قراءة في توجه داعش نحو الاردن


لم يعلن تنظيم الدولة الاسلامية " داعش " مسؤوليته عن خلية أربد ، ولم يعلن مسؤوليته عن واقعة البقعة ، كما لم يعلن مشؤليته عن عملية السيارة المفخخة في الرقبان .
ان عدم اعلان "داعش " مسؤوليتها عن هذه العمليات الثلاثة ربما يشير إلى رغبتها في اخفاء وجهتها الحقيقية في الايام القريبة القادمة ،وقد يعني هذا ان قرارا على مستوى قيادة التنظيم قد اتخذ بهذا الشأن .
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة هو لماذا قررت داعش التوجه نحو الاردن الآن و بعد مرور أكثر من 3 سنوات على اعلان دولة الخلافة هناك في العراق و الشام مع ان الاردن كان من اول الدول العربية المنخرطة في التحالف الغربي لمحاربة داعش وقد كانت اول طائرة حربية تسقط هناك طائرة حربية اردنية؟؟.
ربما يكون قرار داعش هذا قد جاء بسبب ظرفين استجدا مؤخرا على الساحة، الاول : الضغط العسكري الهائل المتوالي الذي تتعرض له داعش في كل الجبهات العراقية و السورية و ربما ترى داعش ان التوجه نحو الاردن ببعض العمليات قد ينفعها باتجاهين الأول : رسالة إلى التحالف الغربي الذي انضمت إليه مؤخرا روسيا و ايران لوقف هجوماته او التخفيف من ضغطه على مواقعها في العراق و الشام لأن الساحة الاردنية تعتبر منطقة جزاء المرمى الاسرائيلي و تواجد داعش فيها سيكون أمرا مقلقا و مزعجا للتحالف بسبب طول الجبهة الاردنبة الفلسطينية و صعوبة السيطرة عليها مما قد يعرض أمن دولة الغزاة الصهاينة لاخطار غير عادية و دائمة وذلك لأن تركيبتها البشرية لا تستطيع البقاء بحالة حرب قد تستمر إلى سنة أو سنتين و ربما أكثر .اما الاتجاه الثاني فقد ترى داعش ان الساحة الاردنية ملاذا أكثر أمنا لها من أي مكان آخر _ وإن إلى حين _ في حال سحبت قواتها من العراق او من سوريا تحت وطأة الضربات الجوية و الزحف البري الذي تتعرض له قواتها من جميع الجهات و ربما انها تجد نفسها مرغمة على ذلك دون النظر الى النتائج المترتبة عليه ، وربما هذا الذي دعاها مؤخرا لفحص الحدود الاردنية لمعرفة النقطة الرخوة التي تسمح لها بالمستقبل عند الضرورة بعمل اندفاعة قوية من هذه النقطة إلى داخل الاردن .
اما الظرف الثاني المستجد الذي قد يكون سببا في توجه داعش غير المعلن نحو الاردن فلربما انها قد درست خلال العامين الماضيين المزاج الشعبي الاردني الذي تميز بتزايد السخط على سياسة حكومة النسور الراحلة بسبب ضيق العيش و تأكل المرتبات بسبب الارتفاع المتواصل للاسعار و زيادة الضرائب و القلق العام من ارتفاع نسبة الجريمة و ارتفاع نسبة البطالة ، وقد تكون داعش لاحظت في الفترة الاخيرة مؤشرات على تفكك و تخلخل الجبهة الداخلية في الاردن بسبب هجمة الحكومة الشرسة على المسلمين المعتدلين بدأت باعتقال زكي بني ارشيد و انتهت باعتقال الشيخ العلامة الدكتور امجد قورشة المحبوب عند الاردنيين و المعروف بالشيخ العصري و سبق ذلك اغلاق مقرات الاخوان المسلمين و منع نشاطاتهم حتى طال المنع و الاغلاق نشاطات و بعض مقرات حزب جبهة العمل الاسلامي و بذلك جرأت الحكومة غير المسلمين عليهم مثل بسام حدادين و غيره .
رافق تلك الهجمة الشرسة تضييق شديد على الحريات العامة بما فيها حرية التعبير عن الرأي بوسائل سلمية حيث اقدمت الحكومة بغتة على هدم خيمة اعتصام سلمي للمتعطلين عن العمل في ذيبان و اعتقلتهم و نكأت جراح ذيبان من جديد الامر الذي اثار سخطا شعبيا عارما في كل المحافظات و زعزع الامن و الاستقرار في محافظة مأدبا و كان الاولى بالحكومة هدم خيمة الفساد المنصوبة في عمان من زمان .
وقد تستفيد داعش مستقبلا من الاجواء التي قد تحدث عند ظهور نتائج الانتخابات النيابية الصورية القادمة التي ستزيد من الشرخ بين المواطنين من جهة و بين المواطنين و الحكومة من جهة آخرى .
اضف إلى ذلك مجيء حكومة جديدة ضعيفة بكل المقاييس و اضعف حلقة فيها شخص الرئيس .
و الحالة هذه هل يمكن لهكذا حكومة ان تصلح الاوضاع الداخلية و تعمل على تمتين الجبهة الداخلية عمليا و ليس اعلاميا امام احتمال اندفاعة داعشية مباغتة إلى داخل الحدود الاردنية ؟ .
هذا هو السؤال الذي يجب ان تجيب عليه الحكومة و تعمل من اجله باسرع وقت بمحاكمة الفاسدين و رد الحقوق لاصحابها و اقامة ميزان العدل بتعديلات دستورية تعيد للشعب صلاحياته المسلوبة و تعديل قانون الانتخاب و الاعتذار للشعب الاردني عن جرائم الحكومات السابقة .. وما اظنها فاعلة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات