قد قلنا وكتبنا وخاطبنا منذ سبعة عشر عاما أن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية قد تحولت (للأسف) من جزيرة يافعة الجمال ووارفة الظلال ... الى ساحة للأحتجاجات حينا ، وبؤرة للتصفيات حينا ... ومحرقة للأستديوهات حينا ... وميدانٍ للتشابك بالأيدي والضرب (بالكفوف) حينا آخر كما حصل اليوم بين أحد مقدمي البرامج في التلفزيون الأردني ورئيس مجلس ادارة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الاستاذ جورج حواتمة ...

اليوم الأربعاء ... هو الاربعاء الأسود في تاريخ هذه المؤسسة التي هرمت وشاخت وهي ما زالت في التاسعة والاربعين من عمرها ، والسبب في كل ذلك منذ سبعة عشر عاما هو ضخ المزيد من (الكوليسترول المشبّع بالواسطات والتنفيعات ) في جسدها ، وزيادة كمية الكورتيزون الذي تسبب في انتفاخ جسمها ليمتد على مساحة (2612 موظف) بعظهم لا يداوم والبعض الآخر يداوم ولا يعمل ، والبعض الأخير (القليل) يعمل ضمن سياسة منقوصة وغير مدروسة ... ولهذا لم يحظر مذيع نشرة اخبار الحادية عشرة ليلا قبل ايام ، وانقطع التيار الكهربائي عن استديو البث قبل ايام ... وحدثت مغالطات واشكاليات كثيرة على الشريط الاخباري معظم الأيام .

لقد اخطأ الزميل مقدم البرامج والحاصل على شهادة الدكتوراه حديثا خطأً فادحا وجسيما من حيث الطريقة التي تعامل بها مع رئيس مجلس الإدارة باستعمال اسلوب الضرب والتشابك بالأيدي ، لأن الحقوق لا تؤخذ بهذه الطرق غير الإنسانية ، ولأن رجلا اعلاميا له تاريخه الطويل (مهارة ونظافة وقدرة واقتدار ) كما هو جورج حواتمة وقد اقترب من الثمانين عاما ، لا يجوز التعامل معه بهذه الطريقة الفجة التي لا تتناسب لا مع عمره ولا مع تاريخه الإعلامي الطويل ، وحتى وإن كان من باب الدفاع أو الهجوم فليس هناك مبررا لأن يتطاول موظف على رئيسه بطريقة الضرب ، وهذه أول مرة في حياتي الإعلامية لا أستطيع فيها الوقوف لجانب زميل للدفاع عنه ... لأن فعلته تجاوزت كل الخطوط الحمراء والصفراء .. فوالله ثم والله ثم والله لو أن جورج حواتمة ابن السبعينات (ضربني ) وأنا ابن الستين عاما فلن ارفع نظري بقامته أبدا ... بل سأقول له شكرا على (الكف) اذا اعتقدت أنك على حق ...

والسؤال الذي طرحناه منذ سنين ... كيف كان يفكر بعض رؤساء الحكومات السابقين حين يقوم أحدهم بتعيين مديرا عاما لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون لا يملك مهارة سوى انه كاتب في جريدة مغمورة لمدة اربع سنوات ، ومديرا عاما آخر لا يملك تراثا اعلاميا سوى انه كاتبا صحفيا ، ومديرا أخر كان يعمل رئيسا لتحرير صحيفة ... ومصيبة أخرى بمدير عام يحمل التوجيهي المصرية قديما ... وهكذا ... حتى نصل الى رئيس للوزراء قام بتعيين مدير عام للمؤسسة في آخر ساعة من دوامه بعد أن تم ابلاغة بتقديم استقالته كرئيس للوزراء .

مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الأردنية يا دولة الرئيس ، مؤسسة تتعامل بأطر وتقنيات وفواصل وعلامات اذا اختلت احداها ... فإن الشاشة تهتز ولو كان معامل الإهتزاز حرفا واحدا تم رفعه وهو في الأصل مجرور .. هذه المؤسسة يا دولة الرئيس لا يجوز ان يكون فيها مدير الاذاعة مخرجا ومدير التلفزيون مخرجا ومدير البرامج مخرجا ومدير الانتاج مخرجا ... الى آخر القائمة ، وأنت تعلم يا دولة الرئيس أن مهنة الإخراج هي مهنة فنية وليست ادارية ....

يا دولة الرئيس ... اذا كان الذين من حولك يخافون ويتخوفون من اطلاعك على رسائلي الثلاث اليك وهذه الرابعة ... فالأولى بدولتك تنظيف بيت الرئاســـة قبل تنظيف البيوت الأخرى .

عطوفة الاستاذ جورج حواتمة ... أتمنى ألا تطول اقامتك في المستشفى فما زال أمامك الكثير الذي ننتظره ، في الوقت الذي ما زالت فيه (اذاعة المملكة الاردنية الهاشمية ) تُدار من قبل ثلاثة عشر موظفا فقط في الفترة الليلية ... لأن عطوفة المدير (المخرج) هو مدير للإذاعة في النهار فقط ... أما تسيير الفترة المسائية ، فللإذاعة ربّ يحميها .