن والتّضحية من أجله بالدّماء والأرواح، فلا يمكن التّهاون مع من يسرق الأوطان ويستعمرها، وليس علينا أن نخاف إذا قمنا بإنشاء جيلٍ يضحّي بكلّ ما يملك من أجل الوطن، فهو تاريخنا، وحاضرنا، ومستقبلنا الذي سيصنع أمجادنا، ويسطّرها على مرّ الزّمان.

الوطن هو المكان الذي ولدت فيه، وعشت في كنفه، وكبرت وترعرعت على أرضه وتحت سمائه، وأكلت من خيراته وشربت من مياهه، وتنفّست هواءه، واحتميت في أحضانه، فالوطن هو الأمّ التي ترعانا ونرعاها. والوطن هو الأسرة التي ننعم بدفئها، فلا معنى للأسرة دون الوطن. والوطن هو الأمن، والسّكينة، والحريّة، وهو الانتماء، والوفاء، والتّضحية، والفداء. والوطن هو أقرب الأماكن إلى قلبي ففيه أهلي، وأصدقائي. وحبّي لوطني يدفعني إلى الجدّ والاجتهاد، والحرص على طلب العلم، والسّعي لأجله، لكي أصبح يوماً ما شابّاً نافعاً، أخدم وطني، وأنفعه، وأردّ إليه بعض أفضاله عليّ، وقد قال الشّاعر في حبّ الوطن: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات