أسرار "غرفة عمليات غزة" في جيش الاحتلال


جراسا -

كشف تقرير إسرائيلي صباح اليوم الجمعة النقاب عن خفايا غرفة عمليات الجيش بالجنوب والتي شكلها بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث وصف التقرير ما يجري فيها بصراع العقول بين الجيش وحماس.

وبين التقرير الذي نشرته صحيفة "معاريف" العبرية أن غرفة العمليات تتواجد بمقر قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش بالنقب، وأن دورها يتمثل بمتابعة ما يدور في القطاع وبشكل خاص حركة قيادات حماس والقسام بالإضافة لحركة قوات النخبة التابعة للقسام.

وتشمل قائمة أهداف غرفة العمليات على الأنفاق وتصنيع الصواريخ والطائرات بدون طيار، حركة كبار قادة حماس ورجالات الكوماندو البحري "النخبة" والتي تعد وحدة التنظيم الخاصة، ويقضي عمل الغرفة بضرورة إحباط عمليات هذه الوحدة قبل وصولها للحدود وتكبيد الجيش والإسرائيليين خسائر بشرية.

ويجلس في مبنى العمليات المقسم إلى غرف صغيرة ومتطورة خيرة العقول الأمنية الإسرائيلية التابعة لشعبة الإستخبارات بالجيش "أمان" ويديرون لعبة الشطرنج مقابل عدو نوعي ومتطور جداً، في الوقت الذي ينشغل فيه الطرف الآخر (حماس) بجمع المعلومات عن الجيش، كما تقول معاريف.

ونقلت الصحيفة عن "ن" وهو لقب رئيس شعبة الأعمال العدائية في المنطقة الجنوبية قوله "حماس تستخلص العبر وهذا التنظيم يدرس المنطقة جيداً ويدير ذلك قادته في الجناح العسكري"

ويلاحق "ن" تحركات حماس بالقطاع منذ 4 سنوات وقبل عملية "عامود السحاب" ويعرف التنظيم من جميع زواياه الاستخباراتية، بالإضافة لمعرفته بالخطوات التي اتخذها التنظيم نتيجة استخلاصه للعبر بعد مواجهاته مع الجيش.

وأضاف "ن" قائلاً، وفق ترجمة وكالة صفا: " كرجل مخابرات أشك بكل ما اعتقد به، عكس المعقول هي طريقة العمل التي انتهجها، وبإمكاني أن أكون واثقاً بنفسي وعندما يأتيني محقق بمعلومات استخبارية فمهمتي الأولى التشكيك بالمعلومة، أنا لا أعرف كل شيء وملزم بالتواضع".

حماس تفكر مثلنا بالضبط

وتحدث "ن" عن أسلوب عمله الذي يقضي بالإحاطة بكل المستطاع من المعلومات من تصرفات المواطن العادي وحتى نشاطات مسئول حماس "المواطن يعيش في واقع ليس بالسهل ويهمني كيف يؤثر ذلك على تصرفاته، ما يهمني هو ما الذي يفعله الناشط الذي أتابعه، وكل ما هو موجود على حدود القطاع بما في ذلك العلاقة بين المناطق المختلفة، ما الذي يحصل بين القطاع وسيناء، وبين القطاع والضفة الغربية، والعلاقة مع قطر وتركيا.

وقال المسؤول الأمني الإسرائيلي: أنا ملزم بإعطاء معلومات وإنذارات عن كل ناشط يصنع عبوة على السياج، عن كل محاولة لإطلاق الصواريخ والهاون ومعلومات عن أماكن استعداد العدو ساعة الطوارئ وأي الجهود يبذل، والوسائل التي يستخدمها ومنها وسائله الخاصة، وكيف سيؤثر ذلك خلال المواجهة معه، وهذه المعلومات تصل إلى الألوية والفرق ساعة الصفر ويجب الاهتمام بأن يفهموها ويدرسونها جيداً".

في كل قسم من أقسام غرفة العمليات يجلس محقق كبير ويكون مسئولاً عن نقل صورة الوضع للمسئول، حيث أجرت الصحيفة العبرية لقاءً مع الملقب "ن" والمسئول عن البحث والتحقيق في النظام الأرضي الخاص بحماس وهي الأنفاق، وكذلك نظريته الدفاعية، وهذا القسم مسئول عن نشاطات المقاتلين في القطاع.

وقال "ن": "في نهاية الأمر نتلقى المعلومات من مصادرها ونقوم بصياغة وثائق عن صورة الوضع إلى المستويات التكتيكية العليا، وذلك لمساعدة القوات خلال المعارك وطريقة إدارتها، في إحدى المرات شخصنا مناطق استعدادات حماس وأساليب عملها" .

وأضاف "ن" أن احتكاك الجيش بحماس يخلق الكثير من المعلومات وهذا الاحتكاك يمكننا من فهم نظرية القتال الخاصة بهم، أضف إلى ذلك جمع المعلومات اليومي من النشاطات التي تقوم بها الحركة ومن نشاطاتنا الاستخبارية مع الوصول إلى أدق التفاصيل".

"نحن مسئولون عن إعطاء القرار حول أولوية التعمق الاستخباري في تشكيل من تشكيلات العدو فعلى سبيل المثال تلقينا في الجرف الصامد معلومة عن كمين لحماس في منطقة معينة بغزة، وبناءً على نظريته القتالية ومعرفة تفاصيل القطاع كان بإمكاننا معرفة طريقة تصرف حماس وأين سيضع كمينه في النهاية، ونقلنا المعلومات للقوات ساعة الصفر، وتراجعت القوات إلى الخلف والتفوا عليهم وهاجموا المكان، المعلومات التي نزودهم بها تؤثر بشكل كبير على نشاطات الوحدات على الأرض، وهذا يغير أساليب العمل والمكان والزمان وبالتأكيد نتيجة هذه النشاطات".

وأوضح "ن" أن الهدف يكمن في معرفة الخطة القتالية لحماس ساعة الصفر "جلسنا وقمنا بتحليل الفكرة العسكرية للتنظيم ساعة المعركة، ما الذي يريده ؟ التسلل لمناطقنا ؟ القيام بعمليات دفاعية بمنطقته ؟ بذل الجهود في التشويش على الجبهة الداخلية ؟ والهدف يكمن في فهم المنطق الذي يفكر فيه، وفي النهاية وصلنا إلى نتيجة أن الجناح العسكري بحماس يفكر مثلنا، فهم يقومون بالجلسات التفصيلية التي نقوم بها نحن، هذا تنظيم بدأ بنشاطات إرهابية وتحول اليوم الى جيش بكل ما للكلمة من معنى، ببساطة فقد تعلموا منا، التنظيم تطور وشكل أنظمة وتدرب وطور نفسه ودرايته العسكرية، وتطور في إطلاق الصواريخ المضادة للدروع والصواريخ الأخرى، وأيضاً تطوروا في صناعة المتفجرات وكل ذلك يوجه ضدنا هذه الأيام" كما قال.

لماذا يأكل هنية الذرة على شاطئ غزة

وتحدث " ن" بإسهاب عن ضرورة متابعة حتى التفاصيل الصغيرة ومن بينها طريقة تصرف قادة حماس قائلاً" في كل مرة يقوم فيها رئيس حكومة حماس إسماعيل هنية بأكل الذرة على شاطئ البحر فيجب أن ابحث عن دلالات هذا الأمر، هل يرغب بإظهار قدرة على الحكم أو أن يظهر أن الحياة بغزة جيدة ؟ عندما يأتي هنية مع سترة إنقاذ إلى شارع مهدد بالغرق بغزة فما الذي يريد أن يقوله، ولماذا ؟ هل هنالك ثغرات في القيادة ؟ ولماذا يحتاج الى هذه التصرفات ؟".

وأضاف "علي أن أكون على دراية بطريقة تأثير فتح معبر رفح على السكان وما الذي يحصل بالبضائع ولكن ليس على مستوى إلى أين تصل ولكن كيف يؤثر ذلك على الحياة وكيف تتأقلم القيادة مع الأمر، وماذا يعني ذلك بالنسبة للعلاقات مع مصر والعلاقة بين القطاع وسيناء، وماذا يعني لقاء بقطر حول المصالحة؟".

وواصل حديثه قائلاً إن ما يهمه في النهاية "كيف سيؤثر انشغال حماس بخطوة سياسية بقطر على حدث عسكري ؟ والأمور بحاجة للفحص وعندما تتدرب حماس فما الذي يعنيه ذلك ؟ هل تنبي خلايا للمدى البعيد أم أنها تعد للهجوم غداً ؟ ما هي نواياها؟".

كما أجرت الصحيفة لقاءً مع الملقبة "أ" وهي مسئولة عن دراسة وتحليل نظام النار الخاص بحماس وهي تهتم بمتابعة تطور الوسائل القتالية لدى حماس وجمع معلومات عن السلاح الذي يصل للحركة " حماس تهدد الجبهة الداخلية والقوات، وهذه مكونات جمع معلومات مختلفة، أنا ابحث كيف يتصرف العدو بالمنطقة لتحذير القوات بكيفية التأقلم مع التهديد، ابحث في قدرات العدو القتالية والصواريخ التي يصنعها والتجارب التي ينفذها".

ومن الأمثلة على تحليل "أ" للمعلومات هي تجارب حماس التي تجريها أيام الهدوء ومن بينها إطلاق الصواريخ باتجاه البحر "التنظيم يتعلم ويطور قدراته طوال الوقت، لا يوجد اليوم نشطاء يصلون للسياج ويطلقون النار، التهديدات تحولت الى أكثر تنظيماً وأكثر تعقيداً، هنالك أماكن إطلاق صواريخ من داخل المقابر ومن الحمامات الزراعية وفي بعض الأحيان ليس بالإمكان رؤية الناشط عندما يأتي لتشغيل الصاروخ فقد تعلموا إخفاء ذلك ونحن بحاجة لتحسين قدراتنا على إيجادهم".

وأشارت إلى تحسن الوعي الأمني لدى الفلسطينيين فلم يعد يتحدث أحد لصديقه بأنه سيذهب لتنفيذ عملية في المكان كذا، وأن ذلك مرده إلى معرفة الفلسطينيين بمدى المتابعة الإسرائيلية لنشاطاتهم وأنها تحقق كذلك في الفصائل الفلسطينية الأخرى العاملة بالقطاع من فصائل فتح والمقاومة الشعبية وغيرها وذلك بدءاً من جماعات تعد عشرات إلى الآلاف.

صيد السمكة الذهبية

ومن اللحظة التي تبدأ فيها مواجهة مع القطاع؛ فمهمة غرفة العمليات متابعة جميع الزوايا ومن بينها معلومات عن النظام الأرضي الخاص بحماس وتشكيلات الحركة النارية والهجومية والدفاعية.

وتحدث "ن" عن تصرف الغرفة ساعة الحرب قائلاً "إذا ما علمت لماذا تطلق الحركة النار والى أين فسأعلم كيفية المس بها، وإذا ما شعرت أنها ترغب بالتشويش على الجبهة الداخلية الآن فعلي العمل بنقاط معينة تشل حركته، وهذه كمية كبيرة من المعلومات والتي يجب دراستها وإيصالها للجهات المختصة بشكل واضح، إذا ما أبلغت الوحدة بأن هنالك محاولة للتسلل فلن أفيدها بشيء والأصل نقل المعلومة الكاملة وهي من هي الخلية ؟ وما هي قدراتها ؟ ومتى تنوي التسلل ؟ ومن أين ؟ وكل ذلك يجب تلخيصه بسطرين".

ويطلب من محققي "أمان" بالإضافة للشاباك العمل على مستويات عليا والبحث عن المعلومة المهمة داخل جبال من المعلومات حيث يشرح "ن" عن ذلك قائلاً " لنفترض أن لدي القدرة على الوصول الاستخباري لقوة معينة، ففي النهاية على المحقق معرفة الجهة التي تنتمي إليها القوة، واختيار الأهم من بين مجمل القوات على الأرض والبحث عن الجهة الجوهرية التي سنتمكن عبرها من جمع المعلومات، هنالك الكثير من الجهات المعادية بالقطاع والسؤال هو: من هي الجهة ذات الصلة، وبأي وسائل جمع المعلومات يتوجب علينا العمل، وكم هذه الجهة قادرة على حفظ السر، الأمر الذي يدلل على أهميته، المعلومات كما صيد السمك في بركة مياه مليئة بالمعلومات، ومن خلال المعلومات عليك أن تصيد السمكة الذهبية والتوصل إلى ردود على الأسئلة الصعبة".

وفي نهاية الأمر يتم وضع تصور للوضع أمام مسئول غرفة العمليات ويتم نقلها ل "أمان" والقوات على الأرض، وطبيعة أحداث الليلة واليوم التالي يحددها ذلك التصور الذي كتب عبر خيرة العقول بالقيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، محققين يبحثون ويعيشون ويتنفسون الواقع في القطاع على مدار 24 ساعة، ولذلك فإن صراع الأدمغة والتكنولوجيا أمام رجالات الاستخبارات في حماس الذين لا يرتاحون أيضاً للحظة هو الفيصل في تحديد طريقة إدارة المواجهة على الأرض، وفي أي جهة ستكون الخسائر وأين ستتوج عمليات ناجحة، أو فاشلة".(صفا)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات