ينتشر الأطفال دون العاشرة في الشوارع والأزقة وكلما شاهدوا أحد مفطر يتبعونه على شكل مجموعات ويشرعون في الغناء بصوت مرتفع :
يا مفطر رمضان يا عايف دينه
كلبتنا السمره تجرجر مصارينه
يهرب الرجل يهرول تارة وتارة يركض بعزم للاختفاء خوفاً من التوبيخ من الكبار وفجأة يختفي عن الأنظار.

الجدير بالذكر بأن هذه الأغنية التراثية جاءت متناغمة تعكس الصورة الحقيقية لثقافية اسلامية ووعي تام حيث اختيار الكلمات جاء بحجم الأغنية وتأثيرها فالخطاب للمفطر الذي فرط في ركن مهم من أركان الاسلام وهو الصوم لذلك جاء اختيار الكلمات قاسية تتناسب مع الجرم:
1-( يا عايف دينه )وهي تشديد في الخطاب ومن عاف شيء تركه وترك الصيام ذنب عظيم .
2- (الكلب الأسود) وهنا تغليظ وتشديد فاختيار الكلب الأسود لم يأتي من فراغ فهو الحيوان المكروه كما ورد في قصص الانبياء عندما سأل سيدنا موسى ربه من تكرهه؟!قال: الكلب الأسود فذهب سيدنا موسى الى عمق الصحراء وربط كلب أسود وعاد اليه بع شهر فكانت المفاجأة حيث وجد عند الكلب ماء وعشب لتتجلى حكمة الخالق في كلمات أنا خلقته وأنا متكفل في اطعامه يا موسى وكذلك اختيار اللون الأسود وهو دلالة على الوحشية والقوة .
3- (تجرجر مصارينك) وهنا اختيار موفق حيث تم اختيار الأمعاء أداة الهضم والحاضنة للطعام الذي استبيح في رمضان.
صور راقية نرصدها من تراثنا المعاني تجسد علم ودراية ومنطق.

من كتاب أغاني المناسبات- محمد عطاالله المعاني.