في الذكرى 44 لحرب تشرين 1973


كانت الحاجة إلى خوض جولة أخرى من القتال هي الفكرة التي استحوذت على ذهن القيادة السورية بعد هزيمة حزيران، فلم يكن السوريون يرون أي أمل في تسوية بالمفاوضات بدون تعديل الميزان أولاً.

كان حافظ الأسد يختلف عن معظم الزعماء العرب في أنّه تجرأ على التفكير في مهاجمة إسرائيل، وهي فكرة كان أول عربي يشترك فيها مع السادات. وكان الأسد بحاجة وقبل كل شيء إلى كسر طوق العزلة الإقليمية والدولية التي كانت تعيشها سوريا.

أعلن الأسد بعد أيام من استيلائه على السلطة في تشرين 1970 أن سوريا ستنضم إلى الاتحاد المقترح بين مصر وليبيا والسودان، كما أعادت سوريا علاقاتها مع تونس والمغرب والسعودية والأردن، وتكررت زيارات الأسد إلى الاتحاد السوفييتي من أجل الحصول على الأسلحة المناسبة.

وإذا كان الاتحاد السوفييتي مصدر السلاح الممكن الوحيد لسوريا، فان مصر كانت حليفتها الوحيدة الممكنة، وكان إدراك القيادة السورية للضرورة الجغرافية – السياسية لقيام تحالف سوري – مصري، ففد كانت دمشق والقاهرة على الدوام محور التاريخ العربي، وعندما كانتا تتحدان كان العرب ينتصرون، وعندما كانتا تتباعدان كان العرب يضعفون ويتعرضون للأخطار. ولو لم تنفصل سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961، لامكن تجنّب كارثة 1967 التي لعبت فيها إسرائيل على وتر الخلافات السورية المصرية.

وعلى الصعيد العسكري كان الأسد يعلم أن استراتيجية فتح جبهتين ضد إسرائيل هي من المتطلبات الجوهرية اللازمة المسبقة لتحقيق النصر. وقد اتفق المخططون السوفييت مع هذا التحليل.

صاغ حافظ الأسد تحالفه مع السادات تحت مظلة اتحاد الجمهوريات العربية، وهو مشروع طموح لتوحيد مصر وسوريا وليبيا والسودان أعلن عام 1971، ورغم عدم تحقق هذا المشروع إلا أنّ اجتماعات القمة الاتحادية أدت وظيفة حيوية وهامة هي تقديم غطاء للأسد والسادات لاجتماعاتهما السرية.

وتقررت ساعة الصفر في اجتماع سري بين الأسد والسادات في القاهرة عقداه على هامش لقاء ثلاثي مع الملك حسين في 12 أيلول عام 1973، وفي 3 تشرين الأول تم الاتفاق في منزل حافظ الأسد بدمشق على أن يبدأ الهجوم على الجبهتين في الساعة الثانية من بعد ظهر السادس من تشرين الأول 1973.

ولكن بينما خطط الأسد لاستعادة الأرض، كان السادات لا يأمل في أكثر من إزالة العقبات أمام عملية دبلوماسية. فكانت حرب الأسد حرب تحرير، بينما كانت حرب السادات في جوهرها حرب تحريك.

كانت حرب تشرين أكبر مشروع عسكري نفّذه العرب في العصر الحديث، ولكنه بدل أن يحقق الآمال الزاهية التي عقدوها عليه، فقد قدّر له أن يكون من الناحية السياسية كارثة وضعتهم على طريق التفكك، عندما خرج السادات عن الخطة المتفق عليها مع السوريين إلى الخطة غير المعلنة وهي تحقيق أي انجاز عسكري يسمح بتسوية سياسية، ترتّب عليها أكبر تراجع استراتيجي في موازين القوى لصالح إسرائيل.

وفي اليوم الأول من هجومهم المفاجئ اجتاح المصريون والسوريون حواجز دفاعية إسرائيلية على جبهتي سيناء والجولان، حيث تمكن الجيش المصري من تحطيم خط بارليف، في حين كاد السوريون يصلون إلى شاطئ طبريا ونهر الأردن.

كان خداع السادات للأسد يتجاوز تخريب خطة القتال على جبهتين، بل لقد امتد ذلك الخداع ليشمل دبلوماسية السلام التي كان ينتهجها طوال فترة النزاع. وكان الأسد قد فهم أن أساس التحالف السوري – المصري هو أن البلدين سيكونان كبلد واحد في الحرب كما في السلام، بحيث يبقي كل منهما الآخر مطلعاً اطلاعا كاملاً على الأوضاع، ويمنعان عدوهما المشترك من استغلال أية ثغرات بينهما. ولم يكتشف الأسد أنّه كان مخدوعاً إلا بعد انتهاء الحرب، ولم يعلم الأسد أن السادات كان على اتصال سري بكيسنجر في كل يوم من أيام الحرب.

ونتيجة الضغط الإسرائيلي على الجبهة السورية بعد توقف تقدم الجيش المصري، انشغل الأسد بالدفاع عن دمشق، وبفضل جسر جوي سوفييتي تمكّن من إعادة تجهيز قواته، وضغط على حلفائه العرب للاشتراك في المعركة.

دخل العراق والأردن الحرب، ورغم تكبد العراقيين خسائر فادحة فإنهم بالاشتراك مع اللواء الأردني المدرّع 40 قد لعبوا دوراً هاماً في تقوية الدفاعات السورية.

وفي 22 تشرين الأول صدر القرار رقم 338 من مجلس الأمن الدولي. وقبلت إسرائيل ومصر وقف إطلاق النار على الفور، أمّا سوريا فلم تفعل، واستمرت المواجهات حتى تم التوقيع على اتفاقية فصل القوات بين سوريا واسرائيل في 31 أيار عام 1974، حيث استعادت سوريا جزءا من مرتفعات الجولان بما فيها مدينة القنيطرة.

دور الاردن في حرب 1973

ما أن اندلعت الحرب في يوم 6 تشرين الأول عام 1973حتى قام الأردن بوضع قواته تحت درجة الاستعداد القصوى. ان مشاركة القوات الأردنية الباسلة في حرب تشرين 1973 تعتبر حدثا مجيدا في تاريخ النضال العربي وتاريخ الحروب بشكل عام.

في مساء يوم 12-10-1973 وبعد 6 أيام من بدء المعارك تدهور الوضع على الجبهة السورية نتيجة قيام القوات الاسرائيلية بهجومها المعاكس يوم 11-10 ب 75% من قواتها الجوية والبرية، بعد ان نقلت هذه القوات من الجبهة المصرية ، وأكملت دعوة الاحتياط وزجتها في معركتها مع الجيش السوري، تراجعت القوات السورية مشكلة "وضعية الدفاع"، حيث طلب الرئيس حافظ الأسد من الملك حسين أن يسارع الى نجدته لأن الوضع على الجبهة أصبح صعبا للغاية .

استجاب الملك حسين فورا وأمر بتحريك أقوى لواء مدرع في الجيش الأردني وهو اللواء المدرع 40، وهو من أفضل وحدات القتال المدرعة الأردنية، يقوده العميد الركن المرحوم خالد هجهوج المجالي وهو من خيرة وصفوة القادة العسكريين الأردنيين.

اكتمل وصول اللواء 40 يوم 13 تشرين الأول عام 1973 وخاض أول معاركه يوم 16 تشرين الأول، حيث وضع تحت إمرة الفرقة المدرعة 3 العراقية، فعمل إلى جانب الألوية العراقية وأجبرت القوات الإسرائيلية على التراجع 10 كم .

على الرغم من محدودية المشاركة الأردنية في حرب 1973 إلا أنها كانت إيجابية وفاعلة على المستويات الاستراتيجية والمعنوية، ويمكن تلخيص هذه الأهمية بما يلي :

(أ) إشغال جزء من القوات الإسرائيلية على طول امتداد الجبهة الأردنية وحرصها على تعزيز قواتها على الجبهتين السورية والمصرية .

(ب) حرمان العدو الإسرائيلي من الالتفاف على الجزء الأيسر للقوات السورية وذلك من خلال تأمين القوات الأردنية الحماية لمحور درعا ودمشق والجناح الأيسر للقوات السورية .

(جـ) تثبيت القوات الإسرائيلية في الجولان بمساعدة القوات العراقية ومنعها من تطوير عملياتها الهجومية وإجبارها على التحول إلى وضعية الدفاع .

(د) تعميق مفهوم العمل العربي المشترك وتفعيله وتطبيقه على أرض الواقع .

وتالياً أسماء شهداء القوات المسلحة الاردنية في حرب 1973:

1- عريف عيد ثاني زويدي المفرق كتيبة الدبابات /4
2- عريف عبيدالله محمد محيسن البريكات الكرك كتيبة الامير عبدالله /1.
3- ملازم اول فريد أحمد عبدالحميد الشيشاني الزرقاء كتيبة الدبابات /2.
4- رقيب عبدالله عيد سليمان الغنميين معان كتيبة الدبابات /3.
5- رقيب رشيد راشد مسلم الرواحنة مأدبا كتيبة الدبابات /4.
6- عريف خلف عبدالله جلال السليمانيين معان كتيبة الدبابات /4.
7- جندي اول فضل خلف مطير الحديثات مأدبا كتيبة الدبابات /4.
8- جندي اول خلف سليم عيد حداد عجلون كتيبة الدبابات /4.
9- جندي اول عبد الرحمن محمد ثلجي مأدبا كتيبة الدبابات /4.
10- جندي علي موسى حسن المهاورة اربد كتيبة الدبابات /2.
11- جندي سالم كساب زعل الدبايبة عمان كتيبة الدبابات /4.
12- جندي اول محمد سليم علي المحاميد الكرك كتيبة الدبابات /12.
13- جندي محمد سليمان محمد حياصات البلقاء كتيبة الدبابات /4.
14- جندي محمد عبدالله علي شويات عجلون كتيبة الدبابات /4.
15- جندي مفلح علي عبدالله الصبيحات المفرق كتيبة الدبابات /2.
16- عريف عبد ربه عوض محمود الجيزاوي اربد كتيبة الدبابات /4.
17- عريف سعيد محمد عبدالله القضاة عجلون كتيبة الدبابات /2.
18- عريف جدوع سليم ادغيم السعدنين الطفيلة كتيبة الدبابات /2.
19- جندي اول محمود مطلق محمد النعيمات معان كتيبة الدبابات /4.
20- جندي اول شبيب محمد خلف الرحايمة اربد كتيبة الدبابات /4.
21- جندي راجي عبداللطيف قبلان مأدبا كتيبة الدبابات /4.
22- رقيب عبيد خلف الهيلم بني صخر مأدبا كتيبة الدبابات /4.
23- جندي اول سلامة محمد سليمان ابو راجوح مأدبا كتيبة الامير عبدالله /1.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات