نقابة المعلمين الى أين بعد الدورة الثالثة ؟!!


في البدء يطيب لي أن أستهل حديثي بالتأكيد على أن هذه المقالة لم أقدم ( بضم الألف ) على كتابتها تحت ضغط و رأي ومشورة أي احد كان ولم توجهني الدائرة ولا الوزارة ولا التيارات بشتى صنوفها للحديث بحرف واحد تتضمنه هذه الخاطرة النقابية التي أعبر فيها عن رأيي وأنا بكامل قواي العقلية ، وما على القارئ هنا الا التجرد لبضعة دقائق من قناعاته الشخصية قليلا عند قراءة هذه السطور وليصدر حينها موقفه الرسمي منها .

شهر من الزمان فقط .. تلك الفترة الزمنية التي مرت على عمر دورتنا الثالثة من نقابة المعلمين بعد انتهاء الاستحقاق الديمقراطي الذي تكلل بعقد انتخابات نقابة المعلمين الثالثة وقد شهد لهذه الانتخابات كل المتابعين و المراقبين بنزاهتها وخلوها من أي تزوير أو تشويه لصورتها وكانت افرازات الصناديق هي الحكم الأول والنهائي للتركيبة البرامجية التي تنافس عليها المرشحون وبغض النظر عن حقيقة هذه البرامج ومدى جدية صناعها في المضي بها والعمل على تحقيقها في ظل الظروف والمعطيات التي تحيط بالمشهد النقابي بشكل عام ، وهنا تحديدا تحدثت النتائج بتغير غير مسبوق لتوجه الناخبين نحو خيارات جديدة في اختيار ممثليهم في الهيئة المركزية ، وللتوضيح أكثر فقد عرف التيار النقابي تيارين فقط عرف الأول باسم التيار الإسلامي والثاني بالتيار المهني أو المستقل ، وباتت التوجهات الفكرية والأيدولوجية في العمل النقابي تؤثر بشكل أكبر في خيارات الناخبين بعد ازدياد مساحة الوعي عند مجتمع المعلمين .

وعرفت الاربع سنوات الماضية من عمر النقابة بانها تخضع لسيطرة التيار الاسلامي وبأغلبية المقاعد في دائرتي صنع القرار داخل الهيئة المركزية وداخل المجلس ايضا ولكن كانت المفاجأة بفقدان هذا التيار وتراجع نفوذه في الدورة الثالثة ، والغريب في الامر أن اتباع هذا التيار تقبلوا النتيجة بطريقتين فالبعض تمسك بدعم نقابته ودعمها وبغض النظر عن النتيجة وكان ابرزها مباركة مرشح منصب النقيب ضمن قائمة التيار الاسلامي الذي لم يحالفه الحظ لزميله المنافس الذي قدر الله له أن يتفوق عليه في اعداد المصوتين ، والبعض الاخر امتطى صهوة النقد والطعن باالادارة الجديدة للنقابة قبل مضيها بخطوة واحدة وبلغة غير مسبوقة ولم يعهدها أحد ضمن دائرة الاهتمام بالعمل النقابي ، وهنا تحضرني عبارة لاحد الزملاء المحسوبين على التيار الاسلامي اخبرني بها قبل عام ونصف تقريبا حين قال لي أن انتقادي لمجلس النقابة يعد امرا غير مقبول والحجة كانت حسب رأي زميلي في ذاك الحين بأن النقابة مستهدفة ويجب الالتفاف حولها لعدم افساح المجال امام المتربصين والمتصيدين وهم لا غاية لهم الا اضعاف نقابتهم !

الى هنا لا بأس ... ولكن ما ان انتهت وظهرت نتائج الصندوق حتى أصبح زميلنا وغيره سيفا وقلما ناقدا لأداء مجلس النقابة قبل مضيه بخطوة عمل واحدة ! ودون أي مقدمات تذكر ، ورمى بعض الاحبة خلف ظهورهم نظرية العض على الجرح وتناسوا تماما بأن نقدهم هذا سيضعف من صورة وقوة نقابتهم أمام الرأي العام ! والأدهى من ذلك أن تجد وجوها اتسمت توجهاتها الفكرية بدعم مطلق لا محدود للقائمين على النقابة وبين ليلة وضحاها أصبح الموالون معارضة لكل شيء واي شيء قبل قراءة وتحليل أي خطوة عملية أقدم عليها التيار الجديد ، وباشارة سريعة هنا لا بد من تذكير زملائنا بأمر هام جدا وهو التأكيد على أن نقابة المعلمين ليست مستهدفة بنوع وفكر وتوجه القائمين على قيادتها بقدر ما هي مستهدفة ككيان ومؤسسة وأنا على يقين بأن أشد المعارضين لسياسة العمل النقابي خلال الفترة الماضية والقادمة واللاحقة سينالهم نفس الظروف والمواقف التي تثبت صحة هذا الأمر ، لأنهم سيدركون جيدا بأن التوجه السياسي في بلدنا لم يستوعب بعد أنه منح للمعلمين نقابة ولم تهضم جمجمة عقله بعد تلك الضربة الموجعة له حين انتزعت نقابة المعلمين من بين مخالبه وتحت ضغط حراكي شهد له القاصي والداني من شمال الاردن الى جنوبه ومن شرقه الى غربة ، و لذلك فقد كان من الاجدى على زملائنا المعارضين الجدد أن يدركوا هذه الرسالة وأن يعوا جيدا بان النقابة هي المستهدفة أولا وأخرا وبغض النظر عن المرجعية السياسية أو الفكرية للمسيطرين عليها .

عدة مشاهد مرت خلال الايام القلية الماضية تؤكد بأن البعض يرى في عدم حصوله على المقاعد داخل الهيئة المركزية ستعني نهاية النقابة وتدميرها وفي حالة تنزيه لا حدود لها وتشبيه الأمر وكأنه مصيبة وطامة كبرى حطت على ظهر النقابة وستذهب بنا الى المجهول ، وتناسى أصحاب هذا الراي بان الخيار الأصح لهم كان مراجعة الأداء والعمل قبل مراجعة أرقام الصناديق ومراكز الضعف التي أفقدتهم الاغلبية العددية !! ، وهذه تحديدا لا أعمم فيها موقفي في ظل وجود أصحاب رأي معتدل ومنطقي تحكم مواقفهم الاعمال والأداء فقط ، ولم يلتفتوا اطلاقا للهجمة الاعلامية الجديدة والمتحولة على الصعيد النقابي ليقينهم التام بانها معارضة من أجل المعارضة فقط وما هي إلا مجرد كبوة وقع فيها أصحابها لمجرد ضياع حصة الأسد من مقاعدهم لتبدا بعدها صفحات الفيس تشتعل بالحديث عن قضايا ممجوجة كان بعض اصحاب الفكر المعارض يرددونها خلال الاربع سنوات الماضية واصبحت قضيتنا هي رد الصاع بصاعين وكما أنتقدتني سانتقدك وأتهمك ردا على ما أقدمت عليه ! وكانت أبرز تلك الاهازيج بداية على صفحة مجلس النقابة التي أضحت تشهد حربا ضروسا بين طرفي المعادلة وبطريقة لم تشهدها الصفحة من قبل والأدهى من ذلك أن من كان محضورا عن الصفحة عاد اليها دون اي قرار من المجلس السابق أو الحالي وكأن الأمر دبر بليل لخلق الارضية الجديدة للمعارضة ! وكان الخيار الاصح الذي اشرنا اليه ونصحنا به في تلك الفترة عدم افساح المجال امام اي معارض أو موالي لاي من التيارين للهجوم على الأخر ومع ذلك بقيت الصفحة على حالها !

واستذكر هنا احدى القضايا التي قيل بها وتداولها بعض الزملاء من تبعية المجلس والنقيب لحزب البعث واعتبار المجلس الحالي بعثيا بإمتياز ويدار تحت امرة البعثيين وقيادتهم ، وللأمانة فقد شعرت حينها بان البعث يعيش أمجاده التي افتقدها خلال السنوات الماضية في ظل الظروف السياسية التي تشهدها الساحة السياسية في الاردن وجواره ، وبصفتي الشخصية فقد انتسبت لحزب البعث في قبل خمسة عشر عام تقريبا وكنت ضمن صفوفه المحسوبة على البعث العراقي وبعد حرب العام 2003 تغير المشهد العراقي بعد سقوط بغداد على يد اعداء هذه الأمة واضطررنا حينها للعودة الى بلدنا واتمام دراستنا الجامعية فيها وقد شهدت تلك الفترة خمولا في العمل التنظيمي للحزب داخل الاردن ، وبقي الحزب يعيش في حالة ضياع لا يمكن وصفها ولا تبريرها حين اقتصر الحزب على قيادته فقط وتخلى عن عدد كبير من اعضاءه ولم يكمل مسيرة العمل الحزبي بطريقة لم تكن موفقة واضعفت الحزب بشكل كبير ورغم انني كنت من الذين سعوا لترميم هذا الأمر الا أن الأمر كان بلا نتيجة وللأسف ، والان اجزم تماما بان الحزب الذي كان بامكانه تدعيم تنظيمه أفقد نفسه الكثير من القوة بهذه الخطوة وهو اليوم يسجل في قائمة الاحزاب الصغيرة في اعداد منتسبيه ! فهل يعقل هنا بأن يكون لحزب البعث قدرة على فرز مرشحين وتاثيره على الناخبين لأفراز ادارة تمثل قاعدة اكبر نقابة على مستوى الوطن ؟؟؟ الإجابة بلا ادنى شك هي لا ، فالحزب لو تمكن من تحقيق هذا الأمر لاستطاع ان ينافس بقوة في الانتخابات النيابية وبمقدوره ايضا أن يشكل اغلبية لا بأس بها في مقاعد المجلس النيابي في ظل وجود قواعد متينة قيل بأنها نجحت في الوصول الى دفة السلطة في نقابة المعلمين !!!!!! ولذلك أنصح زملائي الذين تحدثوا بهذه القصة أن يتركوها جانبا وان لا يتشبثوا برأي عابر لا صحة له ، فالبعثنة تهمة في غير مكانها ومجرد المرور على ذكرها ضرب من المعارضة الهدامة فقط !

الزملاء والزميلات الأكارم ...
لنلتفت جيدا لما هو أنفع لنقابتنا ولنبتعد قدر المستطاع عن أي توجه كان يشوه صورة المعلم أمام الراي العام ، ونقابتنا التي جاءت بشق الأنفس لن تبنى بهذه الطريقة وستبقى تمضي بخطوات بطيئة وعرجاء ما لم نقف خلفها جميعا ، ولنعي تماما بأن كيان النقابة وتهميش المعلم هو المستهدف أولا وأخرا ، ولنمنح كل من تطوع لخدمة هذا الصرح فرصته في سبيل رفعة وتقدم التعليم وحفاظا على كرامة يريد الهدامون ان يحرمونا منها ، فلا نجاح ولا رقي لنقابة المعلمين الا بوحدة الرأي والموقف وكم اتمنى أن تكون الدورة الثالثة درسا للجميع ورسالة واضحة بان نهج التشاركية هو الحل الانجع والأفضل في المرحلة القادمة .

والله المستعان



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات