حكومة الظل في الأردن واللعب بـ«الرديف»


الظل يبقى ظلا وأخطر ما فيه تكثيف السلطة بيد أشخاص لا يختلفون من حيث خطأ الحسابات المحتمل او التورط في الهوى الشخصي عن غيرهم ومعهم ميزة استثنائية قوامها أنهم غير مسؤولين امام مجلس وزراء او مجلس نواب أو حتى صحافة او مواطن ويمكنهم ببساطة إعادة البلاد لمناخ الاختباء خلف المؤسسات المرجعية.
تلك مسألة بكل الأحوال ينبغي معالجتها عندما يتعلق الأمر بالمشهد الداخلي الأردني حيث يزداد السؤال والاستفسار الحائر عن مبررات ومسوغات العودة الاجبارية لضغط الظل وقواه النافذة بعد الاسترسال في اختيار أدوات ضعيفة او غير مدروسة تحت عنوان تقاليد الاختيار المعهودة للوزراء والمسؤولين.
الحالة اصبحت عكسية تماما فالمتواجدون بصورة نافذة في ظلال المشهد يستثمرون في الضعف المشار إليه ويشتبكون مع الواقع الموضوعي في إدارة المسائل والملفات بذريعة ضعف وقصور الأداء، الأمر الذي يمكن عبره الإجابة على بعض التساؤلات العالقة بمعنى طبيعة الاختيار.
نفهم مما يجري وسط نخبة القرار والعمل السياسي ان فرق وخلايا الظل مضطرة للتدخل في التفاصيل كما حصل تماما في التعديل الوزاري الأخير على حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي وكما يحصل إزاء العديد من الملفات بهدف «تصويب المسيرة» وبتحفيز من مركز القرار للحرص والسهر على «كفاءة الأداء» وهو أمر مربك لأي رئيس حكومة او مجلس وزراء بكل الأحوال.
السؤال الذي تبدو الإجابة عليه صعبة هو ما يلي: إذا كانت الأدوات في فرق وخلايا الظل مبدعة وقادرة فعلا على العمل لماذا لا يتم تسليمها الحكومة بصورة مباشرة لمتابعة تنفيذ رؤية ملموسة ومنصفة لدوائر القرار من الواضح أنها تحاول صناعة مستقبل للأردنيين؟.
بمعنى آخر ما الذي يمنع تحويل الظل إلى الضوء وتسليمه الإدارة وإعفاء الجميع من الوطن للمواطن وحتى المؤسسة من تلك المماحكات والمنافسات واحيانا الازدواجيات في المعايير حتى تعمل السلطة التنفيذية بوضوح ويستطيع البرلمان إنجاز فروضه الوطنية والدستورية.
إذا انتقل الظل إلى الضوء ندخل جميعا في لعبة جديدة قوامها..من الذي يراقب أداء الظل عندما يلعب تحت الضوء؟.. تلك متوالية هندسية مريضة بالتكرار وتعيد في الذاكرة تنشيط فيلم سينمائي أمريكي شهير إسمه «عدو الدولة» وتطرح بطلة الفيلم في الختام السؤال التالي : من الذي يتولى مراقبة الذين يراقبون من يفرضون الرقابة على الناس باسم الدولة والقانون؟.
لذلك تبدو تجربة مثيرة أن يتولى الحكومة اولئك الأشخاص الذين يتولون تصويب بوصلتها والتعديل في مسيرتها من النافذين المكلفين بالتصويب والتعديل لأن مثل هذا التكليف «مطاط ومرن» بمعنى ان حدوده غير مرسومة ويمكنه ببساطة لو توافرت نوايا سيئة لا سمح الله العمل على شيطنة اي حكومة او إعاقتها بالحد الأدنى.
طبعا نفترض النوايا الطيبة بجميع من يعمل في القطاع العام في الأردن.
لكن الحكومات ينبغي ان يراقبها بعد الله والملك الناس وعليها ان تشعر بقدر من الاستقرار والاسترخاء حتى تستطيع اي جهة مراقبتها على ان من يتولى الرقابة هنا ينبغي ان يكون منزها عن الهوى الشخصي ومستعدا لاحترام الدستور.
والأهم والأخطر ان يكون قادرا فعلا على فصل رغباته ومصالحه الشخصية او القبلية او الشللية عن حدود المهمة أو الوظيفة التي يقوم بها وتحديدا عند مراقبة الحكومة وتصويب مسيرتها.
الحديث عن «وزارة الظل» في بلادي يجر على صاحبه العديد من الإشكالات فهي حكومات بنفس قصير خلافا للحكومة الأصيلة ورموزها لا تميل لتسليط اي ضوء عليها خصوصا من الصحافة لأن علبة الاتهامات هنا حاضرة وفيها ما يكفي من العيار الثقيل.
خلايا الظل الرديفة تقوم بعمل مهم احيانا وأزعم ان واجبها تقديم التقارير لصاحب القرار المرجعي وليس التدخل في السياق التنفيذي لأنها معفية من الرقابة وتتبع مركز القرار فقط.
لكن هذه الأدوات عندما تتحرش هي بالواقع العام وتبدأ بالحب والكره والتصنيف وتتواصل مع نوع رديء من الصحافة وعندما يغيب عنها الاحتراف بالاحتجاب وتتصرف خارج دورها ووظيفتها وتنطلق من تصرفات شللية ولها أصحاب واحباب.
عندما يحصل ذلك يصبح الحديث عن دور هذه الأدوات حقا مكتسبا لأي مواطن أردني ولا يمكنه باي صيغة ان يكون حديثا عن المرجعيات او نقدا لها لا سمح الله خصوصا وان مراقبة تصرفات الأدوات الرديفة يصبح في بعض الحالات مهمة وطنية اساسية تساهم في تصويب مسيرة هذه الأدوات لدفعها للالتزام بحدود الدور الذي يخدم الرؤية المرجعية ويبقيها في مستوى واجبها دون إنحراف او تزيد.
شخصيا اتعاطف وبقوة مع الوزير في الأردن لأنه لا يعلم لماذا اصبح وزيرا فجأة ولا يعلم كيف وعلى اي أساس لم يعد وزيرا.
إذا كنا قد أجرينا حسابا بسيطا سنكتشف بأن 11 وزيرا تقلب على وزارة النقل في السنوات الست الماضية.
بمعنى عمر الوزير بالمعدل كان سبعة اشهر فقط..لا اعرف عالما ولا خبيرا في قطاعات النقل يمكنه ان ينجز شيئا محددا في فترة زمنية بهذا المستوى ولا حتى ورقة عمل يحاسب على أساسها.
مثال آخر على الحيوية المفقودة الوزيرة الحالية للتنمية الاجتماعية تغادر مكتبها نفسه وتعود إليه اربع مرات في خمس سنوات دون ان تعرف لا هي ولا الرأي العام لماذا غادرت ولماذا عادت.
من يراقب المراقبين في الأردن؟..سؤال مهم وأساسي اليوم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات