استراليا البعيدة القريبة !


في الوقت التي كانت تجرى فيه مناقشة البيان الوزاري لحكومة الدكتور هاني الملقي تحت قبة البرلمان ، كان جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في زيارة لاستراليا التي تشكل حالة خاصة من الجغرافيا والتاريخ والتنوع السكاني ، بل من الحالة الأكثر غرابة لدول الكومنولث التي يتشكل نظامها السياسي من حاكم يمثل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية ، بناء على تنسيب من الحكومة البرلمانية المنتخبة ، ويتمتع بسلطات واسعة ، ولكن بالتشاور مع الوزراء في جميع الأمور .

لست بصدد الحديث عن الدستور الاسترالي ومجلسي النواب والشيوخ ، وكيفية اتخاذ القرارات ، ولكن من الملفت أن نقاشات مجلس النواب ليست معلنة ، ويكتفي المجلس بنشر قراراته ، ويبدو أن الفكرة تقوم على تكامل السلطات ، ومسؤولياتها المشتركة .

تحت قبتنا سمعنا كل ما يقال ، وما لا يقال ، ورأينا المطالب جبالا من التراكمات ، وحملا ثقيلا يصعب على حكومة أردنية القيام بها ، ولولا أن طبيعة لغتنا الجميلة تسمح بوضع عناوين مختصرة لكل حديث ، لكان الكلام مشكلة صعبة في حد ذاته ، والقضايا أكبر من حجمها ألف مرة !

ومع ذلك فالأردن يبدو أكثر واقعية وقيمة سياسية عندما نراه في أعين قادة الدول وكبار المسؤولين فيها ، وممثلي القطاعات المختلفة الذين احتفوا بجلالة قائدنا احتفاء العارف بأهمية بلد صغير بالمقارنة مع استراليا القارة الجنوبية الكبيرة ، وبالدور الصعب والمعقد ، والمسؤوليات الجسام التي يتحملها قائد مسيرة بلدنا .

كل من قابله جلالة الملك بدءا بحاكم استراليا بيتر كوسغروف ، ووزيرة الخارجية جولي بيشوب ، مرورا بزعيم المعارضة ، والقادة المدنيين والعسكريين ، أظهر الاحترام والتقدير للأردن الذي يقف صامدا في منطقة انهارت فيها الدول كأحجار الدومينو ، وفوق ذلك تحمل من أعباء اللجوء السوري ما لم يتحمل غيره من الدول المقتدرة ، وهو شحيح الموارد ، ومسيرته التنموية تتعرقل بالتطورات الإقليمية ، ويخوض في الوقت نفسه المعركة ضد الإرهاب ، ويصون حدوده من الحرب المشتعلة من حوله .

استراليا البعيدة ، تقترب منا بالاحترام ، وبقدر معقول من المساعدات ، وهي ليست وحدها التي تعترف بالعبقرية الأردنية ، وتتخذنا مثلا على ترسيخ قواعد دولة متينة رغم الصعوبات والتحديات ، وعلى تحقيق انجازات لو أخضعناها لمبدأ النسبة والتناسب لكانت أكبر من كل التوقعات .

بصراحة ، أسعدتني تصريحات المسؤولين الاستراليين الذين أشادوا فيها بقائدنا وبلدنا فقد تجاوزت المجاملات إلى الحقائق التي تعرفها استراليا ويعرفها العالم كله ، وبقي أن نعرفها نحن قبلهم جميعا !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات