إذ يكرم أردوغان أو يهان


بالاستفتاء الذي يجرى في تركيا إما أن يكرم أردوغان أو يهان. حيث يفترض أن يصوت الأتراك اليوم (الأحد ١٦/٤) حول مشروع النظام الرئاسي الذي دعا إليه الرئيس التركي، وبمقتضاه يتغير نظام الحكم القائم هناك منذ إعلان الجمهورية في عام ١٩٢٣. ورغم أن استطلاعات الرأي تتحدث عن أغلبية بسيطة تؤيد الانتقال إلى النظام الجديد، إلا أن الأمر لن يحسم إلا بانتهاء فرز أصوات الأتراك في داخل البلاد وخارجها. وإذ يفترض أن يحسم الفرز النتيجة، إلا أنه لن ينهي التوتر والتجاذب الحاد بين مؤيدي التغيير ومعارضيه حيث أزعم أن تأييد مشروع أردوغان سيفتح الأبواب لعديد من المشكلات التي تواجه النظام الجديد. أما إذا لم يحصل على أكثر من ٥٠٪ من الأصوات التي تسمح بتمرير المشروع، فستواجه تركيا مشكلات وقلاقل أخرى قد تضطر أردوغان إلى إجراء انتخابات جديدة. وفي كل الأحوال فإن تداعيات الفوز أو الخسارة ستشكل نقطة تحول ليس في تاريخ أردوغان فحسب، ولكن في مسيرة المجتمع التركي أيضا.

أنصار الانتقال إلى النظام الرئايي يقولون إن تركيا عانت طويلا في ظل الائتلافات الحكومية سيئة السمعة، وهو ما ظهر جليا في تتابع تشكيل ٦٥ حكومة خلال فترة ٩٣ عاما، بمعدل حكومة كل ١٧ شهرا ــ وترتب على ذلك أن البلد لم يعرف الاستقرار السياسي والاقتصادي إلا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية منذ عام ٢٠٠٢. وكان لذلك تأثيره المباشر على مؤشرات التنمية في المجتمع. يضيفون أن تركيا التي باتت مؤهلة للانضمام إلى أهم ١٠ دول من الناحية الاقتصادية في العالم، تحتاج إلى نظام سياسي مسقر يضمن لها الاستقرار، كما تحتاج إلى إدارة حكومية قوية وناجزة. وذلك ما يكفله النظام الرئاسي، الذي تصبح السلطة في ظله برأس واحد وليس رأسين (بعد إلغاء منصب رئيس الوزراء). كما يوفر فرصة مواتية لتشكيل حكومة متجانسة تقود عملية الإنجاز إلى جانب الرئيس.

المعارضون يحذرون من مغبة توسيع صلاحيات الرئيس في النظام المقترح بما يضعف من ضمانات الديمقراطية ويفتح الباب لاحتمالات عودة الدكتاتورية في المستقبل. إذ يقولون إن الرئيس سيكون له حق إعلان الطوارئ وعقد الاتفاقيات، وسيعين الوزراء وقادة الجيش ونصف أعضاء المحكمة الدستورية ومحكمة النقض والهيئة العليا للقضاة. وفي الوقت الذي ستتضاعف فيه سلطاته، فإن البرلمان سيصبح في موقف أضعف لأنه لن يكون بمقدوره سحب الثقة من الحكومة أو من أي وزير فيها. علما بأن الدستور الجديد لا يشترط حصول الحكومة على ثقة البرلمان أصلا.

التقارب بين نسب المؤيدين والمعارضين يوحي بأن المجتمع التركي منقسم حول المشروع. ورغم أن ذلك يعد استباقا يمكن أن تعصف النتيجة به، إلا أن ذلك لن يلغي حقيقة الانقسام، الذي بمقتضاه يقف حزب العدالة والتنمية الحاكم ومعه اليمين المحافظ والقومي في جانب. أما اليسار العلماني والأكراد والعلويون فإنهم يقفون في الجانب المقابل.

المعارضة التي يقودها رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو ما برحت تحذر طول الوقت من الأخطار التي تترتب على التصويت بنعم لصالح النظام الجديد، وتقف إلى جانبها في ذلك بعض الدول الأوروبية (ألمانيا وهولندا)، التي اتهمها أردوغان بالتآمر على بلاده وتأييد الإرهاب، ممثلا فى جماعة فتح الله كولن. وحزب العمال الكردستاني. وفي مؤتمر جماهيري كبير عقد في أنقرة أخيرا قال كليتشدار إن النظام الجديد يؤدي إلى تسييس الجيش والقضاء والمساجد، وهي مجالات يفترض أن تكون مفتوحة للناس جميعا. وفي حالة التصويت بنعم على الانتقال الدستورى، فإن ذلك سيوفر الذريعة للانفصال في تركيا وتقسيمها.

طوال الأشهر التسعة الأخيرة (منذ محاولة الانقلاب الفاشلة) احتدمت المعركة حول النظام الجديد التي شاركت فيها كل القوى السياسية، واليوم حان الوقت لكي يقول الشعب كلمته.



تعليقات القراء

إلى الأخ المحرر
لقد ظهرت النتائج و فازت "نعم "
.51.3.% نعم
48.6 % لا
16-04-2017 09:39 PM
محمود جرش
السلطان والدولة العثمانية قادمة لا محالة
17-04-2017 06:30 AM
السيد الخطير
نظام رئاسي يحسن اقتصادي ويعيشني برفاهيه، افضل من نظام برلماني فاشل ما وراه الا السرقه والكذب وتفقير الناس واذلالهم!

شو يعني ديموقراطيه وحكم الشعب اذا بده ينتج عنه فشل وتخلف وسرقه وفساد وكذب ودجل؟؟ قال شو الديموقراطيه تقوي الحياه السياسيه! تقوي الكذب والنفاق والانشقاق والسرقه والفساد..عمري ما شفت ميزه مفيده في الديموقراطيه! كلها فساد في فساد..
18-04-2017 06:59 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات