التشحيط الحكومي ..


عندما يمارس جاهل مستهتر تياسة التشحيط بسيارته الخاصة, ويُضبط حتى قبل ان يؤذي أحدا, فإنه يُغرّم ويُجرّم ويمثل أمام القضاء على اعتبار ما قد سيكون من ايذاء او احتمالية ما قد يقع من خسائر للناس والممتلكات العامة, وبالقانون والنظام, وهذا طبيعي وضروري,

أما عندما تمارس الحكومة غير الرشيدة ولا الراشدة, والظهر الحمرا, وعلى عينك يا شعب, كبيرة التشحيط السياسي والإقتصادي والإداري, ويصلون بنا الى حد الهاوية وفوهة البركان, بمديونية من عشرات المليارات, والتي تقارب حدّ الناتج المحلي العام, وعجز موازنة بنصف مليار, وأسعار سلع وخدمات لا سقف لها ولا حدود منظورة, بينما تخفض سقف الحريات والتعبير عن الذات والرأي الى ما دون سقف المكان, وتهدد المخالفين بالقضاء والحبس والغرامات,

وعندما تراكم الحكومات المتعاقبة, مليارات من الدين العام, ابتلع الفساد وربما عشرات او مئات فقط, من البطون الجرباء الفاسدة التي لا تشبع جلّها, وتحاول بعدئذ جبايتها من بقايا رمق المواطن, الذي لا يوصل الى الموت المريح, ولا يكفي لحياة كريمة معقولة, هي حق المواطن ونتاج جهده وعرقه, وعندما يضيق أفق هذه الحكومات الى ما حول الصفر من حلول, ولا تتفتق قريحتها الا عن مزيد من الضرائب ومزيد من الجباية ومزيد من إثقال كاهل هذا المواطن الصبور العزيز, الى حد الإنتحار وحرق النفس والأشياء التي حرم الله, وعندما تعجز هذه الحكومات عن ترك ولو كوة أمل واحدة او سراج طريق نحيل واحد, لغد الشباب ومستقبل الأجيال اليافعة, تدفع عنهم غول القنوط وشياطين الإحباط, ودولارات الإرهاب والتطرف القذرة,

وعندما تحجم أو لا تستطيع, كل وزارتنا وهيئاتنا المستقلة ومجالسنا الوطنية ولجاننا الملكية والرسمية عن تلّ تيس فساد واحد الى القضاء, واسترجاع ولو دينار واحد من أموال هذا المواطن المنهوب, وعندما يصبح للفساد منظومة ذاتية الحركية والدفع وذاتية الحماية والتمترس, وعندما يطلب صاحب الولاية العامة من الشعب القيام بمهام أجهزته الرسمية الرقابية والتنفيذية, وتسمية الفاسدين وتوريدهم او توثيق فسادهم, وعندما يصبح ممثلونا ممثلين علينا, ولا يهمهم الا البلع والعطاءات والامتيازات الشخصية, وعندما تنظر الحكومة لمقاطعة المواطن للغلاء ومحتكري قوته وخدماته البسيطة, على أنه الخطر الداهم والخروج على القانون, فقد بلغ التشحيط السياسي والإداري والإقتصادي قمة القمم, ووصل الفشل بإدارة الدولة وقيادة سفينها الى بر الأمان وحل المستعصي من مشاكل مواطنيها وضنك عيشهم, الى ذروة وحدود الثقب الأسود الذي يبتلع كل شيء, والى حيث لا نفهم لماذا يبقى هذا التشحيط الرسمي بلا عقاب او مسائلة أو ردع أو إقامة الحدّ؟

وعلى هذه الأعتاب المظلمة, وفوق هذا الشفير الرهيب من الخوف وانعدام الضوء في آخر النفق, وتفشي الجريمة والمخدرات والسلاح وتجارة الرذيلة والخاوات والسطو والنصب والاحتيال, مضافا لتغيّر وتخلخل البنية الديموغرافية المجتمعية الأردنية وحيثيات سوق العمل, وبتراكم مضطرد ومنذ عقود, فإن الأقرب للسؤال والاستفسار: الى متى سنستطيع ممارسة ترف الحديث عن الأمن والأمان في ظل الحرب اليومية لتأمين لقمة العيش, لصغارٍ لا تفهم ولا يضيرها, ولا يضيرها مشاريع النووي العظيم الأوحد, وتسمين وتنمية أرقام الدين والعجز العام, على حساب تنمية الموارد والإقتصاد, ولا تدرك أبدا ولا بالحد الأدنى, مصطلحات البنك الدولي والنقد الدولي, , ولا من استدان ولما استدان ومتى استدان وأين ذهب المستدان؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات