يا ابنتي: أعاود الكتابة مرة أخرى ولكن وجهي للحائط!.


أتسربل بوهن مِن تحتهِ وهن مِن فوقهِ وهن مِن حولي حُشود، وأتوه في ذات المكان.
آلام بعضها فوقَ بعضٍ فوقَ بعضٍ في جسدٍ مُسجّى، وأوجاع أبعد مِن حدود البدنْ، نَفَذت إلى ما وراءَ السّاترِ الجلديّ من لحمٍ وعصبٍ وعظم.

أوجاع تغوص إلى ما وراء الوراء، حيثُ تنتشبُ المعاني في بعضها كما ينتشبُ القومُ إذا التحمَت صفوفُهم، فأنّى أحتمل.

أترين...ها أنا ذا أنساق للحلقة الأضعف في سوداوية المشهد نحو المأساةِ المتشحة بظلمةِ الظُّلم في عالم ظالم، وبشر تتنافس في مضمارِ الشّعور بالآخرين في محاولة لإثباتِ النبل وتبرئة ذاتها من التبلّد أمام ذوات الآخرين في واقعٍ جُلُّ ما فيه يدفعُ إلى البلادة للحفاظ على بقيّة من أشياء لا أفهمها.

آآآه يا بنتي...ها أنا أنساق معهم وأنوح على مأسي الآخرين وأختفي خلفَ صورة المظلومين والمنكوبين الذين تتبارى عقولنا في ذات المضمار، لاستنطاق العِبارات والعبَرَات التي قد تصل حد إراقة الدمع عند الحديث عنهم.

بنيتي: ها انا أقترب من الاستبلاد للاستعباد في هذه الغابة...أي غابة هذه؟!

عذراً يا ابنتي؛ ليست غابة.

أنا لم أرى؛ فهل رأيتِ جثثا تتناثر في أحراج الغابة وشعابها؟!! وهل سمعتِ أن حيوانات حاصرت أخرى ومنعتها الكلأ والماء حتى قتلتها جوعا وعطشا؟!!

هل بلغكِ أن الغابة فيها حيوانات تُذيق الذل ألوانا لحيوانات على شبابيكِ الحدود أو عند الشيك الفاصل بين أقاليمها؟!!

هل قرأت أن حيوانا لاحماً قتل لغير حاجة الأكل، أو أنه سَفك الدماء تحقيقا لشهوة إثبات الذات أو دفاعا عن عرين الأسد؟!!

هل رأيتِ أو قرأتِ أو سمعتِ في يومِ مِن الأيامِ عن مَسيرةٍ في الغابةِ لحيوانات تهتف فيها: بالروح بالدم نفديك يا أسد الغابة؟!!!

هل تستحق الشعوب كل هذا التنكيل والقتل لمجرد أنها صرخت؟!.

هذا العالم أوحش من غابة، وهم أشرس من الوحوش، ونحن ليس لنا إلا أن نرقص مع أبناء آوى أو نستعطفهم ليطلقوا علينا رصاصة الرحمة إن نحن نطقنا.

عاريةٌ يا ابنتي هي الكلماتُ أمامَ الموتِ، والعباراتُ يقتُلها الخجلُ من نفسِها بين يديّ الطّفولةِ المتلويّةِ على بساط الجوع، والكهولة المذبوحة على حد القهر.

الآن...أنا مثلهم أبكي؛ بعد أن هاجت الروح المثقلة بالألم وأصدرت الأوامرُ إلى الدّمعِ السّخينِ بالتَّدفُّقِ من المحاجر علي وعليك وعلى القدس وبغداد وحلب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات