حوار فتح وحماس


اخذت حركة فتح على عاتقها تحمل نتائج المغامرة الكبرى بخوض غمار عملية اوسلو الى النهاية، وكانت المحصلة ان انتقل القرار الفلسطيني وثقله السياسي الى داخل فلسطين ولو ان مسيرة اوسلو لم تنتج سوى هذه الانتقالة التاريخية لكان كافيا الحكم عليها بالايجابية، فالنضال بالمراسلة وعبر اعالي البحار انهك القيادة الفلسطينية لعقود وكانت هذه القيادة بحاجة الى ان تقف على ارض الصراع كي تؤكد ان الشعب الفلسطيني حقيقة تاريخية يستحيل تجاوزها وهو الامر الذي لم يكن ليتم لولا عملية اوسلو.

لقد استنفدت هذه العملية اغراضها وتحملت فتح المغارم بتبنيها وكان اول وربما اخر المستفيدين من الفوائد القليلة لهذه العملية هي الحركة الخصم حماس فالاخيرة خاضت الانتخابات التشريعية وحصدت الاغلبية على ارضية وفرتها اوسلو وبالرغم من ذلك لا يعترف التنظيم سياسيا بمخرجات هذه العملية، وهي مفارقة لم تحصل الا في التجربة النضالية الفلسطينية.

وعلى الرغم من حق أي طرف في تبني ما يراه مفيدا للشعب الفلسطيني الا ان اختزال الشعب في فصيل هو المقتل الان والا لماذا توضع المكتسبات التنظيمية في المقدمة سواء في رام الله او في غزة؟ من السذاجة الان بناء السجال الفلسطيني الفلسطيني حول قضايا تتصل بالماضي فالاطراف المشتبكة الان تقف تحت سماء واحدة وفي ظل احتلال واحد والقضايا المطروحة كمسارات للحل واضحة وليس غير العامل الفلسطيني الذاتي بقادر على تحسين شروط المعروض للتسوية وبالتالي فان استمرار القطيعة بين غزة والضفة لا يخدم احدا سوى الحكومة الاسرائيلية التي اضحت غير معنية بالتحدث الى طرف دون الاخر لان هذا الطرف او ذاك ببساطة لا يمثل كل الشعب الفلسطيني.

لن تحصل فتح على مكتسبات عبر التفاوض لانها اضعف من ان تكون شريكا كامل الاهلية ولن تحصل حماس على اعتراف سياسي لأنها لا تقدم خطابا سياسيا يؤهلها لان تكون القيادة البديلة للشعب الفلسطيني، وهذا الاستعصاء الفلسطيني من شأنه ان يقدم للاسرائيليين كل المبررات لادارة الظهر وعدم الاعتراف بالحق الفلسطيني بالرغم من ان اسرائيل الان في اضعف حالاتها منذ الخامس عشر من ايار للعام 1948.

الملفت ان غرق فتح بتفاصيل التفاوض اضاع عليها امكانية رؤية المشهد بكليته وبالمقابل عزوف حماس عن الاشتباك السياسي مع الخصم ابقاها في قوقعتها الايديولوجية وبالتالي فقد الشعب الفلسطيني فرصة الاشتباك السياسي التفاوضي بافق ومرجعية سياسية وايديولوجية واضحة : طرف عيناه الى الارض لا يرى امامه، والطرف الاخر عيناه الى السماء فلا يرى عثرات الطريق، وهذا الانقسام المربك في النخبة السياسية الفلسطينية لا يشكل خطرا على مستقبل الفلسطينيين وحدهم بل ويشرك اخرين بذات الخطر.

من مصلحتنا هنا في الاردن ان نرى نهاية للانقسام الفلسطيني الداخلي فنحن لا نستطيع ان نمارس دور المشاهد لمباراة في كرة القدم نشجع هذا ونصفق لذاك فخسارة فريق هي بالضبط خسارة لنا والحوار الذي يجري الان في القاهرة ليس مضمون النجاح بالتالي فعلى العرب ان يتدخلوا في الشأن الفلسطيني بصورة اعمق كي لا نصل الى مرحلة نندم فيها على تقاعسنا في دعم المصالحة الفلسطينية.

لا حل دولة ثنائية القومية مقبول اسرائيليا ولا حل الدولتين يمتلك ميكانزمات لتطبيقه بفعل الانقسام الفلسطيني والمحصلة ان اسرائيل تخلق كل يوم وقائع جديدة على الارض تجعل من الحل امرا متعذرا فعلام يتحاور المتحاورون في القاهرة؟

 

samizobaidi@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات