أين الاردن من صفقة القرن (2)


الكاتب عوض الصقر
عودا على بدء واستكمالا لموضوع صفقة القرن ، فوفقا للتسريبات الاعلامية التي نشرتها وسائل اعلام اميركي، فإنه سيتم البدء بالتنفيذ التدريجي لما يعرف بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية خلال شهر كانون الثاني من عام 2018..
وللتذكير فإن الخطوط العريضة للصفقة تتضمن قيام كيان فلسطيني منزوع السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة وإخضاع منطقة الغور الغربي للسيطرة الاسرائيلية. كما تتضمن الصفقة اقتطاع ما مساحته 720 مترا مربعا من سيناء بمحاذا ساحل البحر الابيض المتوسط لضمها للكيان الفلسطيني في غزة وتدويل مدينة القدس الشرقية مع التنازل عن حق العودة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون بها بشكل نهائي.
كما تتضمن الصفقة كذلك إقامة إتحاد كونفدرالي بين الضفة الغربية والاردن وبين قطاع غزة ومصر.
ومن الواضح فإن القادة الإسرائيليون هم الذين صاغوا الصفقة وهم الذين حددوا ملامحها الرئيسية بدعم مباشر من الإدارة الاميريكية التي أملتها بدورها على الدول الخليجية وقبلتها بدون تردد او نقاش وتسعى لفرضها على السلطة الفلسطينية.
والكل يدرك ان جميع أركان الادارة الاميركية، مغالون في دعمهم لاسرائيل، وآخر أشكال هذا الدعم القرار المشؤوم بنقل السفارة الاميركية الى القدس وإعلانها عاصمة رسمية لاسرائيل، مع الاشارة الى أن جارد كوشنر، صهر ترمب وعراب الصفقة يهودي ويحمل الجنسية الاسرائيلية وله منزل في إحدى المستوطنات في محيط مدينة القدس.
وبناء على هذا الواقع فمن غير الممكن أن تكون أميركا التي أغلقت مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن جادة في التوصل الى حل منصف ومنطقي لأزمة الشرق الاوسط يحقق الحد الأدنى من الطموح الفلسطيني. والكل يتذكر انحيازها لاسرائيل مع سبع دول صغيرة مغمورة
ولا أدري ما هي علاقة الدول الخليجية التي تعمل كعراب وسمسار لتسويق الصفقة، بالقضية الفلسطينية.. ولماذا تنبهوا لها الآن.. وأين كانوا طيلة العقود الماضية؟.
ثم ماذا عن دور الاردن صاحبة أطول حدود جغرافية مع الاراضي الفلسطينية المحتلة كما أن غالبية سكانها من أصول فلسطينية إضافة الى أنها صاحبة الولاية الشرعية على القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية باعتراف دولي واقرار اسرائيلي وموافقة السلطة الفلسطينية ثم أين دور هذه السلطة وما هو موقفها، وهل من الممكن ان يتم تمرير مثل هذه الصفقة عليها بالقوة؟.
هناك حقائق ساطعة كالشمس يدركها كل منصف ومنطقي وفي مقدمتها ان الملك عبدالله الثاني هو الزعيم العربي الوحيد الذي يحمل الهم الفلسطيني في عواصم صنع القرار العالمية وهو الذي يؤكد على الدوام ان المنطقة لن تنعم بالامن والاستقرار مالم يتم التوصل للحل العادل للقضية الفلسطينية.. وموقف جلالته من القرار الأخير لترمب أكبر دليل على هذه المقولة حيث أعلنها بكل صراحة أنه مع تحرك الشارع الاردني بجميع أطيافه لرفض هذا القرار المشؤوم فهل يعقل أمام هذا الواقع أن يتم تغييب الاردن عن أية تسوية للقضية الفلسطينية؟؟.
والسؤال المهم هو هل ستكون مثل هكذا صفقة قابلة للتطبيق في ظل عدم وجود أي دور أردني ولا سيما أن الاردن أكبر دولة عربية مضيفة للاجئين الفلسطينيين ثم ما هو موقف هؤلاء اللاجئين وما هي ردات فعلهم على مثل هكذا صفقة وهل هم قطعان أغنام يتم اقتيادهم الى المسلخ دون إرادتهم او أخذ رأيهم..
بكل تأكيد فإن هذه الصفقة ستكون محتومة بالفشل الذريع وانها ستؤدي الى المزيد من ردات الفعل العنيفة وارتفاع وتيرة الاحتقان والتوتر في المنطقة.
أعتقد ان صمت صانع القرار الاردني يجب ان لا يطول وعليه أن يتحرك عربيا وإقليميا لاثبات حقوق مواطنيه في فلسطين وولايته المشروعة على القدس الشريف وبالتالي فهو يجب أن يتصدر أية تسوية أو حل نهائي للقضية الفلسطينية.
وفي هذا الاطار يجب المبادرة الى توسيع قاعدة الخيارات والتحالفات الاقليمية بما في ذلك إعادة السفير القطري الى عمان وإعادة فتح مكتب قناة الجزيرة وزيادة وتيرة التعاون والتنسيق مع دول لها وزنها في المنطقة مثل ايران وتركيا وخاصة ان هاتين الدولتان أبديتا الاستعداد لمثل هذا التعاون كما يجب اعطاء الحركات الاسلامية حرية التحرك لما في هذه الخطوة من مدلولات وحساسية للدول التي تسعى لتهميش الدور الاردني.. أعتقد أن مثل هذه الخطوة ستسهم في إعادة بوصلة حل للقضية الفلسطينية إلى عمان صاحبة الولاية الشرعية على القدس والمقدسات فيها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات