البرلمان الاردني بين العنصرية و المواطنة


اتمنى صيام مقبول لكل من صام في رمضان، فالصائم يقدم عبادة لربه و الله تعالى خير من يكافئه على طاعته له...فالصيام من الله و الى الله و من يصلي يقدم هذه العبادة لله وحده و ليس لبشري او انسي و لا يحتاج الله الى واسطة الدولة او سلطات دينية ليتقبل طاعة احدا...فالله يرى الامور جميعها حتى التي يعملها البشر بالخفية فتتغنى بيقظته الخالدة جميع الكتب السماوية و هو العليم وحده بخفايا البشر و بما تخفيه مكنونات انفسهم جل جلاله...

نحن كمواطنون مسيحيون اقلية بالمجتمع الذي نقيم به. كنائسنا معدودة و معروفة اين تقع و نسمة رعايانا بالمملكة حتى انخفضت من 12 % الى 3% بحسب آخر الاحصائيات المتداولة ، و ربما يعود هذا الامر لأمور الهجرة و اشتداد رياح العنصرية المذهبية مع كل اسف على المنطقة مما يتسبب بفقدان العنصر المسيحي في المجتمع الاردني و في المجتمعات العربية عموما...و لعل هذا امر يجب على الدولة تداركه كثيرا قبل ان تقع الكارثة و نفقد كمملكة اردنية هذا التكوين المميز في البنية الاجتماعية المحلية...فلطالما كان المسيحي جنب الى جنب مع المسلم في تقاسم رغيف العيش و في الحياة المهنية في سوق العمل...في السراء و الضراء عشنا مع بعض في ألفة تغنينا بها طوال العقود السالفة من عمر دولتنا...بعكس بعض الدول العربية التي عصفت بها غباء العنصرية بوتيرة اسرع لتسأل نفسها عن اذا كان نموذج التعايش الاردني ممكنا في بلادها...فهذه نعمة اتمنى ان لا يفقدها الاردن الذي لطالما احتوى ما عجزت البلاد الأخرى عن المحافظة عليه...و لطالما قدم من الانسانية للعالم العربي ما اسهم ببلورة مفاهيم كثيرة راهن عليها اعداءنا بأننا غير قادرين على تقديمها...فلذلك لا يجب ان نسقط بامتحان التعايش لكي لا تفقد مملكتنا هذا الاختبار الذي تسعى بعض احزاب محلية و اقليمية لافشاله بكل تسرع و نوايا لئيمة من بلادنا...فنقاط العرق التي سقطت على الارض من جباه العمال الذين وقفوا بورش البناء ليبنوا البنايات و المجمعات في الاردن و مدننا لن يستيطع احد فحصها لنعرف ان كانت من جباه مسيحية ام اسلامية...و الدماء التي خصبت تراب ارض معركة الكرامة في الاردن لن يستطيع احد فحصها لمعرفة ان كانت نزفت من اجساد مسيحية ام اسلامية...فالشهادة قدمها الجميع لله و الوطن الذي يحمينا من التشرد و الذي يقدم لنا الماوى و الملاذ لنا و لاولادنا...و الطبيب لا يسأل ان كان مريضه مسيحي او مسلم...و لكنه يداوي الذي يراجعه بالعيادة لأنه اذا امتنع عن مداواة احد سيكون قاتل للنفس البشرية...لو تخيلنا ان هنالك طبيب يسير في سيارته وسط ازدحام الصباح و فجأة رأى حادث مروريا يحدث امامه. و كان هنالك جرحى بالحادث، فهل سيجري نحو الحادث و يسأل اولا اذا كان الجرحى مسيحيون او مسلمون ليداوي بعض الجرحة و يترك البقية تنزف حتى الموت؟ لا اظن ذلك فانتفاضة الانسانية في داخله ستدفعه ليداوي جميع الجرحى لأن هذا واجبه و ما ستمليه عليه انسانيته فهل هنالك طب يقتل البشر؟ بل هي مهنة علوم انشأها و طورها و سهر عليها روادها لمنفعة بني ادم و للارتقاء بجودة عيش البشرية الى الاحسن...المواطن الاردني قدم الكثير لبلاده لان هذا حق الاردن علينا فالارض حينما تعطي ثمارها لا تسأل الزارع اذا كان مسيحيا ام مسلما...بل تعطي ثمرها لان هنالك يد حنونة زرعتها، و الشمس حينما تطل علينا من وراء الافق الواسعة و الرحبة ليتلاشى كحل الليل من امام اشعتها الدافئة و لتوقظ العصافير النائمة في اعشاشها...فحينها تغتسل بندى الطبيعة الذي يرطب اوراق الاشجار من حولها و يعلو تغريدها في الوديان و الغابات الخصراء.... يغتسل الظبي بخطواته الرشيقة تحت خيوطها الذهبية حينما يسرع نحو بحيرات الماء العذبة في ربيع لا يستأذن حينما يورد الا الشتاء البارد...يدفئ قلوبنا بلوحاتها الفاتنة حينما تورق اغصان الاشجار و تتفتح وريقات الورود الناعمة و تزدان بحلة ألوانها البهية ...احمر و ابيض و زهري و خمري...يقطفها بني آدم ليستمتع بعطرها الجميل ...و لكن هذه الورود المنثورة بأناقة بين زرع الغابات النضر و التي تحبس انفاسنا في طبيعة الرحمن و تغذي شعورنا بالجمال هل تسأل عن ديانة من يستنشق عطرها الفواح و يستمتع بجمالها؟ قطعا لا فإنها هبة ربانية لبني البشر موجودة حول مسكونة البشر لأن الرحمن خلق للانسان و اعطاه بوفره منذ بزوغ فجر بني آدم على وجه الكرة الارضية منذ ألأف السنين...لأن الله كرم بها انسانية البشر قبل ان يخلق الديانات السماوية و يرسل انبيائه برسائلهم المقدسة...ام هل امطار الرحمن في الخريف و الشتاء و الربيع تمطر فقط على المنطقة العربية و لا تمطر على الدول الاوروبية و الامريكية؟ هبات الله لا تميز بين انسان و انسان و بلاد و بلاد لأنه إله غير عنصري و هو محب للبشر لذلك اعطاهم من نعمه الكثير و لم يبخل علينا بشيئ...فاليتمجد اسمه دائما و ابدا...

نحن مازلنا في صلب موضوع هذه المقال، و لكن مع ارتفاع اصوات المتعصبين في المملكة و في البرلمان و الذين يطلقون في خطاباتهم النيابية تصنيفات عنصرية لا ينبغي ان يستخدموها اطلاقا ليرسلوا رسالة واضحة بأنهم لا يمتلكون فهم اطلاقا للعمل النيابي...فالنائب في الدولة يمثل المواطن الاردني (اي شخص يحمل الجنسية الاردنية) في الدائرة التي ترشح عنها...و في الدرجة الثانية يستطيع ان يمثل المواطنين من دوائر آخرى اذا تعذر عليهم الاتصال بنائبهم لاسباب قهرية او غاب هذا النائب عن العمل النيابي لاسباب قهرية...او اذا تعين برسوم حكومي و تكليف بهذه الدائرة اصافة لدأئرته الاصلية....و النائب هو من يمثل مصلحة مجموعة مواطنين بصرف النظر عن ديانتهم و انتماءاتهم المذهبية او العقائدية...لأن الدستور ينطلق من المواطنة ليعطي الجنسية و الحقوق المتساوية لكافة مواطنين المملكة بصرف النظر عن ديانتهم. فبند ان دين الدولة الاسلام لا يعني ان الدستور يميز بين مسيحي و مسلم لأن الجميع يتمتع تحت بنوده بكافة حقوق المواطنة و على سبيل المثال لا الحصر كحق للجنسية الاردنية و للتعليم في المدرسة و الجامعة و حق في رعاية صحية و حق في الترشح للانتخابات النيابية اذا توفرت شروط الترشح به و حق في التعين و حرية التعبير عن الرأي و حرية ممارسة شعائرهم الدينية و حق في الضمان الاجتماعي ليحصل على راتب تقاعد و حقوق نهاية خدمة مدنية و حقوق كثيرة آخرى الخ...كل هذه الحقوق يتمتع بها المسيحيون و المسلمون معا دون تميز...لأن دستورنا ديمقراطي "لا يميز بين مسلم و مسيحي"، هذا يفهم من منظومة البنود التي تمنح للمواطن الاردني كل هذه الحقوق و غيرها و هذا هو الحاصل على ارض الواقع فبناءا عليه حتى رؤيته العامة ديمقراطية....فعذرا يا من تضعون المصطلحات العنصرية في خطاباتكم.."ناس ابسمنة او ناس ابزيت، مسيحي و مسلم...الخ" انتم تنتهكوا الكثير من القوانين في الدستور الاردني و لا تلتزمون بعملكم كنواب دستوريا...فالنائب يمثل مصلحة المواطن و الوطن و لا ينهمك بالاشارة للمواطن الاردني بناءا على ديانته اطلاقا...الوطن و المواطن كلمتان لهما نفس الجذر...وطن...فلا تجزأوا و تقسموا وطننا هكذا . فالوطن واحد للمواطن الاردني و هذا انطلاق عمل اي نائب يريد ان يعمل في مجلس النواب حتى بارقى الدول الديمقراطية..لا اكثر و لا اقل

ارى ايضا بقانون منع الاكل بالشارع في رمضان خطئ كبير. فما القيمة المرجوة من منع الطعام و الشراب في الشارع بينما تتوفر المواد التموينية في البقالات على مدار الساعة و في الاسواق و السوبرماركتات و في المتاجر كافة...و هي محلات مفتوحة امام المواطنين بصورة دائمة. فآلاف الصائمين يدخلونها قبل الافطار للتبضع. منظر الطعام على الارفف قد يستفز شعور الصائم مثله مثل رؤية الآخر يأكل امامه. و ماذا نقول عن برامج الطبخ على الفضائيات التي تبث قنواتها من حول الوطن العربي و يتابعها المواطنون كافة في الاردن و في كل البلدان العربية...فجميعها تبث طيلة ساعات و ايام شهر رمضان برامج طبخ و شف يطبخ امام المشاهدين و هم صائمون؟؟؟ ألا تستفز هذه البرامج التي تتضمن اشهى المأكولات شعور الصائم؟ فمع كل هذه المغريات من حولنا هل منع الطعام و الشراب في الشارع و في الاماكن العامة امر مجدي؟ لن تفرق مع احدا. فنحن كمسيحيون نصوم في الربيع اربعين يوما و لا احد يراعي شعورنا و يمنع الطعام من امامنا في الاماكن العامة و في الشارع...و مع هذا نصوم بكل طاعة و محبة الى الله بصمت و من دون ان نسبب الازمات بالمجتمع ... او بغير ذلك هل سنطبق نظرية رواية 1984 للكاتب جورج اورويل و نلاحق الناس حتى في بيوتهم كحل من الحلول عن طريق اجهزة مراقبة و تنصت لنمنعهم ايضا من مشاهدة برامج الطبخ منعا لاستفزاز مشاعرهم كصائمين؟...و لنراقبهم ماذا يفعلون حتى في حرمة بيوتهم؟...و كما تقول نفس الرواية "الأخ الأكبر يراقبك؟" ....يجب ان نسأل انفسنا اسئلة كثيرة حول ما نشرع في دولتنا و اذا كان مجدي ام لم يعد كذلك فالحياة تتغير كثيرا من حولنا و المناسب بالأمس قد لا يكون مناسب اليوم...الى اين نتجه؟ بالضبط...

هذا رأي شخصي اطرحه للرأي العام فالمجلس النيابي هو كقلب الدولة النابض و لا يجب ان يصيبه المرض او الداء اطلاقا...بل يجب ان يبقى بصحة و عافية كي تبقى الدولة في صحتها. هو مكان مقدس للسياسي يمارس به نشاطه السياسي لتمثيل الناس و ارادتهم عند المجلس الوزاري في الدولة...فارجوكم ايها النواب....ان تتيقنوا بأن مثلما يراكم المواطنون الاردنيون نواب فقط تمارسون مهنتكم تحت قبة هذا المجلس الطاهر بادلوا المواطن الاردني نفس نظرته لكم...بأن المواطن هو مواطن فقط كي تسلم بلادنا من شر ما يحاك للمنطقة و لكي اشعر كمواطن اردني بانتمائي السياسي للدولة...و الله و مصلحة الاردن القصد دائما.



تعليقات القراء

عبد الله الخالد
الكاتب مرتبك جدا ... فلذلك كثرت أخطاؤه الاملائية .. وتدخلاته في شئون المسلمين ..
ومع ذلك فالوطن للجميع .. وهؤلاء الذين يفرقون بين المواطنين هم جهلة المسلمين والعلمانيين منهموالحداثيين ... وهذه المسألة بالذات لا تعالج الا بمزيد من الاسلام وفهمه .. لقد حكم اللاسلام الف سنة ولم يهدم كنيسة أو كنيسا ,, ولم يظلم الاقليات .. بل فتح المجال أمامهم فصاروا أطباء الخلفاء والشواهد كثيرة ..
25-06-2017 02:35 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات