إنها ليست الهتنا حتما !


بالقطع ليست الهتنا !
فنحن لسنا من من هواة الحب و الجمال التي هي الهته , و من الطبيعي ان ننكر أهمية هكذا إكتشاف أثري و هكذا الهة , و ان نشيح بوجوهنا عن أهمية هكذا إكتشاف على أرضنا , طالما أننا من اتباع القتل و انصار الدمار , و هواة التصحر , و كره الاخر لمجرد انه لا يشاركنا ذات القناعات .
كنت من أشد المتحمسين لمطالبة فرنسا بإعادة " مسلة ميشع – الملك العربي المؤابي " الاردني " – لكن بعد ان ادركت ان الشعب الذي لا يكترث بحاضرة, و مستقبلة , و يستكين للقدر السياسي الذي يرسم له دون مشورته و مشاركته , هو اكبر خطر على تاريخه و إرثه . لماذا تعود مسلة ميشع " قاهر العبرانيين " الى بلادها الاصلية و فيها من يسرق حاضر الاردنيين , لا تاريخهم فحسب؟!
نحمد الله ان تمثال " افروديت " الذي عثر على نصفه الاسفل في مدينة جرش الاردنية ليس من الذهب , لهذا السبب – تحديدا – اطلقوا سراح التمثال ! فهم لا يرون الجمال و الغنى الا في بريق الذهب ! , بعكس ما فعلوا مع " رادارات هرقل الذهبية " قبل اعوام , و مع المسكوكات الذهبية التي نهبت بلا اي ضمير من المتحف " الوطني " و التي يخيم صمت مطبق بخصوصها , فلا الحكومة – ممثلة بوزارات الثقافة و الداخلية و السياحة – تبدي حرصا على استعادة تلك المسكوكات التاريخية إنطلاقا من مهامها الدستورية , و " الاخلاقية " , و لا " مثقفون " و " سياسيون " يتأمرون طواعية , و دون وعي , بعدم تحريكهم الموضوع بشكل جاد , و لا يقدمون سوى النعيق و ندب الحظ و تحطيم معنويات الناس !
" افروديت " – الهة الحب و الجمال - لا تليق بنا حتما , لا شيء بحياتنا يشي اننا ننحاز لأي قيمة جمالية, او اي مؤشرات لها علاقة بالحب . انك تعبر يوميا طرق " تزدان " باكياس القمامة , و مخلفات البناء , و اعشاب جافة , و ضوضاء بصرية متنوعة , دون ان تبدي الحد الادنى من الاسف – و لو الاسف فقط – على ما تراه .
لم الحظ إهتماما او إبتهاجا عابرا على مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الإكتشاف الملحمي الذي لو تم في غير مكان بعيدا عن منابع التخلف و الهمجية لعمت الأفراح , و ابتهج الناس , و استغلته سياحيا و ران على قلوبهم فرح بإرث بلادهم .
في الاردن تقع اغلب مدن " الديكابولس " اليونانية القديمة , ناهيك عن روعة البتراء و ارث الانباط التاريخي و التي يعتد بها لو كانت في غير مكان , و ما تعتيم الاضواء على تاريخ الاردن الغني بحضارات متنوعة إلا لأسباب سياسية تتعلق بضرورة أسناد و إدامة فكرة قميئة مفادها ان الاردن و اهله مفتعلون و عزلهم عن احد مقومات الاعتداد الوطني و الثقة بالذات !
فكرة تناسب كل الحاقدين , و الطارئين , و اللصوص الذين يرون الاردن اكبر رغيف شعير في العالم , او فندقا بأحسن الاحوال .
من الضروري لهؤلاء ان يتم ترويج الاردن – بين اهله اولا – انه بلا عمق تاريخي , و انه مجرد ارض سداح مداح كانت تخفق الارياح بها , و ان ثمة من بناه – عما قريب فقط – و قد كان نسيا منسيا قبل ذلك .
تماثيل عين غزال " شمال شرق عمان " تشهر شهادة ميلاد من القرن الثامن قبل الميلاد , و مع ذلك ثمة من يقول لك ان عمان بلا تاريخ و قد اسستها تبعات الاحداث في المنطقة, قبل عشرات السنوات فقط !



تعليقات القراء

Mohanad
جميل .
14-05-2016 01:57 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات