حفل زفاف يمني وسوريّة


طلب الشاب اليمني من الوجيه الاردني ، أن يخطب له فتاة سوريّة ، كان قد أرسل لها زوجة جاره المصري ، لتفاتحها في أنّ الشاب اليمني يريد ان يخطبها لنفسه ، وأن يتزوّجها على سنّة الله ورسوله . وهو يرجو أن تكون الزوجة التي تقبل الاقتران به ، صاحبته وصديقته ، وكلّ ما لديه في هذه الدنيا ، التي فقد بها في اليمن أمّا حنونا وأبا عطوفا ، كان لابدّ سيكون سعيدا لو أنّه حضر عرسه ، وتعرّف على من أختارها لنفسه زوجة . بعد أن تفحّصت زوجة جاره الفتاة ، وأخبرتها أنّ سنّة الله في خلقه أن يتزوّج الرجال من النساء ، وأن يكنّ خير معين لهم ، حافظات لبيوتهم ، أمينات على أسرارهم ، وأن يكنّ لأبنائهم الأم الحنون التي تربّي أولادها على طاعة الله وحب الخير للناس ، ومعاملتهم معاملة حسنة . ارتبكت الفتاة السوريّة وقالت ، وابتسامة خفيفة بدت على محيّاها ، أنّ عليها أن تخبر عمّها الذي تعيش معه في المدينة الاردنيّة الجنوبيّة بالأمر . وكان الجواب في اليوم التالي بالقبول .

الشاب اليمني جاء من بلدة صغيرة من بلدات اليمن الذي كان سعيدا ، هاربا من ويلات حرب لم يكن له رأي فيها . وهو الذي كان ينوي بعد أن أنهى الدراسة الثانويّة أن ينتقل الى الجامعة في المدينة القريبة من بلدته ، ليدرس فيها تخصصا يحبّه ، على أمل أن يتخرّج بشهادة يستطيع أن يعمل مدرسّا في أحدى المدارس اليمنيّة ، لأنّه يحبّ مهنة التدريس ، ويؤلمه كثيرا أن يرى شبابا و فتيات في وطنه ، لا يجيدون القراءة والكتابة ، وأقصى أمانيه أن يعيش بطمأنينة وأمان ، وأن يبذل كلّ طاقته في خدمة أبناء شعبه الذين يحتاجون الى من يرشدهم ويعلّمهم وينير لهم دربهم ، ويساهم في اعلاء بنيان واحدة من الدول العربيّة التي كانت يوما ما رائدة في العلم والعمل ، والتي علمّ أبنائها الناس نظم الشعر وكتابة الرواية .

الفتاة السوريّة جاءت أيضا هاربة من جحيم حرب لا ترحم ، ولا يعرف فيها خاسر أو رابح ، وتتدخّل فيها أغلب دول العالم التي تحبّ أن تدخل أنفها فيما لا يعنيها . جاءت بطائراتها وسفنها الحربيّة الضخمة ، وقنابل تجرّب لأوّل مرّة ، ترمى من طائرات لا تكاد العين تراها ، ويصمّ الآذان صدى صوتها . جاءت لتدمّر بلد بحجج كثيرة ليس آخرها مكافحة الارهاب الذي صنعوه هم ، ليحاربوه فلا يهزموه ، ولكن ليبقى شمّاعة يعلّقون عليها غسيلهم الوسخ ذو الرائحة الكريهة . وليقتل في الحرب أخوة وأبناء عمومة الفتاة السوريّة وأبناء وبنات جيرانها ، ومعظمهم قتلوا وهو جالس في بيته أو يبحث عن لقمة عيشه ، أو ملّ من الجلوس وحيدا بعد أن قتلت البنادق والقنابل كلّ أحبابه ، فقرر أن يتمشّى في الشارع الذي أحبّه دوما ، لتسقط عليه قذيفة ، تزيد من عدد القتلى الكثيرين واحدا .

هربت الفتاة السوريّة وهرب الفتى اليمني من الحرب المستعرة في بلديهما ، الى ملجأ آمن يستطيعون فيه أن ينعموا بقليل من الراحة ، وكثير من التفكير في من تركوهم هناك ، ويخافون في كلّ يوم أن يسمعوا خبر وداعهم للدنيا . ولكنهما يفهمان ، أنّ الحياة لا بدّ أن تستمر ، وأنّ الله لا بدّ قد أختار لهما أن يأتي كلاّ منهما من بلد بعيد ، ليكون أحدهما من نصيب الآخر ، وليكوّنا أسرة تبنى على الحبّ والاحترام ، لعلّها تكون أسرة عربيّة يرى أولادها غدا مشرقا لوطن عربيّ كبير نمشي فيه من دمشق الى عدن ، آمنين مطمئنين .
بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما بالخير .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات