في الفترة الممتدة من عام 1850-1955م كانت تسجل دور الكتاتيب في معان تميزاً من خلال التركيز على حفظ القرآن الكريم حيث جرت العادة أن تمارس طقوس تسمى (الختمة) اذ عندما يقترب الانتهاء من الختمة يبقي (الخوجا) المعلم بعضاً من السور القصير حيث يتجمع الأطفال وقد أعدوا العدة لاحتفال بهيج فحين ينتهي الطالب من قراءة سورة الناس يهرع بعض الطلبة الأقويا بأخذ عقال الطالب ويسارع من فاز بذلك لبيت الطالب حيث سيفوز بشيء من النقود على اننا نجد بأن الأطفال يزفون الطالب من المدرسة(الكتاتيب) إلى بيته تحفهم بهجة وسرور وغالباً ما يرتلون القرآن حيث تقوم بعض العائلات الميسورة بتقديم النقود للأطفال ولدى وصولهم يقوم والد الطالب باعداد الطعام لمن شاركهم فرحتهم الجدير بالذكر كانت معان زاخرة بالكتاتيب اذ اشتهر منها عدة كتاتيب جاءت كالتالي: الشيخ علاء الدين المحتسب والشيخ عبدالكريم الرواد والشيخ عبدالرحمن المحتسب والشيخ عبدالقادر أبو جري والشيخ عبداالله العزب والشيخ عبدالوهاب القرامسة والشيخ داوود أبو صالح والشيخ وهبي الحجازي . عمد الشيوخ إلى القسوة والشدة في معاملة الطلبة للوصول لنتائج مرضية حيث روى أحد الأشخاص بأن الشيخ عبدالرحمن الرواد كان يقوم بانزال الطفل في البئر وتغطية البئر والابقاء على ذلك لبعض الوقت ومنهم من كان يستخدم الفلقة وهي عبارة عن خشبة اسطوانية بطول متر ونصف مثقوبة من طرفيها ومثبت فيها حبل يمسك في كل طرف منها طالب قوي وبعد أن يتم وضع أقدام الطفل بين الخشبة والحبل يتم لفها بحيث تكون القدمان حبيسة لا حراك فيها حيث يشرع الخوجا بالضرب بعصا طويلة بلا رحمة ولا هوادة مما يجبر الطفل على قضاء ما تبقى من يومه بالدراسة والحفظ ( حضرت الكتاتيب في عام 1963م عند الخوجا عبدالقادر أبو جري يوم واحد وعند مشاهدتي أحد الطلبة وهو في حالة اغماء بعد أن انهال عليه الخوجا بالضرب المبرح لم أعد ثانية ) فالمشهد لا زال ماثل أمامي يبعث في نفس الخوف والهلع.
كانت في معان معلمة واحدة لتعليم الاناث وهي زوجة الشيخ وهبي حيث تعلمت القرآن عبر السماع فذات مرة حرق الطعام وعندما استفسر الشيخ عن السبب قالت له زوجته بأنها حفظت القرآن حيث كانت تصغي له من خلف السور فما كان منه الا أن خصص لزوجته فترة لتعليم النساء في معان.
كتاب معان أيام زمان
محمد عطاالله المعاني