هزاع الذنيبات أُسطورة وقدوة


ربما لم يحفل رحيله بالكثير من الاهتمام عند ربطات العنق الرسمية ولم يأبه لفقدانه من لا يعرفه , ولكنّه وللحق كان جديرا بأن يكون الهاما شعبيا وقدوة رسمية حسنة , الرجل الذي كان يلقّن يومياً دروساً بكيف تثار العزيمة و يشدو الامل ويزهو العطاء ويقيّم الاخلاص.موظف نموذجي بشهادة كل من مرّ بالجوار و في جزئية عمل وطنيّة تبرهن قيمة العمل المتقن وأثره في النفوس. 

رجل مرور كامل الاوصاف ، متّقد الحماسة والرشد ,لم يرفع يديه الا لينظّم السير باحترافية هادئة ويمنح الاولوية بنتاج الخبرة الممتلئة مرونة وتفهّما , يحرّر للمخالف عقابا مؤدبا ناجعا ،ابتسامة هنا وتحية عسكريّة هناك , وهو من كان يسحب الثقة من الاشارة الموكلة في الوقت المناسب قبل أن تثقل على منتظريها وتبطش بعزيمتهم وتعرقل سير الواجبات وتبطئ حركة الانجاز التي حدت بالجميع ان يمتطوا صهوة مركباتهم ليتوجهوا الى اعمالهم ...لم أره يوما حاملا لدفتر الجباية ولا قلم الشؤم فلقد كان مؤمنا أنّ المدنية الحقّة ليست مغلقة على العقاب المادي بقدر ما هي التزام بروح القانون و بناء للثقة وللثقافة والوعي ورعاية للمصالح وتقديم للنصح بالحكمة والموعظة الحسنة , لم يكن متساهلا بعشوائية كما يظنّ البعض بل حازما , حزمٌ لم يصرّح فيه بأنّ هيبة الدولة خطاً احمراً بل خلق تلك الهيبة في أنفس المارة بالالتزام وتجاوز العثرات واحترام وقت الفرد واكتراثا بمصالحه . هزاع كان انيقا راقيا في ادائه وفي لباسه لم يكن كالسّاسة في ظاهرهم الاناقة والرتابة وفي داخلهم قصور جليّ في الاداء و حجم مدمّر من التخبّط والفوضى . وفي نهاية يومه الرسمي كان يتوّجُ عمله بانجاز حررت فيه ألاف الابتسامات ونجحت في خلق توازن حفظ حقوق الشارع والمواطن , كيف لذلك العقل والقلب بك يا هزاع أنْ يتحمل وكيف لا و أنت امتداد لوصفي وفراس العجلوني وهزاع المجالي وعبد الحميد شرف ....

في لهيب الصيف وقرص الشتاء كنت هناك تعتمر خوذتك الثقيلة تكيّف الهواء ليهبّ نسيما عليلا على الصدور وتقدّم استفتاح خير مجانيّ لكل من اوقفته بلباقة الاخلاق لا بسلطة الاشارة, وضعت الامن جسرا من الاحترام المتبادل لا سوطا تضرب به ولا مقصلة تدق بها عنق الموظف الماشي في مناكبها ...اظهرت بإخلاصك وحضورك الصريح كيف تكون المساواة بين المارة والسائقين ،بين الأمراء والوزراء وبين الفقراء والمساكين ,لم تعتبر لنوع المركبة ولا راكبها الا ضمن القواعد التي اتقنت تعلّمها . ولم تتحيّز لطائفة او عشيرة , كنت هيئة مستقلة باكملها لم تنتهك حرمات الاشهر ولم تبخس الناس اشياءهم كما بخس الساسة من اشياء الناس وحوائجهم وانتهكوا حرمات ايامها.

لا شكّ ان فقيدنا قد حقّق رقما قياسيا في مرور آمن للجميع, لم يصل اليه رئيس وزراء او وزير من قبل في نسبة مئوية بين الواجب والانجاز ...وبالرغم من همومه الخاصة و العراقيل والمصاعب التي اعترضت لحظات يومه الا أنّه تمكّن أن يتجاوزها بأقل الخسائر ،خرج فيها الجميع راضون وبانطباع مقنع بأن الحق قد وصل ،صدقة جارية ستبقى في رصيدك ايها النشميّ من اماطة اذى الاخلاق السيئة عن الطريق وفتح ممر خاص لصاحب حاجة , وبناء من الادعية والسمعة الحسنة.

لا بدّ أن كان لهزاع افكاره الوطنية ورأيه السياسي والاقتصادي ورؤيته المرورية , وهو ما كان حريصا أن يكون عمله ترجمة لهذه الأفكار البنّاءة والرأي السديد , لقد سطّرت انبل الامثلة في التفاني والإخلاص والإتقان. هزاع يا وجهنا الحنطي الموشح بالكرامة والعز عملت فأخلصت فنلت فرحلت مكرما طيبا. نسأله الله لك الرحمة والمغفرة...ونسأله المولى ان تكون من المؤمنين الذي قضوا نحبهم وما بدّلوا تبديلا.
shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات