حوار بحضور مسؤول


بسم الله الرحمن الرحيم
يكون الحوار بين المسلمين " فقال لصاحبه وهو يحاوره " لكن قد يحدث خلال الحوار ان تصدر من أحد المتحاورين المسلمين كلمة الكفر إما بلسانه قولا او بلسان الحال عملا ، قال تعالى " ولقد قالوا كلمة الكفر " .

اما الحديث الذي يدور بين المسلمين و غير المسلمين فسماه القرآن جدالا " يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا " و قال تعالى " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم " ومثال الذين ظلموا منهم نكفور الذي جاءه كتاب فقرأ فيه " من أمير المؤمنين هارون الرشيد إلى نكفور كلب الروم الجواب ما تراه لا ما تسمعه ".

ولقد افترضت حضور مسؤول عربي لهذا الحوار القرآني الذي ورد في سورة الكهف بين صاحبين احدهما غني و الآخر فقير و قد بدأ الغني الحوار بقوله " انا أكثر منك مالا و أعز نفرا " وهذه رسالة يحرص على ارسالها على مر الزمان بعض الاغنياء و الطغاه المستبدون إلى الفقراء المظلومين و المستضعفين للقبول بالواقع السيء و وتكريس الطبقية البغيضة لمنعهم من محاولة التغيير و الوصول بهم إلى حالة اليأس من مجرد التفكير بالتغيير .

ثم قال الغني مفتخرا يصف ثروته و أملاكه و سلطته " ما أظن ان تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رُددت إلى ربي لأجدنّ خيرا منها منقلبا " يفتخر بأن ثروته و أملاكه و سلطته لا تفنى وهي باقيه مستمره و يستبعد ان تقوم الساعة ثم يفتخر ايضا بأنه إن حصل و كانت هناك عودة إلى الله فسيجد عنده خيرا من هذه الثروة و أعظم.

رفع الفقير يده يهزها في وجه صاحبه الغني و قال " أكفرت بالذي خلقك ؟ !" .

تفاجأ الغني بهذا الرد من صاحبه الفقير كما استغربه ايضا المسؤول العربي الذي افترضنا حضوره لهذا الحوار .

قال المسؤول العربي للفقير : يا هذا ، ماهذا الرد القاسي العنيف ؟ ما هذا الرد التكفيري ؟ اين حسن القول الذي أمرك الله به " وقولوا للناس حسنا " " إذهبا إلى فرعون فقولا له قولا لينا " كيف تكفّر صاحبك ؟! ولماذا كلمة التكفير جاهزة على لسانك أول كلمة ؟وعلى ماذا تكفره ، وماذا قال لتكفره ؟ ألم تسمعه يقول " ولئن رددت إلى ربي " أليس هذا يعني أنه مؤمن بالله ؟ .

تابع المسؤول العربي غاضبا : عجبا منكم ايها الفقراء التكفيريون، هذا و أنتم بهذا البؤس فكيف لو صار معكم بعض المال ؟! .

رد الفقير على المسؤول العربي فقال له : ان الايات التي اوردتها تخص مجادلة غير المسلمين في كلمتي " للناس ، إلى فرعون " الذين هم معلنون لكفرهم و شركهم وليست لمن قال الله فيهم " قالوا آمنا بافواههم و لم تؤمن قلوبهم " اما انا فمؤمن بلساني و قلبي بالله الواحد الأحد ولا أشرك به أحد له القوة جميعا و له العزة جميعا "لكنّا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ".

هنا تدخل المسؤول العربي بقوله : يا أخ يا فقير يا محترم يعني كلامك ان صاحبك الغني هذا قد أشرك ، فأين الشرك في كلامه ؟ او أنك رأيت صنما عنده في أملاكه يعبده من دون الله ؟ ولماذا تتهمون الناس بالشرك دون دليل ؟! .

رد الفقير موجها حديثه هذه المرة لصاحبه الغني على شكل نصيحة و قال " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ماشاء الله لا قوة إلا بالله ، إن ترنِ أقل منك مالا و ولدا فعسى ربي أن يؤتينِ خيرا من جنتك و يرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا او يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا ".
عاد المسؤول العربي و تدخل صارخا في وجه الفقير " فال الله ولا فالك .. له له حرام عليك ، ليش تفاول على هالمسكين ؟! بدي أقول ليش ربنا مفقرك ، لأنك حاسد صاحبك على رزقاته ، ولهذا لم يعطك الله كما أعطاه " .
ما إن انتهى المسؤول العربي من حديثه حتى جاء خبر عاجل .. قال تعالى " و أُحيط بثمره " لقد أرسل الله جل جلاله و تعالى في علاه صاعقة على ثروة الغني و أملاكه فأهلكتها عن بكرة ابيها فصارت خاوية على عروشها .

نظر المسؤول العربي إلى الغني فوجده ، قال تعالى " فأصبح يقلب كفّيه على ما انفق فيها وهي خاوية على عروشها " ثم سمعه يقول " يا ليتني لم أشرك بربي أحدا " فتعجب المسؤول العربي من هذا التصريح الخطير الذي ورد على لسان الغني فقد اعترف بعظمة لسانه انه كان مشركا بالله ، فكيف يكون هذا وانا قد كنت للتو أدافع عنه ولم أره قد أشرك مع ربه شيئا ولم أسمعه يقول كلمة الكفر ، ثم كان عجبه أكثر من الاستجابة السماوية السريعة " لمفاولة الفقير " باهلاك ثروة و املاك صاحبه الغني .

مشى المسؤول العربي هذه المرة بخشوع نحو الفقير و اقترب منه يسأله بلطف ان يشرح له الأمر و يوضح له ما التبس عليه .

قال الفقير للمسؤول العربي : انت بفهمك الذي رأيته منك اليوم للاسلام تشبه فهمي بصناعة المركبة الفضائية و عملها ، تعالَ اوضح لك .

إن هذا الغني قد أشرك بالله إذ لم ينسب النعمة إلى مشيئة المنعم الله الواحد الأحد و بذلك يكون قد ظلم نفسه ، إذ لم يقل ماشاء الله لا قوة إلا بالله ، ألم تنتبه إلى قول الله تعالى " و دخل جنته وهو ظالم لنفسه " .
اما تكفيري له في أول كلمة قلتها له فلانه أنكر البعث بقوله " ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رُددت إلى ربي " أي أنه غير متيقن و يشك بقيام الساعة و الرجوع إلى الله ثم يتألّى على الله بانه إن حدث و رجع إلى ربه فسيكون له أعظم مما كان له من خير ، لذلك سمعته يقول عندما اهلك الله ثروته و ممتلكاته " يا ليتني لم أشرك بربي أحدا " فقد اشرك نفسه مع الله و حذارِ من اشراك " الأنا " مع الله.

اما انت ايها المسؤول العربي فبفهمك السطحي هذا للاسلام فلست مؤهلا للمنصب الذي انت فيه و انصحك بمغادرته فورا ولا تقل لي" لا تفاول عليّ او أني احسدك على منصبك حتى لا يحدث لك ما حدث لصاحبنا الغني " .

قال المسؤول العربي : لا لا لن أقول شيئا فانا ذاهب لاقدم استقالتي ، فقد كنت أظن ان هذا الغني ما اعطاه الله هذه النعمة إلا لانه يحبه ، ثم ظهر لي يقينا انه كان كافرا و مشركا بنص القرآن الكريم ، فكيف بمن يظلم الناس او يصادق اليهود و ينسق معهم وهم يحتلون المسجد الاقصى ؟! .
ضيف الله قبيلات



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات