ثورة على الفاسدين


إنّ من يسرق دولة من اجل ان يكنز مالا لهو أخطر ممّن يسرق دينارا من اجل ان يأكل بقيمته خبزا وهذا منطق الأمور بينما ما يحدث فعلا فإنّ من يسرق بعضا من موارد دولة بكاملها ففي الغالب لا تمسّه المحاكم والجهات الأمنيّة لما له من معارف وجهات واصلة تؤمِّن له سبل الترقية بدلا من العقاب والحساب وهناك شواهد عمليّة كثيرة على ذلك بينما من يسرق دينارا تلعن فاطسه الجهات الأمنيّة والقضائيّة ويُذلُّ على لقمة الخبز التي زلطها خجلا وخفية عن عيون الحاسدين لسدِّ رمق جوعه .
احدهم نشر على شبكات التواصل بما معناه أين ذهبت اموال الأردنيّين مبيِّنا بعض الرواتب الفلكيّة والتي اعتقد انها لا تُدفع في أيِّ جرم سماوي لأنّ دافعها يعتبر مجرما في حق الشعب الذي يبتليه الله بمثل هؤلاء المشرِّعون والمنفِّذون والذين هم بمثابة من يقومون بالتقطيع من لحم اكثر من 90% من الشعب ليدفعوها الى اقل من 10% من الشعب لا يستحقُّها كلُّها والذين يخشى شيوخنا الأفاضل ان يفتوا بمدى شرعيّة تلك الرواتب والمداخيل الخياليّة ولمن اولى ان تذهب هذه الأموال .
وحيث ان تلك الأموال تذهب لمستحقيها حسب القانون والتعليمات وليس سرّا او سرقة وان من يتحمّل إثم ذلك هم المشرِّعون لتلك القوانين والتعليمات وهم الأولى ان يُطالِب الشعب بإقصائهم ومحاسبتهم .
وحيث ان بلدنا شحيح بموارده كالمياه والبترول وبالتالي هو فقير بالمال وبالرغم من ذلك فانه يعيش حياة الرفاه اعتمادا على البنوك والجهات المُقرضة وصناديق المعونات والشراء الآجل وعلى فروق اسعار العقار من شقق واراض ومن الحسنات والصدقات واموال الأهل والأقارب وخاصّة المغتربين وتعدد مصالح العمل والتسوُّل المكشوف والمستور وعمليّات التمويل المشبوهة كلُّ تلك المصادر تجعل مظاهر الغنى والرفاه والبذخ بادية على شعبنا وكلها مظاهر تخدع الناظر إليها بينما يبكي عليها المُطَّلع على خباياها .
وهل يُعقل ان تكون بعض المداخيل لفرد واحد تفوق ما يدخل على رئيس اعظم دولة في عالمنا الحاضر بل ويكاد يقوق اضغاف راتب يتقاضاه رئيس دولة فقيرة مثل حال بلدنا .
ألم يفكِّر وزيرنا او نائبنا او مديرنا العام او غيرهم من اصحاب الرواتب الفلكيّة وهو يستلم راتبه او يتلقّى إشعارا من البنك بتحويل راتبه لحسابه البنكي الم يفكِّر بحال الموظّف البسيط او المواطن الفقير الذي يكاد لا يجد قوت عياله لأنّ بعضا من الأثرياء والأغنياء والمتنفذين سلبوا خزينة الدولة وما اقترضته وما تصدّق البعض به علينا ولكنهم سلبوه شرعا وحسب القانون والتعليمات وسلّم الرواتب ليصعدوا سلّم الطبقة الثريّة سريعا بينما يهبط سريعا الموظّفين الغلابى ومن تبقّى من الطبقة المتوسِّطة السُلَّم الى طبقة الحضيض وهي طبقة الفقر المُدقِع .
ومع ان كلمة ثورة تعتبر مصطلح غير محبّب عند الحكومات واجهزتها الأمنيّة خاصّة إذا دعى اليها فرد من المجتمع مُصنّف من طبقة المهمّشين او الصامتين او الصابرين خاصّة إذا كان لم يكلِّف الدولة المال الكثير في تعلِّمه وإبداعه كأن يكون قد تعلّم في مدارس خاصّة او مدارس وكالة الغوث في المرحلة الإبتدائيّة وتعلّم في الجامعة بتمويل من والده أومن وكالة غوث اللاجئين حيث كان متفوِّقا وكانت رسوم التسجيل في بعض الجامعات العربيّة لا تزيد عن عشرة دنانير اردنيّة في السنة وكانت تكاليف المعيشة في بعض تلك الدول لا تزيد عن ثلاثين دينارا في الشهر وبعد تخرّجه يكون قد سافرللعمل في احدى دول الخليج وحوّل فلوسا للأهل في وطنه من راتب اول شهرعمل ولم ينسى فضل وطنه عليه ويحمد الله والوطن الأردن على نعمة ان يكون الإنسان مواطنا ايجابيّا وبنّاءا لخدمة الوطن الأعز والأغلى بينما نرى شباب الوطن الآن يبحثون عن فرصة عمل في احدى دول الخليج يصعب ايجادها او فرصة للهجرة والحصول على جنسيّة اخرى تكون حصنا لهم في اسوء الأحوال .
ومِمّا يحزُّ في النفس ان تسمع موظّفا يقول إنّ القدوة غير الصالحة هي اريح لنا في العمل إذ مهما كانت ساعات عملنا قليلة جدّا فإنها كافية مقارنة بذلك القدوة الذي لا يعمل شيئا ويأخذ اكثر من حقوقه وعلاواته نهاية الشهر وهذا المنطق الذي جعل الفساد ينخر في كافّة شرائح المجتمع مع ان ذلك الموظّف العامل يحترق من الداخل على ما وصلنا اليه .
ولكنّ الثورة على الطمع والجشع هي أداة من ادوات التغيير والإصلاح الذي به يحصل التوازن المجتمعي وتتحقّق العدالة الإجتماعيّة نسبيّا كما انّها أداة لتحصين شبابنا وعقولهم من الأفكار الخارجة عن عاداتنا وقيمنا ومبادئنا الوسطيّة المعتدلة لأن ذلك التغيير يولِّد القناعة ويطرد الكراهية والحسد والحقد ويساعد في بناء مجتمع تعاوني يقوم على اواصر المحبّة والتعايش والوئام وكلُّها تصبُّ في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع والوطن والإنسان الأردني .
وهكذا فإنّ محاسبة اللصوص والفاسدين والإقتصاص منهم وإعادة ما يمكن منهم تصبُّ في مصلحة الشعب اوّلا وتنمية المجتمع ثانيا وصون الوطن والمحافظة على موارده وثرواته ثالثا على ان تكون هذه المحاسبة للفاسدين واللصوص بشكل عادل ولا تلحق بهم الأذى والإنتقام غير العادل وأن لا يكون الهدف من الحساب هو الإنتقام الشخصي أو إغتيال الشخصيّة والسمعة للقيادات العاملة بإخلاص وأمانة من اجل الوطن والمواطن .
ولكنّنا بداية بحاجة للقدوة الصالحة لتكون البذرة الحسنة للمجتمع السليم ليصنع الوطن المتكاتف وطن الخير والمحبّة والعدل والتنمية ودولة المؤسّسات والقانون وعندها يكون المواطنون والحكومة يدا بيد ثورة على اللصوص والفاسدون والخارجون عن تعليمات دولة المؤسسات والقانون .
ربِّ إحمِ وطننا الأردن ارضا وشعبا وقيادة من أيِّ مكروه وجنِّبه كلَّ فساد وطهِّره من أيِّ فاسد أو متظاهر بالإصلاح كذبا واجعل ربِّي مسؤوليه قدوة صالحة للمواطنين واجعل رايته خفّاقة عالية رمز الأمن والآمان .



تعليقات القراء

تحيه لكل اردني شريف
الرواتب مهما علت وكبرت لا تؤدي الى ثروه..الفساد بالقرارات الاداره المشبوهه..سماسره ..عاثو بالارض فساد
14-10-2016 02:33 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات