الاستمطار في الاردن فشل بعد فشل


نفذت دائرة الارصاد الجوية يومي الخميس والجمعة من هذا الشهر طلعتين جويتين لغرض إستمطار السحب، كانت طلعة يوم الخميس مخيبة للامال حيث لم تتجاوز أعلى كمية للهطول 1.8 ملم في اقصى الشرق في منطقة الشوبك، و1.4 ملم في راس منيف، أما أغلبية باقي المناطق فكانت أعشار أو نقاط. أما يوم الجمعة فنفذت طلعة أخرى كانت السماء ليلة الخميس وصباح الجمعة كانت الامطار تهطل مدرارا. وللتذكير عن التجربة السابقة التي تمت في أذآر الماضي بعد ثلاث طلعات جوية كانت أيضا مخيبة للامال حيث لم تتجاوز أعلى كمية للمطر في منطقة حوض سد الملك طلال 2 ملم. وتعليقا على هذه النتائج، أي نجاح هذا الذي تتحدث به إدارتنا؟ أعلى هذه الارقام المتواضعة ستتم الدراسات الإحصائية؟ وهل هذه الارقام تحتاج إلى مدة جيدة لتحليلها فالمكتوب مقروء من عنوانه، ثم ألم يكفي أحد عشر شهرا لتحليل نتائج التجربة السابقة التي تمت في اذار الماضي؟
إذا كانت الادارة تعتقد أن الامطار التي سقطت نهار الجمعة هي نتيجة الاستمطار فهي واهمة أشد الوهم. فالدراسات العلمية تقول إنه من الصعوبة بمكان التفريق بين المطر الهاطل طبيعيا والمطر الهاطل بفعل الاستمطار ، ولن تستطيع الدائرة تقديم الدليل على ذلك.
نقطة جوهرية وأساسية تمت في كلا التجربتين السابقة والحالية وهي إنهما تمت في غياب ركن أساسي في عمليات الاستمطار ألا وهو وجود الردار الجوي، فمهمة الردار الجوي هو أخذ القياسات الضرورية من داخل الغيمة وتحليلها لمعرفة الغيوم القابلة للاستمطار، لانه ليس كل أنواع الغيوم صالحة للاستمطار.كذلك فإن من واجبات الرادار هو توجيه الطائرة نحو الغيوم القابلة للاستمطار. فكيف تمت كلا التجربتين بغياب هذا الركن الاساسي؟ سؤال لست بحاجة للإجابة علية فأنا أعرف الجواب. ليس معنى هذا الكلام أن وجود الرادار يعني استمطار ناجح.
أين المردود على أرض الواقع من هذه التجارب التي تكلف الدولة الاف بل ملايين الدنانير تنثر هباء في الهواء؟ هل الدولة بحاجة إلى هذه الخسارة في الاموال على هذه التجارب التي يلاحقها الفشل تلو الفشل أم أن الحكاية عنزة ولو طارت؟
لقد بينت في أكثر من مقال أن أغلب مشاريع الاستمطار، أقول مشاريع وليس تجارب فشلت في زيادة الهطول المطري على أرض الواقع. وأول من فشل في هذا المضمار هي دائرتنا في منتصف الثمانينات وبداية التسعينات حين عملت الدائرة لمدة قاربت عشر سنوات على مشروع إستمطار السحب في ظروف هي أفضل مما هي عليه الان، لكنها بعد هذه المدة الطويلة لم تحقق الهدف المرجو من الاستمطار، والمعلومات المناخية المسجلة لتلك الفترة تؤيد ما أقول، إضافة إلى شهادة من عمل في هذا المشروع من مدراء وعاملين، ولم تأخذ الادارة الحالية الدروس والعبر من هذه التجربة
ثاني الدول التي أقرت بفشل مشاريع الاستمطار هي دولة الكيان الاسرائيلي التي عملت على هذا المشروع لاكثر من خمسين سنة، أقرت في النهاية بفشل الاستمطار في زيادة الهطول المطري على أرض الواقع، وصرحت بأن الاستمطار ما هو إلا خرافة ، ومن يود التأكد من ذلك يمكنه الاطلاع عليه من خلال شبكة الانترنت.
ثالث الدول التي تنشط في حقل الاستمطار هي دولة الامارات العربية المتحدة، وللحقيقة فإن هذه الدولة لديها برنامج ضخم للاستمطار يعمل به خبراء من عدة دول ويتوفر فيه كافة الامكانات الفنية والمالية. أقول ذلك بعد إطلاعي على تقرير عنوانه (Rainfall Enhancement Assessment Program) for the period of 2001-2005
ومن يطلع على هذا التقرير الضخم الذي تتعدى صفاحاته ال 650 صفحة يرى الجهد الكبير الذي تبذله هذه الدولة في هذا المضمار. فالتقرير يسرد بأدق التفاصيل الخطوات التي تمت لتطوير هذا المشروع من حيث توفير كافة السبل لانجاحه ، لكن التقرير يحجم عن ذكر النتائج المتحققة على أرض الواقع. إضافة الى فشل كل من عمان والمغرب في مشاريع الاستمطار،وعلاوة على ذلك يقول البروفيسور بيرنارد سلفرمان من جامعة كولورادوا والذي عمل لفترة طويلة في المشروع التايلندي في بحث منشور أن الدول مثل جنوب افريقيا وتايلند والمكسيك إن لم تقدم أدلة مادية تثبت فرضية حقن السحب ستبقى هذه التكنولوجيا غير مثبتة.
هذه نماذج لدول لم تحقق نتائج إيجابية في مشاريعها لزيادة الهطول المطري ، علاوة على العديد من الدراسات العلمية التي قامت بها جامعات ومعاهد علمية من عدة دول ليس هدفها الربح المادي وإنما من أجل الوصول إلى الحقيقة العلمية.هذه المراكز أشارت في العديد من الابحاث إلى الفشل التام لابحاث الاستمطار تارة وعدم اليقين تارة أخرى مما يؤشر على عدم الجدوى من السير في مثل هذه المشاريع. والاهم من ذلك ما صرحت به منظمة الارصاد الجوية منذ زمن طويل حول رأيها في السير في هذه المشاريع والتي لا زالت عند رأيها فيه لغاية كتابة هذه السطور ، والذي يتلخص في أن المنظمة لا تستطيع تقديم نصيحة إيجابية للدول الراغبة في العمل في مثل هذه المشاريع وكل ما تستطيع تقديمه هو سؤال مختصين في هذا المجال لا تتحمل المنظمة أية تبعات عن إجابة هؤلاء المختصين.
من الجدير ذكره أن الدول التي تشغل مثل هذه المشاريع توفر أفضل الامكانات الفنية والادارية والمالية ، ويأتي في مقدمتها الكفاءات الفنية في العديد من التخصصات العلمية مثل تخصص فيزياء وكيمياء الغيوم إضافة إلى المتخصصين الاكفاء في تحليل الصور والقراءات المستلمة من محطات صور الغيوم وأجهزة الردار .أعود فأقول اإنه ليس كافيا توفر جميع الامكانات للحصول على مشروع استمطار ناجح، فدول عديدة توفر لها مثل هذه الامكانات ومع ذلك فشلت في مشاريع إستمطارها.
موخرا خرجت علينا حكومتنا وعلى لسان معالي وزير النقل بالبدء بإستمطار الغيوم حسب التقنية الالمانية . وحول هذه التقنية أكتفي بما صرحت به منظمة الارصاد العالمية المرجع الوحيد لجميع دول العالم لشؤون الطقس والمناخ حول هذه الطريقة حيث أشارت بالقول كما هو واضح من وثائقها بما يلي
It should be realized that the energy that involved in weather systems is so large that is impossible to cloud systems that rain, alter wind patterns to bring water vapour into a region, or eliminate severe weather phenomena.
والذي يعني إستحالة تخليق أنظمة سحاب لتعطي مطرا أو تغير نمط الرياح التي تجلب بخار الماء إلى المنطقة أو التقليل من الظواهر الجوية العنيفة.
كما أورد ما قاله أحد خبراء الطقس المعروفين في مجال الاستمطار السيد ريولف بروتنيجز حول هذه التقنية
"It is very sad that rain enhancement by methods that have no scientific basis (or at least have never been exposed to a scientific evaluation.
أي أنه من المحزن الخوض في الحديث عن تحفيز الهطول بطرق لا يتوفر لها القاعدة العلمية أو على الاقل لم تعرض للتقييم العلمي إطلاقا.
كم كان مجديا لو تم الاستفسار من دولة الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر حول النتائج المتحققة من إستخدام هذه التقنية وخصوصا دولة الامارات كونها جربتها منذ عدة سنوات قبل البدء باستخدامها هنا.
إنني والحزن يكتنفني على المشاريع التي تقوم بها الحكومة والاستمطار مثالا فأقول إنه لن تقوم لنا قائمة إذا كان الذي يجري في مشاريعنا يشابه ما يتم في مشروع الاستمطار ،حيث لا مقومات ولا أسس علمية ولا دراسات ولا بنية تحتية ، وكل ما يجري هو على طريقة الفزعة، ويؤسفني القول عليه العوض ومنه العوض
أخير اقول لحكومتنا الرشيدة وأناشدها أن تنفذ ما تصرح به دائما بأن الهدر في الاموال العامة هو إعتداء على جيب كل مواطن . فإلى متى سيستمر هذا الهدر على هذا المشروع الفاشل الذي لم يحقق أي نتائج لغاية الان. هل ستستمر التجارب إلى ما لا نهاية؟ ويستمر الهدر ، في الوقت الذي نسمع فيه زيادة الدين العام والطلب بترشيد النفقات.
حمى الله الاردن من كل عابث وأدام عليه الامن والامان تحت قيادة مليكنا المفدى حفظه الله ورعاه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات