خواطر عن انقراض الصحف و المجلات الورقية


التقطت سماعة الهاتف ذات يوم و سألت عن احوال مجلة ورقية كنت سأكتب لها في يوم من الايام، و لكن تواجهت مع واقع مرعب بعض الشيئ...شاء القدر ان انشر مقالاتي وقتها مع مجلة تابعة لمجموعة آخرى كانت مهتمة جدا بقلمي. فأذكر تماما بأنني في عام 2008 التقطت عددا لها لأتصفحه. كنت ابحث عن وسيلة لأخفف بها حالة التوتر التي عصفت بكياني منذ ان دخلت عيادة لطبيب اخصائي، فكنت بزيارة دورية طبيعية له بعد اصابتي بحالة من التهاب الحلق نتيجة لبرد الشتاء القارص و ما يجلبه معه من امراض رشح و انفلونزا. و اذكر ان العدد كان دسما اذ احتوى على مواضيع متنوعة ثقافية و فنية و آخر صيحات للموضة الرجالية و النسائية. استمتعت بالعدد كثيرا فتبين لي ان هذه المجلة بخير و لها متابعيها و عشاقها. مرت فترة ثمانية سنين على الأقل بعد هذه الحادثة انتشرت خلالها خلويات السامسونج و الأي فون من شركة آبل و تعملق استخدام الحاسوب المحمول بصورة صخمة ليصبح البديل المثالي للحاسوب الثابت...و انتشرت على الانترنت الصحف الالكترونية بصورة ضخمة جدا. و لأجل الصدفة كنت قبل شهر بزيارة لمصفف الشعر الذي اعتدت على حلاقة شعري عنده. و رأيت عددا لهذه المجلة بتاريخ 2013. كان عبارة عن مهزلة كبيرة اذ تقلص حجم العدد و اصبح فقط عن الازياء و الموضة...حتى اختفت منه المقالات الثقافية و استبدلها الناشرون لبعض المقالات عن اخبار الفن...مع كل اسف

لاحظت ان هذا اصبح الحال مع عدد من المجالات حينها و الذين احتفظوا بداسمتهم الثقافية هم فقط المجلات القديمة التي لها باع اقليمي طويل بالمهنة...بعد اطلاعي على حال هذه المجلة المحلية التي كان لها شأنها بالماضي القريب عدت الى منزلي و اتصلت بالمجموعة التي كانت تملكها و سألت عن ماذا حل بها...فقالوا لي بأنها اغلقت ابوابها منذ سنتين. سألت عن السبب فقالوا لي بأن حجم مبيعاتها قل كثيرا بسبب المواقع الاخبارية و الثقافية الالكترونية على الانترنت؟؟؟

هل دخلنا بالعصر الالكتروني فعلا من دون ان نعلم؟ هل حلت مكان الصحف الورقية المواقع الالكترونية بسلاسة و من دون ان نشعر بذلك؟ هل اصبح رفيقنا مع فنحان القهوة في الصباح و المساء الخلوي الذكي و الحاسوب المحمول و الجلسة الساعية لسماع الاخبار على الفضائيات بصورة مطلقة ليطوقنا بذلك الموقع الالكتروني و التكنولوجية الفضائية بصورة كاملة و بذلك تكون الضحية الصحيفة و المجلة الورقية؟ ام هل ستبقى تصدر كتقليد عند بعض المؤسسات العملاقة لنقول بأن من اسسوا هذه المفاهيم هم جيل الورقة و القلم و قدموا لنا البديل عنهما لننسى الورقة و القلم و نعتمد في القراءة و الكتابة على لوحة المفاتيح و صفحات إلكترونية وهمية؟ اخافني هذا الأمر فعلا حينما لاحظت ان فعليا في الاردن حلت هذه الظاهرة و نسينا تقليد اضحى تاريخ لامع يذكروننا به اجدادنا رواده و تاريخ نوه عنه بأنه قادم بالمستقبل حينها و لكن لم نكترث للأمر في اوله حينما دخل بلادنا ربما في اول عقد التسعينيات حينها، فقدم نفسه لنا بصفته الحاسوب الثابت من فئة بنتيوم...في ايام كان اقتنائه معجزة و ثروة و دلالة على التحضر و الدخول بزمن التكنولوجية...

اصبح التوقيع يختزل في عالمنا على اوراق البنك الشكلية او على دفتر للشيكات و الكتابة حادثة تلهث لها الالسن على انها نادرة و حدثت، و الصحيفة و المجلة الورقية كمعروضات المتحف في زوايا المكتبات و عيادات الاطباء و محلات تصفيف الشعر و الآتي قد يغير مفاهيم اوسع لنقل الحدث و المعلومة و قد يصبح تعلم الكتابة في المدارس لا داعي له و مختصر على تميز الحرف على لوحة طباعة هاتف ذكي او حاسوب محمول...فدخول العالم الالكتروني الذكي ليحل مكان الورقيات في حياتنا بصورة جوهرية سيجعل بعض اساسيات التعليم تبدو غير جوهرية و غير ضرورية...و قد تحدث نقلات نوعية اكثر من هذا فمفهوم تناقل الخبر و الثقافة و الحركة الاعلام تغير كثيرا بسبب التكنولوجية الذكية و عصر عصف بحالنا و بعالمنا لتتغير نظرة مجتمعنا كثيرا حول وسيلة التعاطي مع الحياة كثيرا....

أظن انه علينا ان نفكر كثيرا بما يحدث قبل ان نتطور في مسيرتنا الثقافية. فالسؤال هو ليس عن التطور نفسه...و لكن عن ما سيغير من مفاهيم في مجتمعما و كيف سنتأقلم معه و ما التغيرات التي ستحدث معه...فالمشكلة ليست فقط بصحيفة توقفت عن الصدور بهيئتها الورقية لتصبح إلكترونية على الانترنت بل بالتغيرات بمفاهيم حياتية كثيرة و ما تجلبه معها و كيف سنتعامل معها و كيف سيتأقلم اولادنا معها...فآخر مرة امسكت بها ورقة و قلم و كتبت بها مقال من مقالاتي اصبح تاريخ و كان في عام 1991...فاستخدم الحاسوب في عملي ككاتب منذ عام 1992 و الهاتف الذكي منذ ثلاثة اعوام...و هنا مربط الفرس...بأنها اجهزة اصبحنا عاجزين عن التخلي عنها لأنها اصبحت ضروريات حياتية...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات