هل تحرم "السلامة الأمنية" الاف الفلسطيني من الوظائف؟


جراسا -

طرح رسوب عشرات الخريجين الفلسطينين، من المتفوقين جامعيًا، في امتحان التوظيف بوزارة التربية والتعليم في الضفة الغربية المحتلة علامات استفهام لدى الكثيرين منهم، عن معايير القبول بالوظيفة.

ويتهم الخريجون الوزارة "بتغييب معايير الشفافية عن أسس التوظيف، كأسلوب جديد لإقصاء الخريجين عن التوظيف لأسباب سياسية".

شكوك الخريجين بشأن معايير التوظيف، أكدتها مصادر رسمية متطابقة لوكالة "صفا"، إذ تقول: "إن وزارة التعليم تتعاون مع الأجهزة الأمنية لإجراء المسح الأمني على جميع الخريجين المتقدمين للامتحان، للقفز على قرار محكمة العدل العليا عام 2012".

معلمو الضفة المتجاوز عن دورهم يطالبون بحقهم بالتوظيف

وقضى قرار محكمة العدل العليا قبل أربع سنوات بإرجاع الموظفين المفصولين سياسيًا، بعد فصل نحو 1500 موظف من محافظات الضفة الغربية بعد عام 2008، بذريعة انتمائهم لحركة حماس.

وبعد تسلم رئيس الوزراء رامي الحمد الله رئاسة حكومة التوافق الفلسطينية، أكد أن "شرط المسح الأمني (السلامة الأمنية) غير موجود في سياسات التوظيف الحكومية، وأن الدليل على ذلك وجود 70% من المعلمين محسوبين على حركة حماس"، وفق قوله.

المصادر المطلعة والمتطابقة من داخل وزارة التربية والتعليم، أكدت لـ"صفا" "عودة المسح الأمني على المتقدمين لامتحانات التوظيف لكن بصورة جديدة مبطنة".

السر في المقابلة

وقالت المصادر إن الوزارة رفعت نسبة النجاح في الامتحان إلى 70%، وأدخلت عليها نسبة 15% للمقابلة الشفهية، وهي النسبة التي لم تكن موجودة من قبل".

وذكرت أن الوزارة أجرت امتحانات التوظيف لـ43 ألف متقدم في الضفة الغربية في شهر مايو الماضي، وكانت النتائج في أواخر شهر يوليو، على أن يكون شروط استكمال التوظيف إجراء مقابلة شخصية بعد أيام في مديريات التعليم بمدن الضفة.

وكشفت المصادر عن أن حرمان عشرات المتقدمين، المحسوبين على حركة حماس، من التوظيف، جاء "بعد عرض السجلات الأساسية للناجحين في الامتحان الكتابي على جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة، لإجراء المسح الأمني، قبل المقابلة الشخصية".

الضفة: عودة شرط شهادة حسن سلوك قبل توظيف القضاة

وقالت المصادر: "وفي حال أعطى الجهاز أمر (لا نوصي)؛ فإن الوزارة لا تعطي المتقدم علامة جيدة في المقابلة الشخصية، تحت ذرائع أنه غير لبق وضعيف في الشخصية، وغير ذلك".

وقدّرت أعداد المتقدمين الذين أوصت الجهات الأمنية بعدم توظيفهم بـ"المئات"، وحصلوا على إثر ذلك على 7 أو 8 درجات من أصل 15 في المقابلة الشخصية.

وأشارت إلى أن المتقدمين المذكورين حصلوا على نتائج متفوقة في امتحان الثانوية العامة، وكذلك في جامعاتهم، وهي نتائج تؤخذ بعين الاعتبار عند التوظيف.

لكن المصادر نفسها، أكدت نجاح عدد من المتقدمين، المحسوبين على حماس، في الحصول على الوظيفة.

وأضافت "الناجحون تفوقوا مسبقًا في امتحان الثانوية العامة والجامعات، وتقدموا في الامتحان الكتابي، الأمر الذي قطع الطريق على حرمانهم من التوظيف حتى لو حصلوا على علامة متدينة في المقابلة".

"غياب الشفافية"

ويعزز حديث المصدر الرسمي بهذا الشأن، إعلان الوزارة عن نتائج امتحانات التوظيف، دون نشر أسماء الناجحين علنًا، كما في المرات السابقة.

وقالت المصادر نفسها، إن إخفاء نتائج الامتحان كانت مدخلا لتعيين بعض المتقدمين وإقصاء غيرهم، كما كان بتعيين معلمين ومرشدين قبل نشر "سجل الدور".

وتأكيدًا لذلك، قالت خريجة تقدمت لامتحان التوظيف، ورفضت الكشف عن اسمها، إنها أبلت بلاءً حسنًا، وكان دورها رقم (2) في سجل الدور، وفق ما علمت من مصدر مؤكد.

وأضافت لوكالة "صفا"، "لكنني تفاجأت عند مراجعتي الوزارة بأن رقمي أصبح (16)، وتم تعيين سبعة موظفين قبلي".

بدورها، قالت خريجة أخرى إنها تقدمت للامتحان، وحصلت على علامة متقدمة في الامتحان الكتابي، لكنها تفاجأت بحصولها على نسبة متدنية في المقابلة.

وذكرت الخريجة، التي رفضت الكشف عن اسمها، لوكالة "صفا"، "أنه تم إقصاؤها بحجة أن زوجها اعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي على خلفية الانتماء لحركة حماس".

وأوضحت أنها تقدمت بشكوى إلى مكتب وزير التربية والتعليم في رام الله صبري صيدم، ولم يتم الرد عليها حتى اللحظة.

ووفق المصادر التي تحدثت لـ"صفا"؛ فإن عشرات الخريجين تقدموا بشكاوى إلى مديريات التربية والتعليم، والوزارة، ومكتب الوزير، والوكيل المساعد، دون الحصول على ردود حتى اليوم.

مخالفة قانونية

بدوره، قال محامي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فريد الأطرش "إن الضفة الغربية بدأت تشهد عودة شرط السلامة الأمنية، وحسن السيرة والسلوك على الوظائف".

وأكد الأطرش، أن شرط السلامة الأمنية "غير دستوري وغير قانوني بالمطلق، ويجعل الأجهزة الأمنية متحكمة في الوظائف العامة"، مشيرًا إلى أن المحاكم الفلسطينية ألغته لعدم قانونيته.

وكشف عن أن هذا الشرط (السلامة الأمنية) تم رصده في أكثر من وزارة غير التربية والتعليم، كوزارة الأوقاف، وكذلك المتقدمين للتوظيف في سلك الشرطة.

من جانبه، قال المحامي غاندي الربعي لوكالة "صفا" إنه رفع قضية ضد شرط "السلامة الأمنية" في محكمة العدل العليا عام 2012، وكان القرار بإلغائه، وعودة الموظفين المفصولين.

وبيّن أن الفصل والإقصاء على خلفية سياسية هو بمثابة فصل تعسفي غير مفهوم وغير مبرر ومخالف للقانون الفلسطيني.صفا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات