ابناء الحرَاثين : تجربة شخصية


خاص - كتب أدهم غرايبة - نًزَت تسريبات من معاقل ما بقي من جماعة " الإخوان المسلمين " و فرعها الحزبي الرسمي " جبهة العمل الاسلامي " مفادها ان اولئك القوم باتوا على قناعة بضرورة المشاركة بالإنتخابات النيابية القادمة المزمعة في ايلول القادم , بعد جولة من الإستشارة و الإستخارة .

جمهور واسع من عامة الناس قابل تلك التسريبات بالترحيب . يا لحظهم " جماعة الإخوان " ! يحظون بالترحيب , و التبريك, و اسباغ صفات الحكمة عليهم , إن قاطعوا و إن شاركوا ! .

قانون الإنتخاب الجديد لا يحظى اساسا بترحيبهم . هو أصلا أقل مما عرضهم عليهم دولة د. معروف البخيت من قانون تم اجهاضه , و كانت فكرته العامة إعطاء 3 أصوات لكل مرشح بحيث يكون صوت للدائرة , و صوت للمحافظة , و صوت على مستوى الوطن . و قد تمسكوا حينها برفضهم لاعتقادهم ان ثمة اجواء داخلية و خارجية يستطيع تنظيمهم الإفادة منها لتحصيل مكاسب اكبر , و قد خاب – حمدا لله – ظنهم و مسعاهم .

ليس القانون وحده . عموم الأجواء السياسية التي دفعتهم للحرد الانتخابي لم تتغير , فما الجديد الذي يدفعهم للمشاركة هذه المرة ؟!

يشعر قطاع واسع من القيادات المتوسطة , و معهم القاعدة الحزبية , أن مناكفات القيادات العليا ستؤدي قريبا للقضاء على الجماعة كليا , و ان مقاطعة الانتخابات لم تغير شيئا على الإطلاق و لم تعد بالنفع عليهم تحديدا , و ان " الدولة " لا تكترث كثيرا لتمنعهم , و ان اجواء الإنتخابات تتيح لمن بقي في التنظيم بعضا من التماسك , و لو كان مؤقتا , و تؤجل اية خلافات مستجدة لما بعد ظهور نتائج الصناديق التي إما ان تقضي على هذا التنظيم نهائيا, او ان توقف التدهور فيه , لا أكثر !

لكن ليس هذا ما يستحق الحديث عنه بالنسبة لي .

اعادتني اجواء الترحيب العام برغبة الجماعة بالمشاركة بالإنتخابات القادمة لاجواء الغمز و اللمز و التهم الجزافية , التي حظيت بها كتلة " ابناء الحرَاثين " , إبان مشاركتها في الإنتخابات الماضية , التي اطلقها ذات الجمهور المرحب اليوم بمشاركة الجماعة , و كانت حجة اولئك المشككين ان لا امل في الإصلاح من الداخل , طبعا من دون طرح اي بديل اخر و الاكتفاء بالحرد و النميمة من قبلهم بعد ان رفضوا الانخراط في مجرد مسيرات و احتجاجات سلمية , لطالما دعا طيف من الحراكيين و كان من ضمنهم " ابناء الحرَاثين " , ما لم نقل انهم كانوا في طليعتهم من باب التواضع !

كتلة " ابناء الحرَاثين " - وقلة من مناصريهم - ضمت حينها الكتلة الاساسية لحراكيين و كتاب لعبوا دورا اساسيا ليس فقط في تأجيج الحراك الاجتماعي الوطني الذي تمثل في بيان الاول من ايار المجيد , و حراك عمال المياومة , و حراك المعليمن - الذي انحرف عن مساراته التي كنا نتمناها - لا بل انه اسس للخطاب الوطني – الاجتماعي الجارف الذي يٌصبغ بالجرأة غير المسبوقة اليوم , و بات يشكل نواة لخطاب وطني صارم " قد " ينجم عنه بوادر تغيير في الاردن مستقبلا سيما ان مصائب ادارة الدولة لا تتوقف .

لماذا حظينا – حينها – باللغمز و اللمز و جفاء جمهور نذرنا انفسنا - و وضعنا حتى امن عوائلنا في مهب الريح – لاجله ؟! فيما هو اليوم يرى مشاركة الاخوان موضع ترحيب , مع ان خطاب الاخوان ما زال اسير الرؤى التقليدية و لا يرى في الاردن سوى " ساحة " و لا يبدي اية مواقف صارمة تجاه تغول القطاع الخاص و لا يرى في عامة التيارات السياسة سوى توابع لهم لا شركاء؟!

لماذا يعتقد اكثر الناس ان مشاركة " ما بقي من الجماعة التقليدية " إثراء لمجلس النواب ؟! و هم الذين غابوا – مثلا –عن جلسة التصويت لمعاهدة وادي عربة سيئة الذكر و لم يصوتوا ضدها من باب تسجيل موقف مشرف لهم على الاقل ! و كيف نطمئن للنواب الاسلاميين و امام اعيننا تمثل خيبة النقابات التي تكاد تفلس ماديا , بعد ان افلست اخلاقيا , و نقابيا في عهدهم ؟!
يعرف اصحاب العقل و الضمير – و ما اقلهم للاسف – ان كتلة ابناء الحرَاثين لم تكن تراودها شكوك بمحدودية القدرة على التغيير من خلال الفوز بمقعد بمجلس النواب , بالأساس كنا ندرك تماما ان خطابنا الذي طرحناه يطعع الطريق علينا للفوز باي مقعد بسبب صدقه و عمق وطنيته و عنفوانه و تمرده على الرؤى التقليدية البائسة, كان همنا – حينها – إستغلال اجواء الانتخابات و اجواء الحراك لطرح افكارنا التي تنتشر اليوم بين عامة الجمهور , كنا – بوضوح – نسعى لتأطير هذه الافكار في تنظيم سياسي مختلف عن كل التنظيمات التقليدية , التي تعاملت مع القضية الوطنية الاردنية بشكل هامشي و سطحي . لكن حظينا بعدم اكتراث من شخصيات كنا نصنفها ظلما على انها من البرجوازية الوطنية , و كنا نراهن على انها ممكن ان تؤدي دورا بسيطا ننتظره منها من خلال دعمها المعنوي و المالي البسيط , لكن هذا لم – و لن – يحدث حتما لتيار يتبى رؤى وطنية " فجة " !

لا بأس من توجيه الانتقادات لتجربتنا . نقبل ذلك حتما , ما لا نقبلة مزاودات من اشخاص كانوا يفتحون افواهم من اجل " المواء " في الوقت الذي ندعيه فيه ان ثمة زئير كان يطغى !

كل الذين اتهمنوا حينها بأننا قد عقدنا صفقة مع الحكومة لمآرب شخصية لم يشعروا حتى اللحظة و لو بوخزة ضمير تدفعهم لاعتتذار ما , بعد ان تأكد لهم ان الهراء الذي اعتقدوه بحقنا قائم فقط على الاحقاد , و لربما لمجرد انه لم يستطيعوا ان يقولوأ بجراة ما قلناه نحن حينها !

هل يعني هذا اننا ندعو اليوم لمقاطعة الانتخابات القادمة ؟ عن نفسي : لا . انا مع المشاركة في النيابة و الوزارة و بذل كل جهد ممكن للإصلاح و تقديم نموذج اخلاقي في النزاهة , لطالما ان لا خيار جذري يعول عليه بديلا عن ذلك !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات