حرية التعبير في الأردن عندما يتم إسقاط سقفها .. ماذا عن النتائج والتداعيات !؟"


أجزمُ انّ غالبية المتابعين للشأن الأردني الداخلي والخارجي على السواء، لم يفاجأوا،بسلسلة الاعتقالات الاخيرة التي حصلت لنشطاء وشخصيات وطنية أردنية ،والتي تزامنت مع حديث الحكومة الأردنية ،التي اعلنت عن نيتها إصدار تشريع مختص بوسائل التواصل الاجتماعي في الأردن ،وبذرائع جاهزة تتمثل في منع بث خطاب الكراهية والفتنة والتحريض ومس السلم المجتمعي عبر هذه المنابر الالكترونية ،في المحصلة هذه الاعتقالات وذلك الحديث لم يكن الأول ولن يكون الأخير بمسلسل التضييق على الحريات العامة بالأردن، فهناك قوانين كثيرة في الأردن تجرم الصحافيين والإعلاميين والنشطاء الأردنيّين ،في بلد أصبح فيه للفساد وللفاسدين حماية من قبل لوبيات وأشخاص ومسؤولين.

بالنسبة لي كمواطن أردني وتزامنآ مع زيادة حدة التضييق على الحريات العامة بالأردن،اتوقع تزايد كبير في حالات اللجوء السياسي في الأردن للإعلاميين والصحافيين والنشطاء بسبب الممارساتٍ الخاطئة، التي تمارسُها بعض الأجهزة والمؤسسات المرتبطة بالنظام السياسي الأردني اتجاه الإعلاميين والصحفيين والنشطاء الأردنيين، فهناك اليوم العشرات من التقارير والدراسات المحلية والعربية والدولية التي تؤكد أنّ الأردن خلال العقد الأخير على الأقلّ، بدأ يتراجعُ بشكلٍ كبير على سُلّم الترتيبات والتصنيفات العالمية للدول الديمقراطية، فهنالك اليوم حالةٌ غير مسبوقة من التعديات على حرية الآراء والتعبير، وغيابٌ شبهُ كامل للممارسة الديمقراطية الشعبية، وكلُّ هذا يتمّ وسط حالة من التضييق الأمني والسياسي على حرية الإعلام والإعلاميين.

اعتُقل عددٌ كبير من الصحافيين والكتّاب في العام المنصرم، وحتى الفيسبوكيين في الأردن، وتحت ذرائع كثيرة، تحميها للأسف قوانين وتشريعات رجعية قاتلة للحرّية، كما تمّ فصل العديد من الكتّاب والصحافيين من أصحاب الرأي الآخر، المعارض لجزءٍ من سياسة النظام السياسي والحكومة الأردنية من أعمالهم الحكومية التي يعتاشون منها، وهناك مجموعة من الضغوط المعيشية التي يتعرّض لها اصحاب الرأي الآخر، وهذا طبعاً يدخلُ من باب الترويع لكلّ شخصٍ، يُعارض سياسات قمعية تُفرض على الشعب العربي الأردني.

في الأردن اليوم ،نرى تضييقاً كاملاً على حرية الإعلام تزامناً مع استمرار بعض الدوائر والأجهزة التي تدور بفلك النظام الأردني بإقرار قوانين تضييقية على حرية الإعلام والصحافيين والإعلاميين والكتّاب، وعلى كلّ شخص يُخالف رأي وتوجهات النظام السياسي والحكومة في الأردن، فاليوم نرى بشكل غير مسبوق، تضييقاً كاملاً على حرية الإعلام، وهنالك عشرات القضايا المنظورة أمام القضاء، والتي يُحاكم فيها إعلاميون وصحافيون اليوم في المحاكم الأردنية، والهدف هو ترويع وترويض الإعلام ذي الرأي الآخر.

ختاماً، إنّ فتح ملف الحرّيات و الإصلاح في الأردن، يحتاجُ إلى وقتٍ طويل ومقالات عدّة ودراسات عديدة، لتسليط الضوء على حجم القمع الذي تمارسهُ الحكومة الأردنية ومن خلفها بعض أقطاب النظام الحاكم، وبعض الأجهزة الأمنية على حرّية الإعلام ذي الرأي الآخر الذي يخالفُ توجهات النظام السياسي والحكومة، وعلى هؤلاء بمجموعهم، أن يعلموا أنّ كثرة الضغط ستؤدّي آجلاً أم عاجلاً للانفجار، وهذه دعوة مفتوحة ومستمرة للنظام السياسي الأردني، للتعقل بأفعاله اتجاه من يخالفه الرأي، فالتلويح بالقبضة الأمنية والتهديد بمنع لقمة العيش، قد تجدي نفعاً في الوقت الحالي، ولكنها على المدى الطويل، سترتدّ بشكلٍ سلبيّ على الجميع، فهل سنرى، أسلوب تعامل ديمقراطي وعصري من قبل النظام السياسي مع الإعلام ذي الرأي الآخر والبدء الفعلي بمعالجة ملف الحريات العامة؟ سننتظر الآتي من الأيام…

*كاتب وناشط سياسي – الأردن.
hesham.habeshan@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات