الامن القومي العربي بين التصورات والاستراتيجيات !!!!


يصعب على المتأمل للواقع العربي في هذه الظروف الصعبه الراهنه أن يقر بوجود أمن عربي واجماع عربي رغم حجم التهديدات والتحديات التي تواجه الوجود العربي والذي تم حصره بالتهديد الاسرائيلي فقط في وقت يشهد فيه الاقليم تحديات جمه أفضت الى بعثرة الجهود المخلصه لوضع تصور واقعي لهذه التحديات الماثله وصياغة الاستراتيجيات التي من شأنها وقف التداعي الذي أصاب الجسد العربي .

فالعالم العربي والذي قسم الى دويلات قطريه هزيله تعرض من خلالها الى الاختراق والاحتراق على نار الخلافات التي عصفت بوجوده وأدت الى تداعي منظومة الامن القومي العربي والتي كانت تعمل بفاعليه ابان حقبة الحرب البارده نظرا لتواصل العربي مع طرفي المعادله الدوليه الاتحاد السوفياتي سابقا والولايات المتحده ووجود قواسم مشتركه لحقيقة الخطر الماثل الذي يهدد هذا الوجود والمتمثل بدولة اسرائيل والقضيه الفلسطينيه وتداعياتها وفي اعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي واحتلال الكويت على يد النظام العراقي بقيادة صدام حسين ثم اختراق الامن القومي العربي على ايدي من نظروا اليه وكانوا اعضاء فاعلين في مكوناته وليشهد بعدها الاقليم مزيدا من التداعي بعد احتلال القوات الامريكيه للعراق ولتدخل المنطقه برمتها وضعا حرجا غابت فيه التصورات والاستراتيجيات عن وجه الاحداث .

ان الامن القومي العربي له ثلاث مستويات :
1.الامن الوطني: والذي دخل منعطفا خطيرا بعد موجات الربيع العربي وثوراته الداميه والتي فرضت صورا داميه ومرعبه تمزقت فيها اوطان وغاب فيها الامن بل واصبحت لغة البلقنه والتفتيت هي اللغه الطاغيه على وجه الاحداث التي تعصف بشعوب المنطقه ودولها بل وتمزيقها طائفيا ليتسنى لطغم ترتبط بمشاريع امبرياليه واستعماريه من البقاء والتربع على صدارة المشهد السياسي العربي وخدمة تلك المشاريع من باب مايسمى الارتباط بالمجتمع الدولي وخدمة اهدافه والتي تتستر بغطاء الارهاب ومكافحته لتدشين عصرها الاستعماري والهيمنه ونهب ثروات المنطقه وغياب المشاركه السياسيه والديمقراطيه واختلال الفوارق الاجتماعيه بين الاغنياء والفقراء في ظل سياسات اقتصاديه قائمه على الخصخصه ادت الى تعظيم المكتسبات للاغنياء وزيادة فقر الفقراء مما ادى الى بروز ظواهر اجتماعيه خطيره فاقمت من حجم الفوارق الاجتماعيه بالمزيد من التفتيت والطائفيه .

2.لقد تعرضت الدوله في العالم العربي في ظل هجمة شرسه على أيدي رموز الفساد الاداري والسياسي الى الاظمحلال والتغييب وليلعب رأس المال وتحديدا الاجنبي منه دوره المؤثر في تهديد الامن والسلم الاجتماعي بعد ان دخل وبقوه بحيث بات يمتلك مجمل الثروات الوطنيه والمشاريع الاستراتيجيه والتي تمثل السياده الوطنيه وهو مايمثل أكبر تهديد لوجود الدوله وذلك ببروز عوامل التطرف والارهاب والتدهور البيئي وانتشار المخدرات والجريمه .

اما الامن القومي العربي :
فقد اصبح عرضه للانتهاك والاختراق فيما بعد احتلال العراق والحرب الاسرائيليه اللبنانيه عام 2006 والحرب الاسرائيليه على غزه في العامين 2008و2001 حيث وقفت المقاومه في كلا الطرفين طرفي الصراع اللبناني والفلسطيني ومقاوتهما وحيده تتعرض لاعتى هجمه امبرياليه صهيونيه شرسه وباقي العالم العربي ينظر اليها وكأنها تجري في عالم أخر .

الامن الاقليمي :
والذي يتعرض حاليا وعلى ضوء التدخلات الاقليميه في بؤر الصراع الداخليه العربيه الى اختلالات جوهريه في ظل تغييب وتداعي اركانه المحوريه وذلك من خلال الهجمه الشرسه من قبل دول اقليميه ودوليه وتحديدا روسيا وايران وتركيا في مناطق النزاع وترجيح كفة الصراع لصالح طرف على حساب الطرف الاخر وتحويل النزاع من صراع داخلي على التغيير والتداول للسلطه والمطالبه بالعداله والحريه والمساواة والديمقراطيه الى صراع طائفي ومذهبي ادي الى تفتيت الشعوب وتمزيقها على اسس طائفيه ومذهبيه .
لقد كانت التحديات الداخليه هي الاعظم شأنا في تهديدها للأمن القومي العربي وهو مايسمى اصطلاحيا بالامن اللين اي التحديات الغير عسكريه وذلك من امثال عدم الاستقرار السياسي والفقر والعجز التنموي وندرة الموارد والنزاعات العرقيه والطائفيه وهذا مانراه ماثلا بوضوح في بؤر النزاع الساخنه مثل السودان والعراق وسوريا ولبنان واليمن .

ان التهديد الاكبر الذي يواجه هذا الامن القومي كان دائما وابدا نزعة السياده امام الشقيق والانكشاف الاستراتيجي امام الاخر والارهاب الذي تم تصنيعه والذي اصبح مطية للقمع السياسي ووسيلة لتكميم الافواه وتغييب الحريات والديمقراطيه والتداول السلمي للسلطه والذي كان دائما وابدا مطلب شعبوي عربي اسوه ببقية شعوب الارض وبالطرق السلميه .

لقد بقيت مسألة الاصلاح السياسي استثنائيه على هذه البقعه من العالم في وقت اجتاحت الديمقراطيه والحريه كل بقاع الارض هذا الاصلاح الذي ماعاد يحظى بالاهميه القصوى في اطار صعود نجم الاسلام السياسي والتحدي الذي بات يفرضه على الانظمة العربيه وهذا ما رأيناه جليا في الحاله الجزائريه والحاله الفلسطينيه عبر نتائج انتخاباتها الديمقراطيه والتي كانت فيه جبهة الانقاذ الجزائريه وحركة حماس في صدارة المشهد .

لقد بقيت الساحه العربيه ساحة المنافسه الرئيسيه للاجنبي والذي يبني على ارضها احلامه وأماله الامبراطوريه وهذا يقودنا الى حقيقه فرضتها الاحداث المتلاحقه والتي تعصف بالمنطقه برمتها بأن الامن القومي العربي غاب بين التصورات والاستراتيجيات القاصره وتحطم مع الانفراديه في اتخاذ القرارات المصيريه بعيدا عن العمل العربي المشترك والذي كان ضحية للخلافات السياسيه العربيه وواد احلام الوحده العربيه والمصير المشترك والذي داسته البوارج الامريكيه والطائرات الروسيه والحرس الثوري الايراني والنزعه القطريه القاصره .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات