(الإعفاء) أو تقصير وإطالة اللحية


هو من سنن الفطرة كما جاء في الحديث الصحيح:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ …..) (1)
• قيل ان ورود حديث اعفاء اللحية في مسلم والبخاري اخرجها من العمومية الى التخصيص وبالتالي اخرجها من الاستحباب الى الوجوب..
• والجواب على هذا إن اللفظ المطلق أو العام يقيد ويخصص بعمل الصحابة فاي فرد من هذا العموم يخرج الفعل عن مراده لعدم جريان العمل به.
• لا يقال ان عمل الصحابة هذا مخالف للنص، بل هو ضمن النص بما تعني كلمة الاعفاء من احتمال الاشتراك اللفظي (بين الكثرة والتخفيف)
ولقد فهموا قول نبيهم: ( فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم ) رواه ابن ماجه بسند صحيح
فالخلاف ناشيء عن :
1. بعض الاحاديث مروي بالمعنى وما ثبت هو فعل الاعفاء («أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وأَعفوا اللِّحَى»رواه مسلم لكن البخاري رواه بلفظ «وفروا اللحى» «أنهكوا الشوارب»«جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى. خَالِفُوا الْمَجُوسَ»
فقد حصل خمس روايات: "أعفوا وأوفوا"، و"أرخوا"، و"أرجوا"،
و"وفروا"، ومعناها كلها تركها على حالها
2. كلمة (اعفوا) من المشترك اللفظي «اي: محتملة للشيء وضده كما قال أهل اللغة» اي لها معنيان مختلفان (عفا الشيء إذا كثر وزاد) ؛ فالاعفاء بمعنى التكثير والتوفير والاطلاق بلا قيد فترك التعرض للحية يستلزم تكثيرها، والاعفاء بمعني التخفيف (عفت الديار من سكانها)اي نقصت او خلت من اهلها.
3. قول الصحابي يراه البعض قرينة والبعض لا يراه.
4. لتعذر معرفة تقدم الفعل على القول او العكس وايهما الناسخ او المنسوخ فالاصل حسب القاعدة: ان يُحمل امره على الندب اذا خالفه بفعله وبعض الاصوليين يقدم القول على الفعل ..!

وعلينا الاقرار بان الدليل إذا طرأ عليه الاحتمال سقط به الاستدلال
والمسألة خلافيةٌ كما قال الامدي والسبكي بين من يقدِّم القولَ على الفعل، ومن يرى أنَّ الفعل أَوْلى منه، ومن يسوِّي بينهما في القوَّة وهو رأيُ ابنِ حزمٍ الظاهريِّ كما في الاحكام
لأنَّ تقديم القول على الفعل إنما هو من جهةِ احتمالِ الفعل الخصوصيةَ به صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وهنا منتفية هذه الصورة لفعلها من قبل الصحابة
لذلك يقلب مفهوم التحريم الى الاستحباب من باب التأسي بالرسول لفعل قام به عادة شائعة بين العرب آنذاك والتي اقتضت وجوده في ذلك الزمان والمكان...

صيغ الأمر تعني الوجوب إذا تجردت عن القرائن الصارفة لها.. بخلاف ما نجده في هذا الامر (اعفاء اللحية واطلاقها)...

ولكون الامر أصله للاستحباب شواهد :-
1. روى ابن أبي شيبة في المصنف أخذ ما زاد عن القبضة عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعبد الله بن عمر بن الخطاب وطاوس والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقال الحسن: كانوا يرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها ...فقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): عن عبد الرحمن بن مهدي، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن سماك بن يزيد قال: "كان علي - رضي الله عنه - يأخذ من لحيته مما يلي وجهه"
2. ثبت عن جابر رضي الله عنه انه قال :كنا لا نأخذ من طولها إلا في حج أو عمرة بخلاف ما هو عند ابي هريرة كان الاخذ عنده مطلقا غير مقيد بحج او عمره..
3. ثبت في الموطأ انه ورد عن عمر رضي الله عنه من أنه كان يفتل شعر شاربه وينفخ فيه ... ومعنى ذلك أنه كان يطيل شعر شاربه…
4. حديث الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها ) ضعيف السند حسب قواعد المحدثين...ولكن بهذه الاثار يكون صحيحا متنا
5.فعل الصحابة والتابعين في الاخذ منها لا يخلو من أمر قد فهموا مراده عن رسول الله في دلالة الامر على الاستحباب فان هذا الصارف دل بان صيغة الامر غير جازمة بما وقع منهم.
وان لم تسلموا بهذا فانكم وقعتم في المحذور بان الصحابة خالفوا قول الرسول وحاشاهم ان يفعلوا ولو فعلوا لاستنكر عليهم بقية الصحابة ولهذا فان هذا الفعل منهم يستدل به على توافر عمله من قبل الصحابة الاخرين وانه كان شائعا بينهم.....والشاهد قول جابر : "كنا نعفي" حكاية عن الصحابة، كلهم أو أكثرهم، وهذا يؤيد أن الأخذ من اللحية لم يكن من فعل ابن عمر وحده، ولكن من فعل غالب الصحابة
(قصوا الشوارب وأعفوا اللحى - جزوا الشوارب وأرخوا اللحى - وفروا اللحى وأحفوا الشوارب)
6. بهذا الصارف والقرينة منهم رضي الله عنهم تخرج دلالة فعل الامر من الوجوب الى الاستحباب
7. وبالتالي فإنّ إعمال الامر على انه من افعال الفطرة المستحبة كما جاء في الحديث أولى من تخصيصه واعتباره من الوجوب..
8.اقوال العلماء في تهذيب اللحية:
• قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن(3)
• عن إبراهيم النخعي: «كانوا يأخذون من جوانب اللحية»
• قال ابنُ القاسم: سمعت مالكًا يقول: لا بأسَ أنّ يُؤخذ ما تطايَرَ من اللِّحية وشَذَّ(4)


والله اعلم


1. رواه مسلم ( 261 )
2. "مصنف ابن أبي شيبة" (5/ 225 رقم 25480).
3. كلام النووي في شرح مسلم جـ 3/ ص 151.
4. رواه ابن عبد البرّ في التمهيد: 24/ 143.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات