القضية المرفوعة على الفنانة غادة عبدالرازق


انها الهمجية بعينيها...بل أنها الهمجية بأقصى درجاتها عندما تُسْتَبَاحْ حرمة المرضى و ظروف مرضهم القهري من قِبَلْ الذين لا يملكون الرقي و المعرفة و الثقافة و اللباقة و اللياقة و الإنسانية...ليصبح حق رفع القضايا كرباج يُجْلَدْ بِهِ ظهر المواطن و القاصي و الداني بالشارع المصري من دون بصيرة و حكمة و تروي و بصورة عشوائية...ليتحول الدين على يداي التشدد الأعمى الى وحش مخيف يضطهد إنسانية البشر بدل من ان يؤصلها بأنفسهم و يكون هو البلسم الشافي لجراح بني آدم كما كان المسيح له المجد حينما كان ينظر بعين الرأفة و الرحمة على اوجاع المتألمين و يَحِنْ عليهم و يشفيهم بالمجان...ففجأة يصبح جَلْد البشر و التطفل على حياتهم بناءاً على المظاهر أمر سهل و اصدار الأحكام المسبقة ايسر من البحث عن السبب و تصبح شريعة الدين مقصلة قابلة للإنزال على عنق على المذنب و البريئ...المرضى و الاصحاء...على المستحق و غير المستحق...نحن لا نعيش بغابة يأكل بها القوي البشر الضعيف فلا أفهم اسباب رفع القضية على الفنانة غادة عبدالرازق بسبب فيديو اتضح بعد عرضه بأنها سجلته و هي بغير حالتها الطبيعية...

لا أعرف الفنانة غادة على مستوى شخصي و لم تطلب مني كتابة هذا المقال...و لكن وجدت ضميري يتحرك لمشكلتها بعد أن شاهدت فيديو اعتذارها الذي شرحت به لجمهورها عن حالتها العصبية و النفسية و هي تسجل الفيديو المثير للجدل الذي أصبح جوهر القضية المخجلة المرفوعة ضدها. لا أعلم سوى القليل عن حياتها الشخصية و لكنني تذكرت بأنها قالت في برنامج اراب كاستنج في حلقة من حلقاته بأنها تتعالج من مرض الوسواس القهري. و اسمه باللغة الإنجليزية Obsessive Compulsive Disorder. و هو مرض نفسي يبدا مع الشخص بسن مبكر من الشباب و قد يلازمه لفترة طويلة من حياته و لكن ليعطل حياته بالكامل من دون مساعدة الطبيب النفسي...و كسائر المرضى النفسيين لا يعي من يعاني منه بأن العلاج النفسي ضرورة قسوة ليستعيد حياته الطبيعية...و المريض الذي يعاني منه يعاني من هواجس قهرية غير موجودة تتكرر في ذهنه لدرجة أنها تعطل حياته كليا؟! و قد تتمحور حول سلوكيات ايضا يشعر المصاب بأنه مجبور لصنعها أكثر من مرة مثل غسيل اليدين بصورة متكررة أو عد الأشياء لأكثر من مرة او تَفَقُدْ باب المنزل إذا كان مغلق بصورة متكررة أو تكرار عمل مُعَيًنْ لأكثر من مرة؟! و من يعانون من هذا المرض يجدون صعوبة مِنْ التخلص مِنْ الأشياء الغير مرغوب بها في منزلهم ايضا؟! و لا أنسى الذكر بأن بعض مِنْ مَنْ يعانون من هذا الوسواس قد يخالج ذهنهم أفكار الإنتحار؟! و هذه الأمور مع الأسف تتكرر كثيرا مع المريض لتتوقف حياته كليا عندها و قد تتاثر حياة الشخص بصورة سلبية جدا من هذا الأمر؟!

علاجه ليس بالأمر السهل و لكن ليس مستحيل إطلاقا. ففي أغلب الأحيان سيحاول الطبيب النفسي معرفة سبب هذا الوسواس ليبدأ علاج المرض فورا...و قد يتضمن محاولة الدكتور المختص تغير تفكير المريض السلبي الى تفكير ايجابي و قد يعرض المريض لمواقف قد تهيج هذا الوسواس في داخله ليحاول مساعدته بالسيطرة عليه و تخطي هذه المرحلة الصعبة بالكامل. و ينقسم الأطباء حول سبب هذا المرض، فيظن البعض بأنه عيب بالدماغ (مأخوذ من موسوعة أكاديمية1 مع كل أحترام و تقدير لكل المرضى المصابين بهذا المرض المرهق) بينما يظن البعض بأن الأمر له علاقة بالجينات الموروثة...و لكن بالمقابل يؤكد البعض بأنه نتيجة صدمة تلقاها المريض اثناء حياته المبكرة لذلك علاجه ممكن جدا بعيادة الدكتور. و الجزء الثاني من العلاج يتمحور حول سلسلة من العقاقير الفعالة التي تنشط مستويات السيراتونين في الأعصاب؟؟؟!!! و هذه العقاقير هي من عائلة عقاقير كبيرة و قوية المفعول تسمى مضادات الإكتئاب حيث تعطي لطَيْف واسع جدا من الأمراض النفسية التي لها علاقة بإضطرابات سلوكية قهرية شبيهة بالوسواس القهري...لذا لها اهداف علاجية متنوعة جدا منها تهدأت الأعصاب التأثير على كيميائية الجسد و كيميائية الدماغ ايضا مثل التي تعطى للوسواس القهري؟! و انواع قليل منها يمكن ان يصرف بدون وصفة طبية فالأغلبية الساحقة منها تحتاج الى وصفة طبية حيث يمكن ان يسبب عددا منها الإدمان مع كل أسف لأن بعض منها يحتوي على أكثر من هدف علاجي حيث يكون من بين تركيبتها الكيميائية مهدأت فعالة جدا؟! و يمكن للطبيب الذي يعالج المرضى من الوسواس القهري أن يصف مع العلاج الكلينيكي لمرضاه مضادات الإكتئاب هذه التي تساعد في استقرار السيراتونين في الجسد و الدماغ و مهدأت للوصول بالمريض الى الأستقرار المطلوب...و لكن في أسوء الظروف لا سمح الله...و بعد جلسات مكثفة من العلاج الكلينيكي و العقاقير إذا لم يشعر الطبيب بأن المريض يتسحن قد يلجئ الى عملية جراحية للدماغ في منطقة معينة ليحسن من اداء الجهاز العصبي عند المريض...و هنالك علاج جراحي يتضمن زرع أجهزة دقيقة في الدماغ تنظم عمل الاعصاب2...... اللهم الشفاء لكل المرضى يا الله...

أحببت ان أشرح للرأي العام ما حجم المشكلة التي تتعرض لها هذه الفنانة و لو بصورة عامة و حجم الضغوطات التي قد تتعرض له من جراء هذه العقاقير القوية التي تأخذها لكي تتعافى من مرضها...فلولا تصريحاتها و اعلانها بكل صراحة في برنامج اراب كاستنج بأنها تتعالج من هذا المرض لما كنت تجرأت و كتبت هذه المقالة الصريحة عن حيثيات هذا المرض المرهق...و اكرر بأنه ليس لدي تفاصيل دقيقة عن درجة اصابتها به و لكن النظرة الاولى لحيثيات هذا المرض تفيد بأنه يحتاج الى تماسك صاحبه قدر المستطاع و الى معنويات عالية جدا...فإنه مرض غير سهل، و رغم كل التحديات الصعبة التي تواجهها وجدت هذه الفنانة القوة في داخلها و القدرة لتتحدا الادوية التي تاخذها و تتحدا هذا المرض و لتخوض تجربة درامية ناجحة جدا و تقدم لنا عددا من الافلام و المسلسلات الرائعة مما يدل على روحها الرائعة كإنسانة و موهبتها الجميلة...و لكن بكل الظروف الفنانة غادة لها وضع خاص استثنائي يختلف عن غيرها و يجب ان يتم مراعاته حتى و ان نشرت الفيديو رهن الجدل فقبل رفع القضايا عليها و اتهامها بهذه الصورة العشوائية يجب مراعاة ظرفها الصحي و يجب التعامل معها بصورة محترمة اكثر من ما ارى حاليا بحقها، و يجب احترام انسانيتها كبشر و مرضها، فليس من المنطقي ان اقتحم حياة شخص يخوض معاناة مع المرض و اقذفه بسلسلة اتهامات بشعة من دون مراعاة لظرفه الشخصي ثم احاول لوي ذراعه قانونيا بهذا الشكل الهمجي في المحكمة...فما القيمة المرجوة من رفع قضية على مريض يحاول جاهدا الشفاء من المرض فهذه قمة البلطجة في ممارسة مهنة المحاماة...اين المنطق و التحضر و الانسانية من القضية رهن النقاش؟ هذه محاولة قتل لمسيرة علاج تخوضها هذه الانسانة و أتمنى بصدق ان تنجح هذه المقالة بازالة الغشاوة عن من يهاجم هذه الفنانة على صفحتها على الفيس بوك و غيرهم من الشخصيات بأن الحكم على الناس من الظاهر هو شيي سطحي جدا مع كل اسف.

انصف ضميري بهذه الكلمات التي لا اكتبها و اقدمها بصيغة ابيات شعر...و لا تتضمن صيغ اعرض فيها عضلاتي اللغوية و الأدبية او الاعلامية ليصفق لي الجمهور في المنطقة العربية و يشير باصبعه علي كما قد يطمح اي اديب آخر ... الله الغني عن هذا الطموح المريض العطش الى مديح الناس... بل اكتب هذه الكلمات كي انير الانفس التي اعماها الكره و التشدد الاعمى بأن قمة التحضر تكمن بإلتماس العذر لأخيك اذا صدر منه اي امر شعرت بأنه خطئ و بمخافة الله في ما نقول عن الناس و عن ظروفهم...فليس من كبير على المرض و الله يغفر خطايا البشر فلن نكون كبشر ناقص اطلاقا احسن من الله سبحانه و تعالى رب الكمال فنمسك لبعض زلاتنا...بل من الحكمة ان نتعظ من الحكمة الالهية في غفران الخطايا لنغفر لبعض...فالله غفور رحيم...



تعليقات القراء

اياد الشريف
بالله عليك انتا صدقتها يا زلمه بنات فلسطين لليوم بعانو من 100مرض نفسي و ما شفنا واحد تعب حاله بدراسه حالتهن ولا هن صورن حالهن بهيك وضع
15-07-2017 10:31 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات