المحظوظ و "مضبطة الليوان "


يعيش الأردن منذ فترة قصيرة حالة من الشرخ الاجتماعي " المقصود" بسبب تصدر صور مشاهد فساد سياسي منظم وسرقات و جرائم اقتصادية بدون محاسبة من خلال "المرايا المقعرة للحكومة" عبر تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي مما يشير الي خطر يهدد الهوية الثقافية الأردنية بمرور الوقت، ربما يجهلها او يصدرها، بعض من فريق اعلام حكومي مختص بالتلاعب في الرأي العام بهدف الهاء الشعب عن المأساة الكبرى لما وصل اليه الأردن من مديونية وفساد مقنن وقرارات اقتصادية سيئة ومواقف سياسية لا تتوافق مع أبناء الأردن وأهميته ومستقبله.

مشاهد تحتقر منجزات العقل الأردني، وتستفز أبنائه وتظهر عدم الاكتراث باي ثوابت أخلاقية وتساهم في ازدياد التوتر بين الجذور السياسية والثقافة الأخلاقية للدولة بمفرداتها وكان الشعب يعيش في احواش الادغال بلا قانون او عدل.

السؤال الي أي مدي يمكن ان يتحمل الشعب هذه الاثار والتطور المبتكر للفساد الذي تتغافل عنه الحكومة في حياتها اليومية لإدارة شؤون البلاد بعيدا عن قواعد تعاليم اخلاقيات الدولة التي عهدها الشعب تاريخيا، اين معاييرها ووسائل التفاهم مع جلس النواب لمحاربتها؟، الا يعني ذلك تهديدا لمشروعية مفهوم السلطة السياسية؟

وكما تغرد مطاعم الليوان، بفارق الأسلوب، وتعلن أن مطعم الليوان الدمشقي عراقة الحاضر واصالة الماضي، مطاعم الليوان من أفضل خمس مطاعم في السعودية، مطعم الليوان اشهي المأكولات والعروض في قطر، نجد تغريدات عن مطاعم ليوانية من نوع اخر، شعارها موائد الفساد على اشهاد العباد.

مطاعم سياسية تعتمد مفهوم استغلال القوة غير الشرعية، على سبيل الذكر لا الحصر، ينتهك بعض من يعمل بها التسامح بين السياسة والشعب ومؤسسة الحكم، بعمل بها عاملا بسيطا بدء برتبة متدنية يكوي الملابس ويعيش في مخيم لينتقل بقدرة قادر، اللهم لا حسد، الي متنفذ يقص الجبل له، وتفتح له الطرقات وتمدد له الخدمات من مياه وكهرباء لينتقل الي قصر بدر البدور، ويتملك أسهما في الشركات وتسجل مئات الدونمات بأسماء زوجته وأبنائه، دون أي تساءل: "من اين لك هذا؟".

سؤال بسيط وحق مشروع للحكومة التي أعلنت محاربة الفساد في الوقت انها تراه امام عينها وتتغاضي عنه وتغلق ابصارها. السوال لماذا ترك؟

الأدهى انه ليس اول او اخر من يقوم بذلك، وليس هو وحده، فقد شاهد الشعب الأردني نماذج شبيهه لمن سبقه في مواقع مماثلة، وكانت بداياته براتب لا يتجاوز مئتين دينارا ثم فجاءّ بعد خروجه من الوظيفة يعلن عن بيع بيتا له باثني عشر مليون دينار ثم يتبجحون أن المديونية وصلت الي ثلاثين مليار دينار، لا يعرفن تبريرا لها ولأسبابها الا اللجوء السوري والحرب على العراق؛ وعلى الشعب تحمل الضرائب الجديدة.

واعود الي المطاعم حيث أن كل مطعم من مطاعم الليوان يغرد على تويتر وفيس بوك ويقدم خدمات التوصيل للأفراد والعائلات والشركات وقد استوقفني الاسم طويلا لأبحث عن مفرداته لأجده يتطابق ويتشابه مع " الديوان ".

والليوان والديوان كلمة واحدة يختلف نطقها حسب اللهجات الفلسطينية وتختلف حسب مناطقها، لكن لا فرق بينهما. وفي اللغة العربية واللهجات فأن الالفاظ والمعاني تحتوي مفردات وأفعال ذات تشابه كبير حيث ان الديوان والليوان مفردات متداولة بينما في الكويت يطلقون على الديوان الحوش والديوانية وفي مصر هي السرايا.

واقصد انني لم أجد فرقا بين أي من المطاعم، فالليوان يوصل الطلبات ويغرد بها، والديوان يوصل الملايين ويغرد عنه.

في المطعم يجلس الزبون علي المائدة ويقدم له الطعام وفي الديوان يجلس المسؤول على مائدة الوطن ويقدم له ما لذ وطاب من أراض وشراكات مع مسؤولين دون ان يدفع فاتورته او حتى "بقشيش"/

الحكومة الحالية أعلنت محاربة الفساد، وأعلنت انها أرسلت نائب المدعي الي باريس لإصدار مذكرة جلب بحق من تري انه سرق الفوسفات وحتى يومنا هذا لم نجد أي نشرة حمراء على موقع الانتربول والتي تصدر برسالة خلال اقل من ساعة.

ونتساءل هنا، اليس أسهل عليها ان ترسل الحكومة مذكره يحملها مندوب مدعي عام الي منطقة بدر وهي الأقرب من بلاد الفرنجة للتحقق من شرعية الاموال وعدم وجود أي شبهه فساد لا سمح الله.

اليس الاسهل على الحكومة الاردنية ان ترسل في طلب للتحقق من اثنا عشر مليون دينار عن قصر وزير سابق في دابوق، علما ان هذا ليس به تذاكر سفر ولا مياومات ولا فنادق ولا استقدام مترجمة تتحدث الفرنسية للتخاطب مع شرطة الانتربول، ولن يكلف الحكومة أي مصاريف بل سيساهم في تنفيذ كتاب التكليف السامي بمحاربة الفساد.

لقد انتقل الأردن من حالة الفساد المقيد الي الفساد المطلق، حيث يتداول الفساد علنا دون أي تدخل او محاسبة من الحكومة. وظهرت جموع من المحظوظين اللذين لا يقربهم أحد ولا يسألهم عما يقترفونه في حق الوطن من سرقات او جرائم اقتصادية بحكم وظائفهم وقرارتهم.

رحمة الله عليه وزير الداخلية الأردني فلاح باشا المدادحة الذي كان يقول في حالات ذات طبيعة سياسية مشابهه "هيك مضبطة بدها هيك ختم ". للأسف تم تزوير الاختام وأصبح كل مسؤول يغزو بختمه المجتمع المدني والدولة بمفاصلها ومعه عناصر مؤيده يفعل ما يشاء. تلك هي سياسة السفاد الدائرة الان.

مطاعم الليوان تغرد بأشهى ما لديها من طعام ومشاوي والشعب الأردني الطيب الصامد يشوي يوميا وهو يشتهي كسر الخبز والشاي بينما يستمع مسؤولون يغردون "وصل البدر الينا".







تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات