سبعة أثمان جبل الجليد تحت الماء


(فيما مضى كان الجزءُ الجليدي المخفي السّبب وراء غرق سفينة التايتانك ، حقيقة مؤكدة)

تبعاً لما أفضى إليه حال الأمة جرّاء السياسات العربية منذ عقود فمن الواضح أنّ ما يَظْهر لنا ليْس كُلَّ الحقيقة ولا نِصْفها أو حتّى ثُلُثُها ، ولكن كم هي المرات التي ألْفَيناها على الباب وما من متّعظ من أولي الألباب ، نتابع وكأنّ شيئا لم يحدث ، وهذا حسمُ يفضح أمر خسارة الوقت والجهد العام أمام مكابرة أو تعصّب او مصلحة خاصة او سياسة رخيصة. ولا أدري ما هو العذر القبيح الذي سنقابل به الأجيال القادمة في مثولٍ زمني قريب ومواجهة لا مفرّ منها ، أيّ مستقبل ذاك الذي تنتظره أمة العرب امّة القرآن، ولا بصيص أمل يمكن أن نتعلّق به على المدى المعقول، على الرغم من أنّ الكنز الذي بين أيدينا هو طوق المجد الوحيد لمن أراد العزة أو أراد ظهورا ، ولكن هيهات هيهات...

يسير بنا الحكام والساسة في متاهات حقيرة والى أسفل مواطن الضعف والإذلال ، يتاجرون بنا بثمن بخس ، ونحن قطيع كباقي القطعان في المنطقة نكتفي ونلتزم كجندي "المعاش" بالدعاء في الجُمع... ، تبعيات تتناحر على أسيادها ، وأموال ضخمة عربية تخصص لإراقة دم المسلم وكأنها مسابقة تلفزيونية على محطة عربية ساقطة وهي في الحقيقة كذلك اذْ يجمعهما انعدام الأخلاق وسخافة الرؤية وسفالة المقصد, والعجب انّ الحرمات تنتهك في فلسطين وما حولها ولا ساكنا يتحرك , شهيد تلو الشهيد ، رجال وأطفال ونساء ، وركل بالإقدام وأكعب البنادق على الوجوه والأجساد وعلى مرأى ومسمع العالم كله ، مناضلون يقبعون في السجون الصهيونية والعربية ، يضربون عن الطعام ، يرسلون معاناتهم ، يستجدون الأمة و نحن وكأن الأمر لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد ، الى هذا الحد يعتقد الجهلة أنّ ترميم الأقصى أعظم من دم المسلم ، أولى من التمثيل بالشهيد وأهمّ من هتك أعراض الحرائر المسلمات ، أما زالوا يؤمنون أنّ القباب الذهبية والديكورات الفنية , والكاميرات أثقل في الميزان من دمعة طفل سَلَبَ جندي صهيوني حقير دراجته في منظر إرهابي سافر...الى متى تبقى الشعوب همجية منكسرة ذليلة راقدة على بيض الساسة ليفقس بعد حين أفاع تلدغ أمها لترضي عمها ..إلى أية نهاية تأخذنا الطائفية والإقليمية والحروب على الفتات وكيف هو طعم الخيارات تلك التي سنقدمها أمام الأجيال التي تنتظر ...

أيعقل ان تكون الحرب في اليمن وسوريا هي الطريق الامثل الذي حلم به العرب ، وماذا أصبحنا ، الا أعداء في الدولة الواحدة بل في المدينة الواحدة بل في القرية والعائلة الواحدة ، ثم إنهم يدّعون أن تلك إشارة ديمقراطية ومسار عالمي مفتوح من حرية الرأي والتعبير ، وهل يصلح الناس فوضى وجهالهم سادوا ، وهل اعتلينا قمم الحضارات ,,وهل هذه الديمقراطية التي ستوحّد الصف أم أنها التي ألقيت للتصفيق بالكف.

وفي بلدنا نموذج غير مفهوم ، معقد لدرجة أنّ الوطن صار فراغا عاطفيا لا مبالغة أُبْحِر فيه شعرا ، ولا تسلية طُرح تعبيرا ادبيا مفعما بالمشاعر الجيّاشة بعدا وجحودا ،حجم هائل جدا من الغربة يخنق الإنسان على هذه القطعة المباركة ، كيف انتقل هذا البلد الى منتجع للفاسدين ،وكيف يلهث الشارع الفقير عند أول إغراء او غمازة سياسية ثم يتلوه تقبيل للأرجل ومشهدٌ متكرر لليتيم الاخلاق ، يا للقمة العيش كما أذلتنا ,ويا لهذا الخوف الذي ما زال يعشش في قلوبنا ، ليتنا استطعنا ان نقاوم بهذا الجبن المزمن سحر الإغراء ، كما قال توين : ” ان الطريقة المثلى لمقاومة الإغراء، أن تكون جباناً.“

ما عسى أنْ نفعل وكل المصاحف على أسنة الرماح...

ما نحمله من رأي وفكر حريٌّ انْ يقلّب بين الحين والأخر لتفهم دوافعه بعد انْ بُهتت غاياته ، لزام ان يرقُّ كما يرقّ العجين ليدوّر رغيفا قبيل إسكانه تنور الطين لينضج شهيا شكلا ومذاقا ، ولنكن في وجهتنا هونا ما ، وهذي حكمة من أوتي الحكمة ، لا نهيم كل الهيام فتصفعنا اليقظة ونحن ضعاف ولا نكره كل الكره فنخسر ونبقى خراف...ان نصارح أنفسنا بجدية المغيّر الحق ، منصفون يغلب المنطق فيما نتناول لملأ فراغاتنا، لا نقف عند اوّل مطبّ ، "دعونا نتوقف عن استعمال المعدة للتفكير " (اقتباس) ولا يزال قدرنا ان نتبع سبل العقل لا ان نلهث وراء الموروث والحلم...

علينا ان ندرك أنّ القاعدة التي يعمل على أساسها المسيطرون على أنظمة الحكم العربي تحت الماء نتيجة انتهينا عليها الان وما ظهر منها ، عناوين كاذبة ، أقنعة تخفي الفساد والخيانة وراء الدين والوطنية والتصريح الإعلامي الزائف ، أشكال تصور بدقة مفهوم جبل الجليد ، نماذج من الواقع ترى فيها ما يريدون لك ان تراه فقط ، ووجه الحقيقة لمن يبصر ما عليه نقاب..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات