فورين أفيرز: لماذا فشل الانقلاب في تركيا ونجح في مصر؟


جراسا -

نشرت مجلة “فورين أفيرز” تقريرا للكاتب ستيفن كوك، يقارن فيه بين الانقلابين العسكريين المصري والتركي، محللا لماذا نجح الانقلاب في مصر، وفشل في تركيا.

ويقول الكاتب: “شاهدنا خلال السنوات الخمس الأخيرة لحظات غير عادية في الشرق الأوسط، وكانت صور المواطنين العاديين يتجمعون حول الدبابات وسيارات الجيش الأخرى صورا آسرة، ومن بين تلك الصور الواردة في بدايات تموز/ يوليو عام 2013، التي صورت مصريين فرحين جدا، ويحتفلون بخروج الجيش المصري للإطاحة بالرئيس المنتخب للبلاد محمد مرسي، منهيا سنة من تجربة الإخوان المسلمين في الحكم، وكان الانقلاب تأكيدا لعودة الجيش للسلطة، والسيطرة على النظام السياسي”.

ويضيف كوك: “عادت هذه المشاهد الجمعة الماضية إلى شوارع إسطنبول وأنقرة، لكن بدلا من الفرح كان المواطنون التركيون غاضبين على الجيش، الذي كان يحاول الانقلاب على الرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان، السياسي الذي استمر بالفوز في الانتخابات منذ عام 1994 عمدة لإسطنبول، ثم رئيسا للوزراء، وبعدها رئيسا للبلاد، وفشلت محاولة الانقلاب، وبدأت عملية التطهير، التي تركت الجيش، الذي يعد الجيش الثاني من حيث الحجم في حلف شمال الأطلسي، في حالة فوضى، فكيف حقق ضباط الجيش المصري ما لم يستطع فصيل من الجيش التركي القيام به، خاصة أن للجيش التركي تاريخ انقلابات حافلا؟ يكمن الجواب على هذا السؤال في التدخلات ذاتها، وفي النظرة التي تشكل القاعدة للاعتقاد”

ويتابع الكاتب قائلا: “أشار محللون آخرون إلى أسباب فنية مختلفة، لتفسير فشل انقلاب الجمعة الماضية، وأحد هذه الأسباب هو فشلهم في اعتقال أردوغان، وعدم قدرتهم على السيطرة على الاتصالات، وبقاء المطارات مفتوحة وتعمل، وبقاء وزراء الحكومة أحرارا، أما في مصر فاستطاع عبد الفتاح السيسي، الذي كان وزيرا للدفاع، واليوم هو رئيس البلاد، التعامل بفعالية مع هذه الأمور كلها، وتم وضع القادة المدنيين في مصر تحت الحراسة، ليس كما كان الحال في تركيا، حيث ظهر رئيس الوزراء بن علي يلدريم خلال الساعة الأولى من انتشار الجيش على التلفزيون؛ ليعلن بأن تلك التحركات العسكرية لم تكن بمصادقة من الحكومة، وتوعد بعقوبة المسؤولين، كما أن الضباط المصريين كانوا متفقين، خلافا للقوة العسكرية التركية، التي كانت منقسمة جدا”.

ويجد كوك أنه “يمكن أن تكون هذه التوضيحات منطقية إلى حد ما، لكنها في الوقت ذاته تخفي فرقا أهم وأعمق بين القوات التركية ودورها في السياسة، وبين نظيرتها المصرية، حيث إن الأكاديميين والمراقبين والصحافيين كانوا دائما يصورون مدى نفوذ هيئة الأركان العامة التركية وقوتها، وذكاء القادة العسكريين في تخويف السياسيين، فكان عليهم الالتزام بما يفرضه الجيش، أو السقوط من الحكم، وقال بولنت أجاويد، الذي صار بعد ذلك رئيسا للوزراء، في أواخر التسعينيات للأتراك بأنه يمكنه أن يعمل مع الجيش”.

ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21”، إلى أن المراقبين يعتقدون بأن القيادات العليا في الجيش المصري مطيعة نسبيا في السياسة، ويرى المراقبون أن إحالة حسني مبارك للمشير عبد الحليم أبو غزالة عام 1989 إلى التقاعد، هي النقطة التي حُلت فيها إشكالية العلاقة بين الحكم المدني والعسكري في مصر، لافتا إلى أنه في العقد الأخير قبل الإطاحة بمبارك كانت الداخلية هي القوة الصاعدة، وبدأ المحللون المصريون والغربيون يعتقدون بأن سيطرة الجيش، التي أسسها جمال عبد الناصر والضباط الأحرار، انتهت لصالح دولة بوليسية.

وتتساءل المجلة قائلة: “لماذا قام الجيش التركي بإسقاط الحكومات عام 1960 و1971 و1980 و1997؟ لقد تمت هذه التدخلات كلها بذريعة الحفاظ على طبيعة النظام السياسي الجمهوري، القائم على قواعد أرساها مؤسس الدولة مصطفى كمال أتاتورك، ففي عام 1960، وبحسب الجنرالات الذين انقلبوا عليه، انحرف رئيس الوزراء عدنان مندريس وحزبه الديمقراطي عن قيم الشعب، واستخف بالقوات المسلحة أيضا، وفي عام 1971، وجه الجيش في (انقلاب عن طريق إرسال مذكرة) الحكومة المدنية بتعديل أجزاء من الدستور، كتبت بعد التدخل عام 1960، التي عدتها هيئة الأركان (ليبرالية أكثر من اللازم)، أما المجلس العسكري، الذي سيطر على السلطة عام 1980، وأدار البلاد لمدة ثلاث سنوات، فأمر بتجديد الدستور تماما، ليكون دستورا يحفظ الحريات الشخصية، لكنه كان يتوجه نحو حماية الدولة التركية من الناس، ومن نهب السياسيين المدنيين، الذين لا يمكن الثقة بهم للحفاظ على القيم الكمالية والعلمانية والجمهورية والوطنية والدولانية والإصلاحية والشعبية، وقام الضباط عام 1997 بإكراه الحكومة المدنية للموافقة على مجموعة طلبات –تتعلق بالذات بالعلمانية– لكن هذه الطلبات لم يستجب لها، فقامت هيئة الأركان بمساعدة من بعض مؤسسات المجتمع المدني بتحريض الصحف وكبار التجار والأكاديميين والسياسيين للإطاحة بالحكومة”.

ويتوصل الكاتب إلى أنه “لذلك يمكن الفهم لماذا يعد المراقبون الجيش التركي جيشا له نفوذه، وما يجب فهمه هو: لماذا اعتقد الجيش أن هناك ضرورة للتدخل؟ رغم أن عدد الأتراك الذين يرفضون التقيد بالسياسة التي تطالب بها الكمالية في تزايد مستمر، فلو كان بإمكان الجيش وحلفائه المدنيين غرس الأفكار الكمالية في عقول الأتراك لما كانت هناك حاجة لوجود الضباط في المجلس الأعلى للمرئيات والمسموعات، ولا في مجلس التعليم العالي، ولا المطالبة بوجود بند في الدستور يقضي بأن تعطي الحكومة أولوية لقرارات مجلس الأمن الوطني، الذي يسيطر عليه الضباط، ولما كانت هناك حاجة للتخلص من أربع حكومات في أربعة عقود”.

ويقول كوك: “بشكل مبسط، لم يتقبل الأتراك ما حاول مجلس الأركان بيعه لهم، وهذا يعني أنه كان على الضباط أن يجبروا الجميع على الالتزام بخطهم، ولو وضعنا الأسلحة المتطورة، التي يملكها الجيش التركي، والتي يمكنه استخدامها، إلا أن التدخل المتكرر في السياسة لا يكشف عن قوة، بل عن ضعف واضح؛ لأن تدخل الجيش جاء بسبب الكمالية، التي تشكل عقيدة للجيش، ومنبع قوته المدعاة، لكن معظم الشعب لا يرى لها



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات