جراسا -

رغم انتقادات المحللين ومراقبي الشأن الانتخابي لقانون الانتخاب الجديد، ووضعه محط "اتهام" لكثير من الاخفاقات التي رافقت ولادة القوائم الانتخابية لانتخابات المجلس النيابي القادم، الا ان تصريحات الملك الأخيرة والتي عوّل خلالها على خروج مجلس نيابي يواكب المرحلة المطلوبة، بات  قاب قوسين وأدنى عن خروج مجلس أمثل على ارض الواقع.

المتتبع لقانون الانتخاب الحالي، يستطيع ان يقبض على مكامن الايجاب في تفاصيل بنوده، في مسارات مفترضة من شأنها تعزيز مسيرة الاصلاح والديمقراطية ، وقد اعتمد القائمة النسبية المقتوحة ووسع الدائرة الانتخابية وفتح المجال امام مشاركة وواسعة  بل وشمولية امام التكتلات والقوى السياسية بهدف الخروج مجلس منتج .

وللخروج بمجلس نيابي كفؤ كما تتطلبه عجلة الاصلاح، لم يعد الامر مقرونا بقانون انتخاب وانما بالاشتغال على الناخب صاحب الدور الاكبر في العملية الانتخابية ، بممارسة حقه الوطني والديمقراطي ودفع ممثليه الاكفاء الى قبة البرلمان ، فلا مشاركة سياسية بصنع القرار دون مشاركة الناخب.

قانون الانتخاب الجديد، ورغم حالة الضبابية التي رافقت عملية استيعابه لدى الشارع، وما رافق ذلك من تخبط وارباكات في خروج القوائم الانتخابية للعلن، جاءت صياغته لهدف اصلاحي يدفع باتجاه عجلة الاصلاح السياسي والاقتصادي، ولا يخفى على احد بأنه وبعد تشكيل المجلس المرتقب سيكون باب الحكم على جدارة قانون الانتخاب من عدمها مشروعا بحكم المنجز على ارض الواقع.

الرؤية العامة ان المجلس الثامن عشر سيكون مجلس نواب قد يفوق التوقعات، خاصة السالبة منها، فبالنظر الى مرشحي القوائم التي ستخوض غمار الانتخابات المقبلة ، تجد من هم اكفاء، واخرين محسوبين على تيار المعارضة "البناءة"، ومن هم اصلاحيين لهم تجاربهم في ميدان العمل العام، واخرين لهم تجاربهم في العمل السياسي والحزبي والنقابي، وهو الامر الذي قد نجزم بشأنه بأننا سنكون امام مجلس مسؤول منتج اصلاحي ورقابي وتشريعي ولن يكون كسابقيه باستثناء مجلسي الحادي عشر عام 1989 والثاني عشر عام 1993.

مشاركة الاسلاميين بقوائمهم المرتقبة والتي شملت كافة محافظات الملكة، سيحصدون مع حلفائهم  ما لا يقل عن ربع المجلس بالاضافة الى ما ستفرزه "الكوتا" من نخب نيابية سيكون اداؤها تحت القبة ايضا بصورة لافتة ومنتجة ومميزة.

المحصلة سيكون هناك ما لا تقل نسبته عن 30% ومن التيارات المعارضة التي لن يكون باي حال من الاحوال تمرير القوانين غير الخادمة والتي تم تفصيلها لاصحاب نفوذ ورأسماليين على حساب قوت الشعب.

ما يهمنا في هذا المقام، اعطاء تصور عام وشمولي لهيكلة المجلس القادم، فالقانون الجديد سيطيح بنواب لم يكن لهم وجود او فعل بالمجالس السابقة او نواب الصدفة ونواب المصالح والاسترضاء ، او اولئك الذين وجدوا مالهم الاسود الطريق الاسهل للوصول للواجهة السياسية الى فبة البرلمان.

الثاني والعشرون من ايلول وبُعيد اعلان نتائج الانتخاب سيقف الاردنيون امام استحقاقهم الدستوري ، الذي افرز مجلسا نيابيا قويا كما يستحق الاردن والاردنيين، الامر الذي يتوجب ازاءه على " المستقلة للانتخاب" وأجهزة الدولة العمل على محاربة المال الاسود وتنفيذ القانون بحذافيره على اي مرشح او ناخب تجاوز القانون، لان اصحاب المال الاسود لم يدخلوا مارثون سباق قبة العبدلي الا لمصالحهم واهدافهم ولاجل ان يكون المجلس ممرا ومقرا لانعاش "البزنس" خاصتهم.

فعندما يطبق قانون "المستقلة" وتضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه الاتجار بالوطن ومصلحته الوطنية، وتضعهم خلف القضبان نستطيع ان نقول باننا حتما سنكون امام اعادة انتاج مجلس نيابي قوي نفخر به وهذا المجلس سيكون داعما للدولة يقوم بواجبه الرقابي والتشريعي الامر الذي يخدم اراس النظام واركان الدولة لنكون مطمئنين على مستقبل الاردن كما يريده القائد .