قام احد علماء الانثربولوجيا بعرض لعبة رائعة على أطفال احد القبائل الإفريقية البدائية ، حيث وضع سلة من الفواكه اللذيذة قرب جذع شجرة وقال لهم بأن أول طفل يصل الشجرة سيحصل على السلة بما فيها... وعندما أعطاهم إشارة البدء تفاجأ العالِم بأنهم يسيرون سوية وعلى نفس الخطى وفي نفس الوقت ممسكين بأيدي بعضهم حتى وصلوا الشجرة معاً وتقاسموا الفاكهة اللذيذة بالتساوي وأكلوها فرحين ...وعندما سألهم لماذا فعلتم هذا ، فيما كان بإمكان كل واحد بينكم الحصول على السلة له فقط؟ ... فأجابوه : وكيف يستطيع أحدنا أن يكون سعيداً لوحده والباقين تعساء!!

فهذه القبيلة البدائية عرفت سر السعادة الذي ضاع في جميع المجتمعات التي تعتبر نفسها متقدمة ومتحضرة ، وهذه القبيلة البدائية عرفت معنى الحضارة الصحيح والحقيقي والذي يقول: (أنا أكون لأننا نكون)...

فلو نظرنا اليوم إلى مرشحي المجلس النيابي أو من يضع في نيته الترشح، تجد بأن معظمهم يشبعنا كلام وشعارات رائعة وحكم ومواعظ ووعود خيالية ( ولا بالأحلام)...ويحاول إقناعنا بمقولة أطفال القبيلة الإفريقية البدائية: (أنا أكون لأننا نكون)... ودائماً ما في على لسانه إلا قول:أنا بدونكم لا أساوي شيء ، وانتم اللبنة وحجر الأساس ، وجربوني هاي المرة ورح تشوفوا بعيونكوا الفرق، وما رح أخيب الأمل والثقة اللي منحتموني إياها ورح أسير على خطاكم ، وكما تريدونني سأكون ، وسنمشي سوياً حتى نصل إلى سلة الفواكه اللذيذة معاً ...

لكن وبعد منحه ثقة الناس وأخذه أصواتهم يركض وحيداً إلى سلة الفواكه ليأكل كل ما فيها.. وياريت انه بسمح لحدا يمشي نحو السلة بصير يرمي قدامه حجار ويعثر فيه مشان يوقعه...

فلن تخدعونا بتلك الشعارات الكاذبة ولا بكلامكم المعسول المزيف ، فالكل يعرفكم جيداً ويعرف أنانيتكم ويفهم لغة المصالح الصادرة من أفواهكم، ويعرف جيداً بأنكم ستتسلقون على ظهور الناس للوصول الى سلة الفواكه التي ترون فيها سعادتكم وتتركوهم تعساء... فكونوا على ثقة بأنكم لن تخدعونا ولن تخدعونا لأننا فهمنا معنى الحضارة والتقدم الصحيح الذي لم تفهموا معناه بعد.