ماذا كنا نقرأ


كانت مصادر المعلومات والتثقف في زماننا محصورة في الكتاب والمجلة والراديو والتلفزيون والسينما. وعليه فقد كنا نستمد ثقافتنا العامة من كتب متنوعة نشتريها أو نستعيرها من المكتبة العامة، وكانت مصادر الثقافة تأتينا من مصر ولبنان ومجلة العربي الكويت وتتنوع الثقافة علمية أو أدبية أو فنية وحتى طبيباً في مجلة طبيبك ومن المجلات التي كانت تستهوي الناس مجلة «الكواكب» التي تخصصت وأبدعت في الحقل الفني وأخبار الفنانين هي ومجلة الموعد والشبكة بدون منافس، أما المجلات التي تهتم بالأدب والفكر والعلوم فكانت مجلة العربي الكويتية لما فيها من زوايا متنوعة أدبية علمية مسابقات وزيارات ميدانية للمدن والمعالم التاريخية في العالم العربي والعالم وكانت رخيصة الثمن وورقها من النوع الجيد الملس ومجلة عالم المعرفة والتي تهتم بكل ما هو جديد بالعلم والثقافة ومن المجلات الرائدة مجلة المختار والتي يوجد لدى نسخ منها من أربعينات القرن الماضي وهي عبارة عن ترجمة لمقالات وقصص صادرة عن المجلة الأصيلة ريدرزدايجست وقد كانت تطبع في لبنان وكانت موضوعاتها جميلة وفيها قدر كبير من المعرفة وهي المجلة المفضلة لرحمة والدي وحول قصة تسميتها المختار فقد سمعتها من أحد أقاربي عندما عملت المجلة مسابقة لأختيار أسم للمجلة وكانت الجائزة من نصيب أحد الأردنيون والذي أختار لها أسم " المختار " وهنالك مجلات مشابهة للمختار مثل الهلال لجورجي زيدان والجيل أما المجلات السياسية فكانت الصياد والحوادث ولا ننسى مجلة أفكار الأردنية والمجلة العسكرية التي كان يحضرها الوالد ومن الصحف التي وعيت عليها جريدة الدفاع والدستور والرأى والأردن وهي من أقدم الصحف والتي أنشئت عام 1927 لصاحبها خليل نصر وهنالك جرايد أسبوعيه مثل أخبار الأسبوع وأخر خبر وهنالك عمان المساء والتي كانت تصدر مساء كل يوم وهنالك محاولات لبعض الصحف اليومية بأن تصدر في الصباح والمساء ولكنها لم تستمر وتلك الصحف كانت تباع صباحاً وبسجع بائعي الصحف يترجمون العناوين بصوتهم وكانت تباع الجريدة بقرشين ونصف ومانشيت بلون أحمر عريض لعناوين تجذب القارىء وكان الناس يشترون الصحف بكثرة في الأماكن الحيوية الضاجه بالحركة مثل مواقف السيارات ويزداد الشراء عند صدور ملحق لنتائج التوجيهي أو المترك وقد تباع بضعف سعرها وكان الناس يحفظون بعض الأسماء والتي تتكرر جراء سمعاهم الأخبار او قراءة الصحف مثل يوثانت غروميكو الفيتكونغ مشروع روجرز بنوم به قرار مجلس الأمن 242 تصريح لناطق عسكري عبدالخالق حسونة وسيسكو .

صحف زمان كانت تضم زوايا متعددة غير السياسية وهنالك زوايا لها أهتمام كبير من قبل الناس مثل هواة المراسلة والتعارف ، الكلمات المتقاطعة أسعار الخضار والفواكة والزاوية الفنية وأخبار الفنانون والفنانات ومسابقات وجوائز في رمضان وما تعرضه سينمات البلد وخاصة أفلام العيد وأفلام لها وقع خاص وزاوية أجتماعيات وتلك الزاوية تهتم بتهاني الزواج وأعياد الميلاد وعودة لأرض الوطن أو رزق فلان بمولود وهنالك زاوية تسمى شبابنا الناهض حول عودة دكتور أو مهندس والغير وحصولهم على شهادة الطب أو ليسانس أدب من جامعة بيروت العربية وهنالك زوايا تهتم بما يكتبه القراء مثل زاوية أقلام شابة ولقطات وحكايات وهي عبارة عن صورة يتم التعليق عليها وزوايا صباحية مثل فنجان قهوة وصفحة الوفيات نعي فاضل وحركة الطائرات ذهاباً وأياباً لشركة عالية والشركات الأخرى وبرنامج التلفزيون قناة 3 ، 6 ومن المجلات التي لعبت دورا في تشكيل وعينا وإلمامنا بما يدور في العالم من أحداث سياسية مجلة «المصور» يوم كان رئيس تحريرها المرحوم فكري أباظة ومجلة «آخر ساعة» يوم كان رئيس تحريرها الراحل الكبير محمد التابعي، وأتذكر أن رحمة والدي كان يقول لي أنهم كانوا ينتظرون وصول المجلات من مصر أو لينان خاصة مجلة المختار أو اخر ساعة أو الهلال كانت الناس تصطف في طابور طويل ينتظرون وصول الطائرات المحملة بالمجلات والصحف الكتب القادمة من لبنان ومصر يبتغون شراءها .

ولا ننسى في هذا السياق أن نعرج على مجلة كنا نحرص على اقتنائهما وقراءتهما بنهم، خصوصا أنهما كانتا ترسل مجانا لمن يريد بالبريد ، هي مجلة «هنا لندن».وقد ظهرت مجلة «هنا لندن» عام 1940 تحت اسم «المستمع العربي» وكانت وقتذاك مجلة نصف شهرية، لكن الاسم تغير إلى «هنا لندن» بعد دخول خدمة البث التلفزيوني إلى بريطانيا على نطاق واسع، وتحولت إلى مجلة شهرية تطبع في بيروت، وتوزع مجانا على الراغبين، ابتداء من عام 1959. ومن ثم أنتقلت إلى القاهرة في منتصف السبعينيات، ثم صارت تطبع في لندن ابتداء من إبريل/نيسان 1982، هذا عن الصحف والمجلات أما عن الكتاب وهو خير جليس فكنا نحصل عليه عن طريق الاستعارة من المكتبة العامة، أو مكتبة المدرسة فاذا ما فشلنا في الحصول على العنوان المطلوب، سارعنا إلى الادخار والتوفير لشراء قيمة الكتاب المراد شراؤه.

كان ذلك يحدث رغم بؤس الحالة المعيشية وضعف القدرات الشرائية للسواد الأعظم من الناس ، وكنا نقراء للعقاد ولجورجي زيدان ما كتبه من قصص تراثية، ولإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ويوسف إدريس ما كتبوه من قصص الحب الرومانسية، ولنجيب محفوظ ما جسده على الورق من مشاهد للحارة المصرية التقليدية، ولطه حسين وتوفيق الحكيم ما كتباه من أدب رفيع لم نتذوق طعمه الحقيقي إلا لاحقا، حينما اكتمل وعينا وازدادت تجاربنا، ولنزار قباني ما سطره من حلو الكلام في العشق والغرام والوجد والهيام.

وكذلك ديوان شعر عرار مصطفى وهبي التل وعبدالمنعم الرفاعي وحسني فريز وعيسى الناعوري من الأردن وكذا تيسر السبول وكتب عبد الرحمن منيف والتي لاقت رواجاً في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ومنها مدن الملح وقصة حب مجوسية وشرق المتوسط غير أن اهتمامنا بالكتب الجادة المعرفي لم يمنعنا من الاهتمام بالمؤلفات الخفيفة التي كانت بمثابة محطة للراحة والاسترخاء.

من المؤلفات الخفيفة التي ظهرت في الستينات والسبعينات سلسلة من الكتب حول السير الذاتية لنجوم ونجمات السينما والموسيقى المصرية، وقصص معاناتهم حتى تمكنوا من بلوغ ســـلالم المجد والشهرة.

من جهة أخرى شهدت نهايات الستينيات كتيبات بحجم كف اليد، ذات أوراق صفراء خفيفة تحتوي على نصوص الأغاني الرائجة في تلك الحقبة لمطربين ومطربات عرب . كما راجت في الفترة نفسها روايات «آرسين لوبين» أو اللص الظريف ولكن الكتب التي تحمل طابع أنساني هي الروايات الروسية والأدب الروسي من خلال تولستوي الحرب والسلام وأنا كارينا وديستوفسكي والأم فارتا والغير وروايات عالمية مثل وداعاً أيها السلاح لأرنست همنغواي والشيخ والبحر وروايات الطفولة لشارك ديكنز مثل أو ليفر توست ومارك توين ومجلات ميكي وسمير والعربي الصغير وتان تان . هذا جزء بسيط مما عشناه وقرأناه في طفولتنا وشبابنا فالزمن الجميل يحمل بين ثناياه سحر نتمنى أن يعود .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات