حبر اسرائيلي!


اشد ماتستغربه هذه الايام ، ان يكتب من يسمي نفسه اردنيا مقالا في صحيفة اسرائيلية ، مستنصراً بالعدو مستجيراً به لايصال فكرة آثمة في جميع الاحوال.

حين تقرأ المقال الذي نشرته صحيفة جروسلم بوست ، التي تصدر في القدس المحتلة بالانجليزية ، وهي الصحيفة المملوكة لاسرائيليين ، والمعروفة بالعداء الشديد للاردن ، والعداء المعروف ايضا للشعب الفلسطيني ، تتمزق من الداخل غضبا وقهرا على ماوصلنا اليه ، فمن المُخزي جدا ان يأتي احدهم ليقول ان الاردن بلد عنصري ، وقائم على الفصل العنصري ، ويعبث بالتماسك الاجتماعي بين الناس بهذه الاكاذيب ، ويطرح خطيئة المحاصصة ، وكأنها هي اولوية الناس ، وكأن هذا الشعب مجرد ركاب حافلة ، وهناك صراع على توزيع الركاب على مقاعد الحافلة.

اساسا اخطر ماوصلنا اليه هو نظرية الاستبدالات ، "الاستبدال" في الحقوق ، و"الاستبدال" في القضية ، و"الاستبدال" في العدو ، وبدلا من قضية "الحقوق المنهوبة" على يد اسرائيل ، تصبح القضية قضية "الحقوق المنقوصة" في الاردن ، وبدلا من تحديد العدو بأسرائيل ، يصبح العدو هو الاردن. اي نضج هذا واي فهم لطبيعة الصراع والاولويات ؟؟ والفرق بين لحمك ودمك وعدوك ؟؟

المحاصصة تعني تعريف الاردنيين من اصل فلسطيني باعتبارهم طائفة منقرضة ، "كتلة فلسطينية" لها حقوق غائبة ، وتصير المطالبة للاردن بتعويضها نيابة عن اسرائيل ، ويصير خصمنا هو الاردني او الفلسطيني ، لافرق بدلا من الخصم الاساسي. من حق كل انسان ان يسعى ليصبح نائبا او وزيرا او عينا ، وهذا كحق فردي ، اما الحديث عن كتلة سكانية منبوذة ، فهذا تمهيد لتقسيم الاردن وتخريبه ، وكأن الاردن "ذبيحة العيد" الواجب تقاسمها بين الجميع ، والاردن لم يكن ولن يكون ذبيحة العيد ولااحد منبوذ فيه لنتق الله في انفسنا.

الاردن ليس خصما لاي محترم او واع ، واهل الاردن لا"طوائف هندية" منبوذة بينهم ، الذي يحترم مواطنته حقا يرحم البلد من هكذا مطالعات آثمة.

فوق كل هذا ، اين هذا الكلام المريض من واقع اجتماعي وحياتي تختلط فيه دماء الناس وانسابهم وعلاقاتهم وجيرتهم ؟ اين هذا الكلام من مشهد اجتماعي ينفتح فيه الجميع على الجميع ؟ ولو يرى هذا من تثور مرؤوته لاجل خاطر الاخر في اي قضية لعرف ان الفصل العنصري في ذهنه فقط ولايرى البلد مغلقة الا من كان مغلقا ومريضا ، ثم هل توقيت الكلام يختلف عن الساعة الصهيونية التي تريد حل مشكلة فلسطين على حساب الاردن ؟ كيف نقبل اساسا بمثل هذه الطروحات ، وهي لاتختلف عما تريده اسرائيل. هل مشكلتي اليوم ان اصبح متصرفا او مسؤولا عن زراعة الكرك او تربية الكورة؟

لماذا اغلبنا لايشعر بمثل هذه الامراض في بلد ستر اعراض الجميع وعّلم الجميع وحفظ كرامة الجميع وصان كل اهله ؟؟ اين هذا الحديث عن الفصل العنصري من دول يتم منع الفلسطيني فيها من التنفس والعمل والهمس ؟؟ويعيش مطاردا مكروها ؟؟ حتى سحب الارقام الوطنية لايعالج بهذه الطريقة الاثمة ، لان واحدا مثل شخصية احمد عبيدات خرج ليقول ان السحب يجب ان لايتم بقرار اداري ، وهو حافل بالمخالفات؟ هذا كلام محترم يقوله شخص محترم في مكان محترم ، ولاتجوز المقارنة اساسا مع من يقوله كدليل على الفصل العنصري ، ويتناسى تثبيت جنسية عشرين الفا ويقيئ كلامه هذا في صحيفة اسرائيلية. فلمن استمع انا.. ؟ هل استمع لتشخيص احمد عبيدات ام لمن يريد توظيف القصة لاثارة النعرات والكراهية والاحقاد وتشويه سمعة البلد وعلى مائدة اليهود ايضا متناسيا الاف الصفحات الطاهرة والبيضاء في علاقة الاهل ببعضهم البعض ؟؟

مثل هذا الكلام لاُيمثلنا اردنيين او فلسطينيين لانه يتطابق مع كلام اليهود الذين يريدون استبدال القضايا والخصوم والواعون فقط يعرفون ان الاردن ظهر فلسطين وظهر العرب ولايحق لاحد ان ينكره هو او اهله لان التاريخ لايرحم ، ومابين الناس ماهو اجل وارفع وارسخ من هكذا مهاترات مريضة تخرج بأسم من يدعي انه اردني او حتى فلسطيني على صدر صحيفة اسرائيلية ، ولو كان هناك ادنى شعور اخلاقي لما فكرنا بهذه الطريقة.لنتحدث اساسا عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية للجميع ، حق التعليم والعلاج والوظيفة لكل ابناء معان وعمان ولكل واحد فينا بدلا من تصغير الاردن ، وحشره في اطار وظيفة حكومية ، بات حتى ابناء العشائر يتركونها ويفرون منها الى مغتربات الدنيا.

الذي يريد الاستجارة باسرائيل على الاردن ، عليه ان يذهب ويتطوع في جيش الدفاع الاسرائيلي ، وينزل عن اكتافنا ، لان الاردن الطيب الذي نعيش فيه ونعرف اهله ، هو غير الاردن ، الذي يتصوره هذا ، ولايرى غيره.حتى تحرير فلسطين ذات يوم سيولد عبر الاردن ، وفي هذا نبؤوة اساسا ، بأن الاردنيين سيكونون شركاء في ذلك اليوم ، والاردن سيكون مهده ، ولااقصاء للاردن من التاريخ ولامستقبله.شخصيا ومثلي ملايين من شتى المنابت والاصول ، لايفكرون الا في العدالة الاجتماعية والاقتصادية ، ولانقف عند اسماء حملة المواقع ، لان كل مانبحث عنه هو الاداء النظيف والجيد ، وليس المنبت والعرق.

يالهذا العار ، حين تعبئ قلمك بحبر اسرائيل ، ويالفخري حين انصر دمي ونفسي ظالما ام مظلوما.

matir@addustour.com.jo
 
الدستور



تعليقات القراء

Asma'a Aliswd
شكرا على هذه المقالة الرائعة وهذه الكلمات المؤثرة.
لقد زرعو الفتن فيما بيننا وادخلو بيننا القيل والقال ومنعونا من السؤال ومعرفة الجواب ومع هذا فنحن اخوة واخوات.
وقبل ان يفرقوا بيننا بحواجز وهمية فنحن شعب واحد يرفض العنصرية فمهما كنا من مختلف جنسيات عربية فنحن دوما اصحاب القضية
فلن يفرقونا مهما كانت اسلحتهم حتى لو استخدمو اسلحتهم الذرية.,

18-07-2010 11:08 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات