اسطوانة العنف الجامعي!


(1)

كتبت العديد من المقالات، كما كتب غيري من الزملاء والكتاب خلال السنوات العشر الماضية حول العنف الجامعي وما زال الألم يعتصرنا جميعا أن نرى نفرا من تارة إلى أخرى من أبنائنا الذين انحرفت بهم السبل إلى ما لايحمد عقباها. إسطوانة العنف الجامعي أصبحت بما تحمله من محتوى أسود حالك الظلام يعكس ضيق الأفق الذي ينتهجه البعض غير آبه بانعكاساته وإفرازاته الخطيرة التي تأتي على كل ما تم بناؤه وإنجازه، فكم هو مؤلم أن يتكرر العزف على هذه السيمفونية الممجوجة؟!. لنعترف أننا مدانون ومقصرون في البيت والمدرسة والجامعة والشارع ومكان العمل تجاه هذا السيل الجارف من العنف لفظا وسلوكا وتصرفات وللأسف في كل المستويات بعد أن فقدنا التوازن في كل شيء.
إن آثار العنف السلبية والخطيرة أصبحت تمتد هنا وهناك، ولغاية الآن لم يكن هناك طرق وقائية وأخرى علاجية ناجعة لاجتثاث هذه الظاهرة من جذورها مما يدعو كل واحد منا أن يأخذ دوره وبمنتهى أمانة المسؤولية لاجراء الدراسات الميدانية والأكاديمية والتوجيه التربوي الفاعل ووضع الحلول العملية ومشاركة الطلبة أنفسهم في مثل هذه الدراسات ومناقشة ارائهم. لأن الدور المناط بالجامعات التي تشكل ركنا مهما من البنى الأساسية في رسم مستقبل الوطن لتأخذ دورها الفاعل والمؤثر في مواجهة هذه السلوكيات السلبية مما يتطلب أيضا التقييم والمراجعة بعمق وشمولية ومنهجية واضحة من خلال تصويب الأخطاء وتشخيص مواطن الضعف والخلل ومعالجتها أنى وجدت. فهل نبدأ وبدون تردد ولا خوف وبدون تأجيل أو تسويف لتـأسيس قيم اجتماعية تتفق مع التجديد الحضاري ولا تتعارض مع قيم الأصالة والتخلص من السلبيات الاجتماعية التي ما زالت تعشش في الأذهان ومنها ما شهدته بعض الجامعات من عنف وخروج عن أعراف وتقاليد الحرم الجامعي خلال السنوات العشر الماضية.
(2)
صحيح أن هناك حكماء في مجتمعنا الاردني، وقادة فكر جامعي وتربوي في وزارة التعليم العالي، وفي جامعاتنا يتألمون لواقع الحال كتبوا ودعوا إلى وضع حد لهذه المهازل التي تحدث من وقت لآخر في بعض جامعاتنا، ولكن مازال هناك تدخل سلبي يقف حائلا أمام الحلول والمقترحات. كم جاهة توجهت لتعالج مشكلة حصلت بين مجموعات من الطلبة مستهترة بأعرافنا الأكاديمية وتقاليد العشيرة النبيلة التي تدعو للإخاء والتسامح ولكنها إنقلبت فيها الموازين على عقب فأصبحت تأخذ طابع العصبية العمياء والجاهلية الجهلاء وتركنا الساحة للبلهاء والمتهورين والموتورين ليقودنا جنونهم الى نفق مظلم لانعرف له حدا أو مدى وأنطبق على حالنا القول المأثور "مجنون رمى حجر في بير ... مية عاقل ما بطلعه" ... إن هذا البئر ليس لمجموعة مستهترة فهو لنا جميعا والكل يشرب منه ولا يجوز بحال من الأحوال السماح للمجانين والسفهاء ومثيري الفتنة في تعكير صفاء مياه هذا البئر وتلويثها.
نعم سيدي دولة الرئيس لقد ذهبنا بمؤسساتنا التعليمية الى منعطف خطير وأصبح الامن التربوي والتعليمي في خطر فهل نحن قادرون على اعادة الهيبة لأمننا التربوي والتعليمي الذي هو جزء لا يتجزأ من منظومة أمننا الشامل؟ نعم يا دولة الرئيس انني أطالب كأكاديمي وغيري الكثيرون من العاملين في العمل الأكاديمي والجامعات أن نعيد لمؤسساتنا هيبتها بفرض سلطة القانون واحترام سيادة الدولة الأردنية لان الحلول الجزئية وعمليات الترقيع والمجاملات في مثل هذه القضايا لم تعد تجدي نفعا فلا جاهات تفيد وتحل المشكلة من جذورها مع احترامي لجهودها الخيّرة في ظل غياب هيبة الدولة وسلطة القانون ... حيث ترك الامر في الشارع للزعران دون أن نجد من يردعهم عن زعرنتهم ... وتركت الامور في الجامعات لمجموعات من بعض الطلبة دخلوا الجامعات وآخر شيء يفكرون به هو تلقي المعرفة والعلم وهم يستعرضون ممراتها بعضلاتهم المفتولة وانحدارهم القيمي والسلوكي وانغلاقهم الفكري باسم الحرية الشخصية التي هي الفوضى والعبثية والاستهتار بعينها .
(3)
لنعترف أن هذه الظاهرة التي غزت معظم جامعاتنا بشكل ضروس هي إمتداد لعقلية مجتمعية تتصف بضيق الأفق وبثقافة نمطية بالية، فما الذي يجري ونحن نرى نفرا هنا يشهر سيفه معتقدا أنه يخوض معارك البطولة والتضحية ونفرا آخر يرفع سلاحه هناك في وجه أخيه وابن بلده دونما رادع أو خجل من النفس؟ ماالذي جرى ونحن نرى أبناءنا ينزلقون نحو الهاوية ويجرون معهم مؤسسات تم بناؤها بجهد أبناء الوطن كافة؟ ألم يساهم المجتمع في ذلك وهو يجد لهم المبررات في ضرورة إحتواء الموقف عن طريق التوسط في عدم تطبيق الأنظمة والتعليمات وإلحاق العقوبات بهؤلاء الموتورين الذين أسأوا لأنفسهم ولوطنهم وطعنوا مؤسساتنا العلمية في طيشهم وجهلهم وسفاهتهم؟ أي احتواء يكون ونحن ندافع عن فئة لاتعرف مصلحتها ولا جامعتها ولا وطنها فاستباحت كل شيء في طريقها؟ وهل هذه المعالجة أعطت نتيجة بل زادت من إتساع دائرة العنف يوما بعد يوم وسنة بعد سنة وانطلق عقال الأمر حيث أصبح ذلك خطرا داهما يهدد مكونات وطننا ومستقبله؟ أليس من الحكمة التوقف في مراجعة مناهجنا في المدرسة والجامعة التي تتعلق بالسلوك والتربية يساندها تعليمات وقوانين رادعة وقوية؟ هذه الأسئلة الإستنكارية مؤلمة لنا جميعا لأن جامعاتنا قبل عقدين من الزمن لم تعتد على ما نشاهده اليوم.
لنعترف يا دولة الرئيس ان العنف أصبح ظاهرة ارتداد مجتمعية تعكس التراجع والاستهتار بالانظمة والقوانين والاساءة للمؤسسات ولمنظومة القيم النبيلة....العنف يضعنا ان أمام خلل في منظومتنا التربوية والاجتماعية التي ساهمنا في تشويهها. لقد بلغ السيل الزبى فهل يرضينا أن تتحول ساحات جامعاتنا إلى داحس والغبراء؟ اننا كلنا مدانون بذلك ونتحمل مسؤولية ذلك؟ أين دور المسجد ورجل التربية وعالم الإجتماع والقانون من كل ذلك؟
لنعترف يا دولة الرئيس أن ابناءنا يقفون على مفترق طرق خطيرة، فلا المؤتمرات ولا الندوات ولا المحاضرات المتكررة أعطت نتيجة بل الأمر اشتد عنفا واصبح يتفرد ساحة العنف ويقودها الدهماء والمتهورون والمتعصبون والجاهليون الجدد ونحن نتفرج على احداث هذا المسلسل التراجيدي الدامي الذي أوجع قلوبنا ... الحلول كثيرة وفي متناول اليد اذا وجدت الارادة الصادقة والعزيمة القوية في تطبيق التعليمات الخاصة بذلك واعتبار كل من يتدخل في الدفاع عن المتورطين في تدمير هذه المؤسسات الوطنية والاساءة اليها هو شريك بالجريمة.

(4)
ما حدث قبل أيام في الجامعة الأردنية آلمنا جميعا واوجع قلوبنا وادمع عيوننا، وقبل ذلك ما حدث في جامعات أخرى حيث أصبحت ساحات هذه الجامعات داحسا والغبراء تغزونا من جديد وتهدد أمننا التربوي والتعليمي وتهدد بسقوط ذريع لمنظومتنا التريوية والتعليمية والقيمية لا قدر الله.... ويحضرني هنا قول ذلك الفيلسوف الذي رأى الفوضى تنهش في جسد وطنه فخرج من شباك شرفته مخاطبا الناس في جملة واحدة ومختصرة قائلا: أيها الناس (اذا سقط العالِم 'بكسر اللام'.... سقط العالَم 'بفتح اللام')... نعم يا دولة الرئيس لقد فقد المعلم في مدارسنا هيبته ولا يوجد له سند يحمية ... ولقد اصبح الاستاذ الجامعي يتعرض لمواقف غير مقبولة من اعتداء عليه في داخل الحرم الجامعي والكل سمع ماحدث من مواقف حصلت لبعض الاساتذة في بعض الجامعات من قبل بعض الطلبة وصلت الى التهديد الجسدي واللفظي وهذا مؤشر خطر يجب التوقف عنده لانه يمس هيبة الجسم الاكاديمي برمته.
إن الإدارات الجامعية يا دولة الرئيس لا تألو جهدا في تطبيق القوانين والأنظمة التي تعاقب المسيء والمستهتر حفاظا على هيبتها ورمزيتها وأهدافها وفلسفتها، وفي الوقت نفسه لم تسلم هذه الادارات من تشويه الصورة بأسلوب ظالم دون وجه هدفه النيل من هيبة الادارة الجامعية والاعتبارية لغاية في نفس يعقوب مارسها البعض دون دليل مما اشغل هذه الادارات وشتت ذهنها لتنفيذ استراتيجيات عملها فيما يتعلق بمهمات التقييم والتقويم المستمر، وأن هذه الادارات تعمل في أجواء ملآى بالاشواك والعقبات ووضع العصي في دواليب العمل الهادف والممنهج الامر الذي يتطلب يا دولة الرئيس مساندة هذه الإدارات لتؤدي دورها وبرنامجها الاصلاحي وتحقيق أهدافها ورسالتها غير آبهة بقوى الشد العكسي والتراجع التي تنطلق من أجندة ضيقة وذاتية تسيء للمؤسسة والوطن. كما إننا ندرك أن واجبنا التربوي كأساتذة جامعات يتعدى إعطاء المحاضرة المتخصصة في التاريخ والاقتصاد والطب والرياضيات ... مهمتنا أكبر من ذلك بكثير ونحن نستمع إلى إسطوانة العنف ونرى ما تتركه من مشهد لا يرضى به عاقل... واجبنا أن نحافظ على المنجزات التي بنيت وشيدت ... واجبنا أن تكون قلوبنا وعقولنا مع هذه المؤسسات لانسمح بالأخطاء التي ترتكب هنا وهناك دون متابعة ومساءلة ... واجبنا أن لا ندافع عن الخطأ أيا كان مصدره وأن نسعى لتصويبه قبل أن يتفاقم تأثيره ... واجبنا أن ننكر ذواتنا ما أمكن لا أن نسعى وراء مطلب ضيق ونترك هذه المؤسسات يعبث بها الدهماء والضالة والجهلاء بسبب ضيق أفقهم وتعصبهم دون محاسبة وتمر الأمور بسهولة مما يشجّع أصحاب النفوس غير السوية للتمادي والإساءة الى مؤسساتنا التعليمية والتربوية.
(5)
عزيزي دولة الرئيس وانت الأستاذ الجامعي ورجل الاقتصاد والدبلوماسي الخبير أرجوك أن تركز على هذا المحور الهام وهو الاستثمار الحقيقي في التربية والتعليم الذي يراعي البعد البنائي للمجتمع وعلى مراحل وان كان ذلك مكلفا لان النتيجة ستؤتي أكلها خلال عقد أو عقدين من الزمن... وابدأ يا دولة الرئيس من الآن تحث الخطى وبدون تأجيل في معالجة الخلل الذي يكمن في مفاهيم التربية والتعليم فهزيمتنا يادولة الرئيس هي هزيمة تربوية بامتياز واعتقد أنك تدرس التاريخ جيدا واعتقد كذلك أن الاجابة عندكم عن سبب هزيمة فرنسا في حرب السنوات السبع أمام بريطانيا، عندما خرج وزير الثقافة والتعليم آنذاك مخاطبا الفرنسيين معتذرا ومعترفا لهم بان سبب الهزيمة لم يكن عسكريا ولكن كانت هزيمة ثقافية وتربوية فتم مراجعة منظومة القيم الثقافية والتربوية والتعليمية الفرنسية ووضعت الاستراتيجيات الفاعلة والصادقة التي وضعت فرنسا على المحك وكان لها النهضة والتقدم.
الحل في رأيي المتواضع هو من السهل الممتنع... وهو أن نلغي كلمتي "العنف" و "سوف" من قاموسنا اللغوي والفكري وأن الطريق الى ذلك ليس صعبا أو مستحيلا حيث أن تشخيص أسباب العنف ليست بحاجة الى ذكاء زائد فهي معروفة للقاصي والداني حيث أصبح تشخيص المرض واضحا فالفجوة تكمن في كلمة "سوف" المسكينة التي حمّلناها أكثر مما تتحمّل أوتطيق سوف نعمل....سوف نتأخذ إجراءات.....سوف نضع حدا...سوف...سوف... وفي واقع الحال لم نستطع لغاية الآن إجتثاث هذه الظاهرة الخطيرة وأن نضع حلولا عملية لها سوى بعض الحلول الجزئية الآنية وقت حدوث المشكلة أحيانا والتسويف والتأجيل وترحيل المشكلة أحيانا أخرى.
فهل نحن قادرون على خلع كلمة عنف جامعي من قاموسنا الأكاديمي وهل نحن قادرون على إلغاء كلمة "سوف" التي تجر وراءها التسويف والتأجيل غير المرتبط بالفعل المؤثر لوضع حد لمشكلة العنف المجتمعي والجامعي معا. أعتقد أن شطب كلمتين من قاموس لغتنا العربية لا يضير هذه اللغة الجميلة الواسعة التي وسعت كتاب الله لفظا وغاية في شيء حفظا لكرامة وأمن مجتمعنا وصونا لحرم جامعاتنا المقدس.
(6)
يا دولة الرئيس وانتم الحريصون والمسؤولون عن ذلك أعيدوا لمؤسساتنا هيبتها بسلطة القانون وأعيدوا لمنظومتنا التعليمية والتربوية هيبتها ونضارتها والحلول كثيرة ضمن استراتيجية عمل وبناء تراكمي مستمر بدءا من الروضة وانتهاء بالتعليم الجامعي وتحت اشراف مجلس كفؤ يضم خيرة الخيرة من ابناء هذا الوطن الذين يراقبون المشهد بألم ويخافون على مستقبل هذا البلد لوضع حلول عملية بعيدا عن التنظير والتسويف وباشراف مباشر من دولتكم... مجلس يضم متخصصين وبيوت خبرة لم تلوثهم الحياة وكانوا من القابضين على حب هذا الوطن قولا وعملا ... يضم متخصصين في مختلف المجالات والتخصصات (علم الاجتماع، التربية والتعليم، القانون، الامن، السياسة، الاقتصاد، الدين).
(7)
وأنتم أيها الأبناء رفقا بأنفسكم وبأهليكم وبوطنكم فكونوا متسلحين بالوعي ثم الوعي ثم الوعي والمعرفة لأننا بحاجة الى كل واحد منكم ليكون رقما صعبا يساهم قي وضع حجر الأساس في عملية البناء والتنمية والتطوير التي يقودها جلالة قائدنا المفدى الملك عبدالله الثاني بن الحسين، سيما وأنتم تشكلون ما يزيد على ثلثي نسبة السكان في مملكتنا الحبيبة.
ألا ترون معي أبنائي وبناتي وان كانت رؤيتكم هذه تتم عبر نظاراتكم المتنوعة الألوان والأشكال إن منظومة القيم التربوية والاجتماعية أصبحت مهزوزة ويعتريها الضعف والفتور؟ ثم ألا ترون أن قيم التسامح والعفو أصبحت في مهب الريح وحلت محلها الأنانية البغيضة وحب الذات وعدم الشعور مع الآخر؟ ألا ترون معي أن هدر الوقت واضاعته فيما لا ينفع ولا يفيد أصبح ظاهرة ؟ ألا ترون معي أن حب الوطن والانتماء للامة أصبحت متفاوته في وعي وتفكير الشباب؟ حيث أصبح التقليد والمحاكاة والعجز عن تقديم الابداع في كل مجالات الحياة سواء في مجال الاستهلاك واستيراد أشياء الحضارة المادية وافرازاتها الثقافية، وتكدس هذه الأشياء والمفرزات كأنها من صناعتنا تعتبر وهما عاجزا وتقليدا لا تجديد فيه؟ .... كم أتألم لكم ومعكم يا فلذات الأكباد وبقلب مفعم بالحب لكم جميعا وانا أجد الكثير لا يذاكر دروسه بجد واجتهاد ولا يواظب على حضور المحاضرات متذرعا بأعذار واهية، وانطلقت الاهتمامات الى أمور غير ذات جدوى حيث يأتي البعض الى الجامعة لايحمل دفترا ولا ولا كتابا أو قلما ولكنهم لا ينسون باكيت السجائر والموبايل....أبنائي وبناتي أمامكم أهداف سامية هي طلب العلم والمعرفة وترسيخ الوعي الثقافي والفكري والحوار الهادف الهاديء والبناء الذي يصقل شخصياتكم وينعكس ايجابا على تصرفاتكم وتذكروا أن للحرم الجامعي حرمة ومكانة مقدسة فكونوا عند ثقة جلالة الملك بكم الذي يرعى التميز والابداع لننهض معكم وبكم في وطننا الأغلى الذي يستحق منا كل التضحية والعطاء والعمل والتصرف بحرية مسؤولة أساسها الوعي والانسان المتطور بعقله وفكره.
(8)
لقد سبق ان كتبت في مقال سابق واقترحت بعض الحلول وأعيدها هنا لعل وعسى أن تلقى الاهتمام والدراسة والتي تتمثل في مايلي:
1. الاستثمار الحقيقي في التعليم الحكومي الذي لا يهدف الى الربح المادي ولكن الذي يسعى الى تربية النشء تربية قويمة سليمة تستند على ارضية علمية سليمة ولها هوية واضحة تعزز الالتزام بتعاليم ديننا الاسامي الوسطي العظيم التي ترفض التعصب والانغلاق ويكون ذلك عن طريق المدرسة والمسجد لتعزز الانتماء الحقيقي للوطن والولاء لقيادتنا الهاشمية حيث أن هذه القيم أصبحت مشوشة في أذهان الاجيال التي تتقاذفهم امواج التغيير دون بوصلة حقيقية وهوية واضحة تخدمهم وتخدم مستقبل الوطن الذي هو اكبر منا جميعا. ولتحقيق ذلك يجب التركيز على ايفاد المتميزين في امتحان الثانوية العامة الى الجامعات في مختلف التخصصات التعليمية، وطرح برنامج وطني تحت مسمى (معلمو المستقبل) على غرار برنامج قضاة المستقبل الذي تبنته وزارة العدل قبل سنوات، مع اعطائهم امتيازات مادية ومعنوية كالطبيب والمهندس تقديرا لتميزهم.
فهل نبدأ في هذا المشروع الوطني الحقيقي وعلى مراحل الذي يخدم مستقبل وطننا وابنائنا لأنه يؤسس لمرحلة بناء حقيقية لمنظومتنا التعليمية والتربوية والاجتماعية لننقذها من التصدع والامراض التي أخذت تغزو نظامنا التعليمي، وبالتالي سينعكس كل ذلك على كل مسارات البناء والتنمية في مجتمعنا الاردني الاقتصادية والصحية.
2. الاستفادة من تجارب الدول الناجحة ولنأخذ تجربة ماليزيا يا دولة الرئيس التي استثمرت في التعليم الحكومي وليس الخاص وانفقت عليه الكثير ضمن معايير وضوابط في اختيار المبدعين والمتميزين ليكونوا المعلمين والاساتذة الذين يعلمون النشء في مختلف مراحل التعليم الالزامي والثانوي، ونجد نماذج من طلبتهم حيث تضم جامعاتنا الاردنية عددا كبيرا من الطلبة الماليزين فهم ملتزمون وجادون ومتميزون في دراستهم وراقون في تصرفاتهم وسلوكياتهم.
3. التركيز على التعليم المهني في المدارس ليتم تهئيتهم مستقبلا نحو دراسة التعليم المهني المتوسط ليكونوا رافدا لدعم العمالة في مختلف المجالات المهنية ولاستبدالهم محل العمالة الوافدة أولا بأول ضمن استراتيجية عمل تتم بالتنسيق ما بين وزارتي التربية والتعليم ووزارة العمل وهذا أهم الحلول التي تسهم في التقليل من نسب البطالة مستقبلا.
4. اعادة خدمة العلم الوطني لان خدمة العلم مدرسة حقيقية حيث كان لي شرف تأدية هذه الخدمة كما أداها الكثيرون التي تعلم قيمة الحياة الحقيقة من تحمل الصعاب والارادة والعزيمة وحب الوطن والانتماء له والدفاع عن ترابه وهذه قيم تربوية عملية من الاولى أن يتم غرسها في نفوس ابنائنا وممارستها سلوكا مما يشكل تحصينا لهم تجاه كل التيارات التي تقذف بهم هنا وهناك. وانا اؤمن ان الانسان يتعلم كثيرا من مدرسة الغربة ومدرسة العسكرية حيث النظام والالتزام واحترام الوقت والقوانين والمساءلة والمسؤولية.
5. عمل برامج عمل اجبارية لطلبة الجامعة كمتطلبات للتخرج تخدم المجتمع بشكل حقيقي في مختلف المجالات. وهذا أيضا لطلبة المدارس خلال العطلة الصيفية وكلنا يذكر معسكرات الحسين للعمل والبناء التي كانت تقيمها وزارة التربية والتعليم خلال العطلة الصيفية لطلبة المدارس وتستثمرها بطريقة فاعلة وبذلك نكون قد قللنا من بيئة العنف والانزلاقات الاخلاقية والسلوكية والتفحيط في الشوارع باسلوب مرعب ومخيف.
6. وجود أمن جامعي حقيقي ومثقف ومسؤول ومدرب في جامعاتنا ولديه صلاحيات تحفظ للحرم الجامعي حرمته.
7. اشغال الطلبة في اجراء بحوث حقيقية تعوده على الاتصال بالكتاب والمكتية والمختبر، لاننا نلاحظ وللاسف في الكثير من جامعاتنا أن الطلبة يضيعون الكثير من اوقاتهم في أمور تافهة ليست ذات قيمة قد تكون سببا من أسباب العنف.
8. عدم السماح للمقاهي والنوادي الليلية بفتح ابوابها لساعات متأخرة من الليل بحجة الاستثمار المادي دون أخذ الجوانب الاجتماعية وانعكاساتها المدمرة فالكل يسمع ويرى مدى تأثير ذلك على أخلاقياتنا وقيمنا وخروج مظاهر للتطرف الاخلاقي في مجموعات لا تمت الى دين أو عرف بصلة.

فهل نحن فاعلون سيدي دولة الرئيس والله خير حافظ لاردننا الوطن الأغلى ليبقى متماسكا وقويا في مواجهة كل بذور الفتنة واقتلاعها من جذورها ننعم في وطن آمن ومزدهر بعون الله ودمتم ودام الوطن بخير ودام جلالة مليكنا المفدى يقود المركب قائدا وسيدا، وحمى الله الأردن انسانا ومقدرات.

* عميد كلية الصيدلة/ جامعة اليرموك
عميد أكاديمي سابق/ رئيس جمعة أعضاء هيئة التدريس سابقا
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية



تعليقات القراء

الدكتور خلدون العزام
ماشاء الله مقالة رائعة كما عودتنا دكتور عدنان.
27-11-2016 09:10 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات