الطفل يوسف: "انا لما أكبر بدي أدخن مثل بابا"


جراسا -

"انا لما أكبر بدي أدخن مثل بابا "،.. كلمات يكررها الطفل يوسف (خمسة أعوام)، وهو يمسك بعلبة سجائر والده، أو خلال اللعب بألعابه.

لا يقتصر تقليد يوسف على الألعاب، بل يتعداه لشراء أعواد البسكويت "الكراكر"، كونها تشبه السيجارة ليقضمها، متخيلا أنها تنتهي، كما حال السيجارة الأصلية، وفقا لما تقوله والدته.

تؤكد والدة يوسف لـ(بترا)، انها من خلال مشاهداتها اليومية لابنها، وهو يمارس هذه العادة متباهيا بها، انطلاقا من حب التقليد، "رغم التنبيهات والتحذيرات التي وجهتها له مرارا وتكرارا، أن هذا سلوك خاطئ ويسبب الأمراض، إلا أن عناد الطفل حال دون تركه أو نسيانه لهذه العادة".

لاحظ والد يوسف، أن ابنه يمسك علبة السجائر ويفتحها ويخرج السجائر منها ويضعها على فمه، ما دفعه الى عدم وضع العلبة في متناول يد ابنه، والتدخين خارج المنزل، ولكن ذلك لم يجد نفعا مع الطفل الذي اعتاد مرافقة والده خارج المنزل ومشاهدته وهو يمارس التدخين.

وتبين أن الطفل أصيب بحساسية نتيجة استنشاق دخان السجائر، ما استدعى ذهابه للطبيب، الذي منع بدوره يوسف من الاقتراب من أماكن التدخين والمدخنين.

هذه الحالة المرضية التي أصابت يوسف، دفعت الأب لأن يقرر التوقف عن التدخين ، " كونه السبب بمرض طفله"، داعيا الاباء الى الابتعاد عن التدخين سواء في المنزل بين الأطفال أو خارجه، حتى لا يلحق الضرر بمن حولهم.

ويظهر تقرير حول واقع حال مكافحة التبغ في الاردن الصادر عن مؤسسة الحسين للسرطان/مركز الحسين للسرطان ، أن نسبة انتشار استخدام التبغ بين البالغين تصل الى 32 بالمئة، وأن نصف اليافعين (13-15سنة )، يتعرضون للتدخين القسري في المسكن والأماكن العامة.

وتشير الاحصاءات الى أن هناك نسبة مرتفعة من المدخنين لديهم ثقافة التدخين داخل المسكن، إذ يدخن افراد نحو 94 بالمئة من الأسر داخل المسكن، غير مبالين بالأضرار الصحية التي يمكن أن يسببها التدخين، سواء على المدخن نفسه أو على الأشخاص المحيطين به، الذين يمكن أن يتضرروا من الدخان المنبعث عن عملية التدخين بكل أنواعه.

يقول اختصاصي طب الأطفال الدكتور طارق ضمره، إن التدخين يسبب امراضا متعددة للاطفال؛ كالحساسية التي يتعرض لها العديد من منهم، نتيجة استنشاقهم الدخان المتصاعد من السجائر، مشيرا الى أن أعراض الحساسية يمكن أن تتطور وتؤدي الى حالات ربو والتهابات متكررة في المجاري التنفسية عند الاطفال، اضافة الى افتقاد التركيز وقلة النوم.

وينصح ضمره، الاهالي بعدم التدخين بتاتا كون حساسية الأطفال تتكون حتى ولو لم يدخن الاب في أجواء المنزل، بل من استنشاق الطفل للروائح العالقة على الملابس.

ويوضح أستاذ علم النفس بالجامعة الاردنية الدكتور محمد بني يونس، انه وبحسب نظرية باندورا حول "التعلم بالقدوة "، فان الأطفال هم الاكثر اتصالا وتواصلا مع الاباء، ويتعلمون من آبائهم وأمهاتهم مختلف السلوكيات، لانهما المثل الأعلى والقدوة الحسنة للأبناء، خصوصا مشاهدتهم التدخين ما يجعلهم ضحية، إذ يستجيبوا لتعلم ذلك السلوك الخاطىء والشاذ، ويمكن ان يحولهم إلى مدمنين لا يستطيعون الافلات من براثنه.

ويقول إن "النمذجة " لدى الأطفال أن يكونوا مكررين للسلوك، يتعزز لديهم لتقليد من حولهم، لافتا الى أن التدخين يعد مضادا اجتماعيا وغير مقبول، ومن الضرورة التنبه إلى اسلوب السلوكات أمام الأطفال خصوصا.

ويرى استاذ علم الاجتماع والجريمة المشارك في جامعة مؤته الدكتور حسين محادين، أن سلويات الأبناء تتأثر بسلوكات ابائهم، بالكثير من الممارسات، ولعل من بينها ما يعرف ب"النمذجة"، لأن الاطفال يتخذون من والديهم نموذجا يكاد يكون وحيدا بحياتهم، بسبب قلة فرص اختلاطهم مع نماذج أخرى، إلى جانب تدرج مراحل وعيهم التي تتأثر بخبرات الطفولة لديهم، وهي الفترة الزمنية المقدرة بالسنوات الأولى من حياتهم .

ويدعو الآباء إلى تعليم ابنائهم السلوكات المحببة التي تتوازى مع مراحل نموهم س اجتماعية، اضافة إلى تجنب الظهور أمام ابنائهم بمثل هذه الممارسات غير الصحية أو الضارة ، والتي من شأن الأبناء أن يقلدوها بمعزل عن انظار والديهم .

وبحسب مسح المعارف والاتجاهات والممارسات نحو الوقاية والرعاية المتعلقة بمرض السرطان في الاردن 2011 فان أكثر من 52 بالمئة من الاردنيين لم يسمعوا بمصطلح التدخين السلبي، وأن 44 بالمئة من الاردنيين البالغين يتعرضون للتدخين السلبي في البيوت، بينما يتعرض له 30 بالمئة في مكان العمل، وترتفع هذه النسب عند الحديث عن المناسبات الاجتماعية حيث يتعرض 83 بالمئة للتدخين السلبي .(بترا)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات