السياسة الإيرانية والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية


ما تبصره لنا الحقائق هذه الأيام محاولات تبذل هادفة إلى تقسيم متجدد للوطن العربي وتحويله إلى كانتونات وإقطاعيات ليسالغاية منها إلا أن يخضع هذا الوطن للقوة الوحيدة المهيمنة في هذا العالم ، والمقصود بها أمريكا، أو بديلها المحلي، إسرائيل، وهو تصريح أدلى به الدكتور/ إدوارد سعيد، الفلسطيني الأصل، الأمريكي الجنسية، وأستاذ الأدب الإنجليزي المقارن في جامعة بريتش كولومبيا، بعد شهرين على الغزو الأمريكي للعراق، وقاله حرفيا، وإيران الحليف غير المعلن من جهة أخرى.فقد سمعنا في سالف السنوات، عن الشرق الأوسط الجديد، وما صرح به مسئولون أمريكيين كل في حينه وروجوا له، ابتداء من كوندوليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية السابقة أيام حرب تموز 2006 التي شنتها إسرائيل على لبنان وتصريحات غيرها من المسئولين الأمركيين في السياق نفسه، بما يبرز تحالفا وثيقة صلته بينها وبين إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى لاسيما بعد التوصل إلى اتفاق القوى العالمية الست المعروفة إلى اتفاق معها بخصوص برنامجها النووي الذي لم نعد نلحظ له انتقادا يذكر من قبل السلطات الإسرائيلية.

فقد كان ديدن إيران ومازال شعارات خطابية، وممارسة في النفاق عجيبة تشتد فيه أقوالها حتى ليخيل للسامع أنها ستبيد إسرائيل وربما أمريكا في لحظات باستخدام ما تملك، كما تصرح به من صواريخ متطورة، وتظهر في هذه الشعارات خلاف ما هو مضمور في نفوس مسئوليها مدنيين وعسكريين، بل إن ممارستها ما زالت تعرض الأمن العربي لمخاطر وهزات جمة وتحديدا بعد غزو الكويت الذي أدى إلى تدمير العراق واحتلاله، وما زالت نتائجهما تبرح بادية للعيان، حيث تغلغلت إيران هناك، ووضعت يدها عليه، وتدفع باتجاه عدائية سافرة للطائفة السنية إما بالقتل والزج في السجون أو الإهمال التنموي أحيانا أخرى، إضافة إلى التدخل السافر في الشئون العراقيةوما تولد عن ذلك من مرجعيةدينية شيعيةلم تكن مألوفة في السابق، أو ما يسمى ولاية الفقيه التيأصبح كبيرها المرشد الأعلى الذي تصغي له الآذان عند كبارهم كما صغارهم. كما أن إيران دخلت عنوة طرفا في المشاركة في الحرب في العراق لتحرير أرضه من قبل تنظيم داعش. ومن ناحية أخرى، فقد جعلت لها يدا في لبنان، فهي تعمل على تعطيل قرارات الحكومة من جهة، وما زالت تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية منذ أكثر من سنة ونصف من جهة أخرى.كذلك دخلت إيران طرفا رئيسا في الحرب السوريةإلى جانب النظام، حيث تشارك بإمداده بالرجال والسلاح، ولا ينسى أيضا محاولاتها المتكررة للتدخل في البحرين والكويت وإثارة القلاقل فيهما،كما لا يخفى إصرار مسئوليها على إطلاق اسم الخليج الفارسي على الخليج العربي بالرغم من عديد الدول العربية التي تقع أجزاء كبير من سواحلها عليه تمتد لمسافات بعيدة ، كالمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة ، وقطر، والبحرين، والكويت.

هذه المواقف، تذكرنا دائما بالتحذير الذي أطلقه جلاله الملك عبد الله الثاني قبل عدة سنوات وحذر فيه من الهلال الشيعي الذي يمكن إن يمتد من إيران إلى العراق مرورا بسوريا وصولا إلى لبنان، وامتداد تأثيره إلى اليمن، بفعل دعم وتشجيع ميليشا الحوثي على الانقلاب على الشرعية اليمنية.

ولا تخفى خافية أن إسرائيل هي بلا شك المستفيد الأكبر مما يعصف بالوطن العربي من أزمات، فاحتلال الكويت، أدى إلى تدمير قوة عربية كبيرة كان من نتائجه تمييع القضية الفلسطينية، وبروز اتفاقيات مطاطة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ما برحت إسرائيل تستغلها حتى يومنا هذا في قتل القضية الفلسطينية، وممارسة أبشع أنواع القتل والتنكيل والتعذيب بحق الشعب الفلسطيني، وتدمير مقدراته بشكل يومي، وما تدمير العراق ويبيا وعدم الدفع باتجاه التدخل عسكريا في سوريا لإنهاء الأزمة فيها إلا أمثلة تساق على خدمةمصالح إسرائيلوالحفاظ على تفوقها عسكريا على جيرانها العرب، وضمان المصالح الأمريكية الحيويةفي المنطقة لاسيما الأهدافها الاقتصادية التي تتمثل في قيام الشركات الأمريكية والغربية بعمليات إعادة الإعمار والبناء في الدول التي عملت وتعمل على تدميرها، بما يعني استنزاف اقتصاديات هذهالدول لسنين طويلة قادمة. وهكذا، فإن الحروب الإعلامية القائمة بين أمريكا وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى ما هيإلا ذر للرماد في العيون،تخفي بين ثناياهاسعيهذه الدول للعمل على إبقاء حالة الوهن في الدول العربية، إن لم يكن تفتيتها إلى دويلات صغيرة بما يضمن بقاء نفوذ هذه الدول في المنطقة العربية إلى أمد طويل.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات