التوجيهي الأردني أو امتحان الثانوية العامة، أيقونة التعليم الأردني التي كاد أن يعتبرها الأردنيون جزء من الموروث الثقافي، تغير كل شيء تغير التعليم ومفاهيمه ولم يتغير التوجيهي، وواجه في السنوات الأخيرة خيبة التردي وانتشار الغش، حيث أوكلت إعادة الهيبة للتوجيهي للوزير السابق، والذي أعجبه الأمر وأخذته العزة بالمديح، وذهب إلى جعل إعادة الهيبة للتوجيهي كل شيء، مع أن الأصل أن يعاد النظر بنظام التعليم العام، الذي يوصل طلبة أميين إلى هذه المرحلة، وكان يفتخر بما فعلة!!

مع أن النتائج لا تدعو للافتخار إذا علمنا أن نسب الرسوب الحقيقية لا تتجاوز 28% وتقل عن ذلك بكثير في بعض الفروع، وتجرع الجميع الكأس مع رجل لا يسمع إلا نفسه كما يقولون، ونتج عن ذلك جيش من الطلبة الذين لم يحققوا متطلبات النجاح، مع أن المجتمع يسميهم (الراسبين والفاشلين، والساقطين....) وقد لا يكونوا كذلك، إذا علمنا أن بعض الطلبة معدلاتهم مرتفعة وتنقصهم علامة في مساق ما، وقس على ذلك، وأصبح الوضع، وزير انتشى بمديح إعادة الهيبة.

وحقيقة تقول أن نظام التعليم العام يعاني ومخرجاته ضعيفة، واحدث ذلك خلل في المجتمع الأردني من خلال الآلاف من الطلبة الراسبين، وهذا وضع المجتمع والشباب الأردني على المحك، ودفع الشباب نحو مجهول ينتظرهم، وليس اقله الانحراف، والتنظيمات الإرهابية التكفيرية والمخدرات وغير ذلك، أضف إلى ذلك تعطيل طاقات الشباب دون وجه حق، وعدم وضع أي حلول لمشكلة خلقتها سياسات عقيمة، والتنظير من وراء المكاتب ومنصات المؤتمرات بتوجيه الطلبة نحو التعليم المهني، مع أن المدارس المهنية ومراكز التدريب ومؤسسة التدريب تعاني من مشاكل وأمور كثيرة، ولو تم توجيه جميع الراسبين نحو التعليم المهني، لن تجد لهم عمل، لان سوق العمل لدينا لا يحتاج كل هذا الكم، ولان التأهيل ليس في المستوى، ولان سوق العمل غير محمي أمام الأردنيين في ظل منافسة غير عادلة من اللاجئين والعمالة الوافدة، إضافة إلى معضلة أرقت العائلات الأردنية، خاصة إذا كان لديها أكثر من طالب راسب، يجلس في البيت دون عمل، يخرج للمجتمع محطم النفسية، يعاني نفسيا هو وعائلته، وبعضهم أصبح شخصا سلبيا بسلوكيات غريبة، معطلين عن العمل والدراسة لان معاليه مصر على رأيه، ماذا يضير أن يعيد الطالب التوجيهي إلى أن يحقق متطلبات النجاح، فقط حافظ كوزارة على رصانة الامتحان وشفافيته، واعمل على تجويد التعليم العام وسيصبح الامتحان امتحان عادي لا يحتاج لكل هذا التطبيل والتزمير، كذلك يجب الابتعاد عن كون التوجيهي المعيار الوحيد لدخول الجامعات.

لن احكم على التوجيهي الجديد الذي أعلنه وزير التربية والتعليم الجديد،إلا بعد دراسة المقترحات الجديدة بشكل وافي، وبعد أن نعرف النتائج في السنوات القادمة، فالتعليقات تتوالى، البعض يسميه توجيهي 5 نجوم، والبعض يقول أن هذا تم بضغط من الجامعات الخاصة الكثيرة في بلدنا، والتي وصل بعضها حد الإفلاس، وتم تسريح الكثير من أعضاء الهيئات التدريسية منها، لكنه في النهاية اقتراح يستحق الدراسة والتنفيذ للخروج من عقدة التوجيهي، مع المحافظة على رصانة الامتحان وشفافيته كما أسلفت.
وبما أن كل العائلات الأردنية وأبنائها يعانون ومنذ سنوات من كابوس التوجيهي وما يصاحبه من إرهاصات وآثار سلبية، فقد يكون الاقتراح الجديد خطوة على الطريق الصحيح، تلغي بعبع التوجيهي، وتجعل منه امتحان عادي مثل كل الامتحانات، وان لا يعطى كل هذه الطبيعة المهددة للطلبة والأهالي، من خلال تعليمات لا تغلق الأفق أمام الطلبة ولا تضعهم في زاوية ضيقة وكاننا نحاربهم، وكذلك توجيه الجامعات لعمل امتحان قبول للطلبة الجدد وغيرها من المقترحات بعد تمحيصها.
من هنا لا أرى أن هنالك أي مبرر لوضع العقبات أمام الطلبة لتخفيض علاماتهم، لشراء هاله وهمية لا يملكها الامتحان كما كان يتم في التوجيهي بوضعه السابق.

لنجرب المقترح الجديد وكذلك الاهتمام بالامتحان وتنفيذه، مع التقدير لوزير التربية الحالي، الذي اخذ على عاتقه حل مشكلة التوجيهي، والانطلاق نحو جعله امتحان غير مؤرق للأهالي وأبنائهم، وفي النهاية لا يجب الاصطفاف المطلق مع نظام التوجيهي أي الحالي(أبو هيبهِ) ، ونحن نرى انه بوجوده لم تتغير نتاجات التعليم العام والتي هي مدخلات الجامعات، بل إنها في اضعف أحوالها، شجون كثيرة ستصاحب هذا المقترح، وأظنه نظام خلاق قد يعطي نتائج أفضل إذا ما تم تنفيذه بسلاسة وحصافة تحافظ على نوعية الامتحان ومخرجاته.....حمى الله الأردن.