ابطال على قراطيس مهشمة


كنت جالسا مع نخبة طيبة من اهل الخبرة والعلم والدراية بشؤون وهموم تدريس طلبة التوجيهي.

احدهم معلم فيزياء خبير وله اسم لا يقعقع له بشنان، على رأي المصريين الاشقاء (واكل الجو)، اتصل به القائمون على موقع الاوائل، طلبوا منه التحدث عن امتحان الفيزياء، وتحليله وتبيان درجة الصعوبة من السهولة وما الى ذلك من مواصفات الاختبار الجيد، واعني بالجيد مدى ملائمته لمستويات الطلبة الثلاثة، وشموليته وتنوعه، بعد ان يجيب على الاسئلة ويحلها حلا نموذجيا كما يطلب من الطلبة وخلال ساعة ونصف.

جلس المعلم الخبير حائرا مضطربا، قلنا ما بك؟ اجاب بالقول: انني وبرغم خبرتي الطويلة لا استطيع حله خلال هذه المدة المطلوبة، كما لا يمكنني تشكيل رأي جامع محيط بكل تفاصيل الاختبار.

وقف الرجل عاجزا وممتعضا لا حول له ولا قوة.

السؤال يا وزارة الدفاع والحربية:

اذا كان هذا الشعور بالعجز وقلة الحيلة قد اعترى احد اعلام الفيزياء وانا اجزم انه علم لا يجاريه الا القلة القليلة في مدارس المملكة، ترى ما هي حالة عموم الطلبة مع هذا الاختبار المعجزة ، الاختبار التعجيزي التضليلي ذو النوع (misleading questions ) كما يقال في علم القياس والتقويم؟

الا يوجد مساءلة توجه الى من اوعز وخطط ونفذ وبنا وصمم واخرج وسيصحح ويدقق ويرصد العلامات ويعقد اللقاءات الصحفية ويزود وسائل الاعلام بالاضاليل؟

هل اعشى القوم شهر رمضان عن لفتة من حصيف تقول لمن استل السيف في شهر الحرمات والطاعات، وبرنامج البنين الصائمين لله يوما اثر يوم، لا راحة فيه لمحارب ، يمضي ثلثا النهار والطلبة خارج بيوتهم ثم العودة خماصا منهكين حتى الثامنة ليسرقوا ويلملموا ما تبعثر و ما تبقى من سويعات لاختبار اليوم التالي، هل بات الامر رهانا على لعبة الوقت والصيام والخوف والرهاب لجني المزيد من الاخفاقات والادعاء بأن هذا هو مستوى الطلبة الحقيقي، هل الامر دعاية لميزان شاقولي من القرون الوسطى نفض عنه الغبار شخص تفرد بالقرار؟ ام ماذا والتربية والتعليم واصولهما يوصياننا خيرا وترفقا بالابناء لأنهم ارق افئدة واغض عودا؟

لا يا وزارة الحربية، نقر لكم بانجاز على مستوى البروباغاندا اما على طوبوغرافيا الواقع فالفشل ثم الفشل ثمرتكم اليانعة.

هل نضب الوطن من مراقبين غيورين يعيدون الحق والصواب الى نصابه القويم؟ ام انها وكما يقولون (فلة حكم)؟ هل ما يجري من مزاجية وغياب للموضوعية وطغيان الاحساس بالنرجسية والدونكيشوتية وحب الظهور على حساب الثوابت المهنية كل ذلك بلا اي التفاتة من مسؤول رجل او امرأة يوقفون هذا الانهيار والسقوط المريع حديث العجائز والصبيان والاكاديميين الصم البكم رجال التربية والتنظير في الجامعات؟

هل هانت وهنا وهان عليكم صحة عشرات بل مئات الالوف من الطلبة (عدة المستقبل) اقصد الصحة النفسية والعقلية والجسدية للطلبة لنتركهم نهبا وميدانا رحبا لمن ابتلاهم ربنا بالسادية والمازوكية يتلاعبون بهم وبذويهم لعب الكرة في الحارات عيانا جهارا نهارا وليلا بلا اي وازع من رقيب ومعيار اخلاقي ومهني؟

لا ازعم اني افشي سرا كبيرا لو قلت لكم ان نصف الشعب ممن لديهم توجيهي ومعهم ابناءهم ممن يتقدمون لاختبارات الانتحار ومعهم من ينتظرون العام القادم باتوا في حالة من الرهاب والقلق والفزع والانفصام، ومرد ذلك الى جرائم ما يجري من اجراءات وخطوات بحجة ضبط واعادة هيبة التوجيهي، نعم ابشركم ان هيبة التوجيهي ورهبته ورعب الطلبة منه بات علامة فارقة في تاريخ الوطن، ابشركم ان الشعب وبنيهم باتوا يعانون من فوبيا اسمها توجيهي اردني، ابشركم اننا اصحاب اختراع وكشف لا مثيل له في علم الجريمة والسلوك الاجرامي.

اما السؤال الكبير فهو، ما المردود من كل هذا التجاوز والتنكيل والتهشيم لبنية الشعب وهم يتضورون الما على فلذات اكبادهم، اهو الاخفاق والتسريب الى الشوارع والازقة ليقال عنا اننا ضبطنا وادبنا الناس ايما تاديب؟

ام ليقال عنا اننا ابطال داحس والغبراء والبسوس نحن وكفى والباقي خسا.

الا ضعف الطالب والمطلوب، وعظم الله اجر الوطن فيما جرى ويجري من اغتيالات تربوية لا رادع لها الا العناية الالهية.

* عميد متقاعد / ماجستير مناهج واساليب تدريس.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات