تمكين المعلم .. هل يحدث الفرق؟


في عالمٍ يحفل بالتنوع والتعقيد والتحديات غير المسبوقة وانتفاء العدالة والمساواة نجده يسعى باستمرار إلى إحداث التغيير المنشود بإيجاد الحلول الناجعة التي تصل بالإنسان إلى برالأمان لذا فإن خلاصة الفكر وعصارته ما زالت تؤمن أن الإنسان هو صانع التغيير وملهم الإبداع ومنتج الإبتكار وباني الحضارة التي لا مثيل لها.
بإمعان النظر في نهضة الامم وتقدم الشعوب ماضيا وحاضرا نجد أن ذلك لم يتحقق بوجود الثروات الطبيعية والإمكانات المادية بل أن النهضة البشرية في ازهى صورها وبريق مجدها كان فرسها الجامح نحو التغيير دائما هو الإنسان بمبادراته الخلاّقة.
يكمن السر في صناعة التغيير في التمكين للإنسان بمنحه حريته وصون كرامته والإهتمام بتعليمه وصحته ورفاهيته وبإنشاء نظم تعليمية تتبنى الإبداع وتنشر الإبتكار وتثبت نجاحها على أرض الواقع.
الأمم التي ارتقت وتقدمت وجدت ضالتها دائما في تنقيح مناهجها وتطوير نظامها التعليمي الذي يعتبر أساسا للإصلاح والتنمية المستدامة فكان الإنسان وسيلة وغاية والامثلة لذلك كثيرة.
النظام التعليمي -أينما وجد- ينبغي أن يركز أولوياته في علاقة مثمرة بين متعلم ومعلم يكون فيه نظامه الداخلي بل ومحيط نظامه يسند هذه العلاقة ويدعمها وييسر امرها للوصول بها إلى أعلى درجات المثالية فصناع السياسات والإدارات ومؤسسات المجتمع المدني تعمل على دعم التعليم بإيمان مطلق أنه أساس التنمية الشاملة والتهضة الحقيقية.
كوكبنا اليوم يزهو بتطوره المادي لكنه أيضا يزخر بظواهر سالبة فخروج العديد من الجماعات والأفراد عن جادة الصواب لم تقتصرعلى دين أو ثقافة أو بيئة أو منطقة بل كثيرا ما وجدنا فئات تنزع الى تحقيق أهدافها بوسائل غير مشروعة في العديد من الدول ولدى الشعوب التي يحسب لها التقدم المادي لكن يبدو أن نظامها التعليمي ذاته فشل في بناء إنسان يراعي التوازنات في نفسه ومجتمعه والمجتمع الإنساني برمته.
المهم عندما تقع المشاكل-ودائما ما تقع- يصبح النظام التعليمي متهما وبنفس الوقت أملاً منشوداً بأن يحسّن مخرجاته وينهض من عثراته.
النظم التعليمية لدينا -عربا ومسلمين -أضحت متهمة ومفروضاً علينا مراجعتها تساوقا مع رغبات الآخر لكن المراجعة الحقيقية ينبغي أن تنطلق ذاتيا بهدف تنمية الإبداع وتشجيع الإبتكار وبناء إنسان متزن يقف وراء ذلك كله إرادة صلبة قوية.
قبل أيام ظهر تقرير أصدره مؤتمر القمة العالمي للإبتكار في التعليم بالشراكة مع الجمعية الملكية للفنون التي تتخذ من لندن مقرا لها(وايز) كان من أبرز توصياته ضرورة إيلاء مزيدا من الثقة للمعلمين من أجل إحداث نقلة نوعية في التعليم على مستوى العالم.
يوصي التقرير أيضا بأن الظروف المواتية للنجاح تستدعي اعتماد مقاربات مبتكرة عن طريق الثقة في المعلمين وتقديم الدعم لهم.
وجدير بالذكر هنا أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) اختارت هذا العام شعار «تمكين المعلمين»عنوانا للإحتفاء بكل من ينتمي لرسالة التعليم.
عندما تتاح الفرصة للتأمل بدعوات الإصلاح في بلادنا نجد أن الحديث عن التعليم ومكانة المعلم لا تقع في مساحة تركيز الأولويات علما بأن الإصلاح الحقيقي ينبغي أن يبدأ بانشاء نظام تعليمي يمكّن المعلم المؤهل بعناية والمقدّر للإبداع والمؤمن بالتغيير والمدرك لحاجات المتعلمين الواعي لقضايا الأمة والأنسانية بتعاون وثيق مع مؤسسات المجتمع المدني وصناع القرار كما يسهم رواد الأعمال في بناءه ليصبح أكثر عمقا وشمولية.
إن تحقيق النجاح وإنجاز الإصلاح يتطلب تركيز الأولويات في نظم التعليم القائمة ومنها تمكين المعلم وتفعيل التواصل مع المجتمع وصناع القرار وإطلاق قدرات الانسان وبناء اقتصاد المعرفة ودون تحقيق ذلك فإننا -لا محالة- نقع في دورة السلبية والفشل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات