مناورة رعد الشمال – ودلالات المشاركة الأردنية


لربما كان ثمة كثيرون مثلي يرنون إلى عمل عربي مشترك صريح وواضح ذي دلالات ورسائل إلى أرجاء العالم كافة، أن الخير في أمة العرب باقٍ فيها، وأن فيها من هم حريصون عليها، يعملون لصالحها على مر الزمان، وفي زمان تآكلت فيه أجزاء من الوطن العربي وغدت مرتعا للأغراب يتكالبون عليها في مرحلة من أصعب ما مر على الأمة بعد حقب من مكافحة المستعمرين انتهت برحيلهم عن هذا الوطن الكبير الذي يتعرض لمؤامرة شرسة لها أبطالها على حد سواء من دول الجوار ومن يتآمر معهم على كسر شوكة هذه الأمة.

وبعد عاصفة الحزم والأمل، والتحالف العربي الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة، ها هي القيادة الأردنية الهاشمية تدعم مبادرة أشقائها في التأسيس لقوة عربية وربما إسلامية لا نعلم عديدها، ولكنها على الأرجح تضم عشرات من الألوف من الجنود، اختتمت أولى مناورتها في شمال السعودية بمشاركة أردنية وحضور لافت لصاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني بن الحسين بزيه العسكري المميز، وشكلت ركنا جديدا من أركان العمل العربي المشترك في هذه المرحلة التي تفيض بالتحديات التي تواجه الأمة جمعاء.

وبالرغم من أن ثمة أقلاماً هونت مما سيكون لهذه القوة من تأثير من الناحية العسكرية، بزعم التكلفة الباهضة التي ستترتب عليها في حالات الحروب الفعلية، إلا أنه كلام مردود إلى كتابه وأصحابه، إذ أن الحروب لا بد أن تكون ذات تكلفة وبها تضحيات جسام، كما كانت على مر العصور، وتأثيراتها في النهاية تكون بما تحصده من نتائج، ومن هنا في عصر التكتلات العالمية، فإن هذه القوة إيجابية دلالاتها تستقرأ من توالي أخذ القرار المبادر في المملكة العربية السعودية ودعمه من القوى العربية الفاعلة عسكريا بما فيها الأردن ومصر.

أولى الدلالات التي تستقرأ من المشاركة الأرنية الفاعلة في مناورة رعد الشمال التي أتت في سياق منظور جديد للعمل العربي المشترك يتمثل بالإيمان الأردني في هذه القوة التي تشكل درعا واقية يصون الوجود العربي والكيان العربي الكبير الذي تعرض للعديد من الهزات في السنوات الأخيرة، لا سيما محاولات التدخل المجوسي البائسة في المنطقة في أكثر من دولة ، وهي مناورة تذكرنا بماض ليس بالبعيد كسرت فيه قواتنا المسلحة الباسلة نظرية العدو الإسرائيلي الذي لا يقهر في معركة الكرامة الخالدة عام 1968، إضافة إلى مشاركتها إلى جانب مصر وسوريا وقوات عربية أخرى في حرب تشرين عام 1973، وكان لها صولات وجولات على جيش الاحتلال الإسرائيلي في تلك الحرب.

ما يستقرأ ثانية من هذه المناورة، إيمان القيادة الأردنية الهاشمية بجمع كلمة الأمة وجهودها بكافة السبل وعلى كل الصعد، وما يترتب على هذا الفكر البناء والخلاق من وضع أسس تشكيل وحدة عسكريةعربية قادمة، كيف لا وقد شاركت في المناورة قوات من أكثر الدول العربية تأثيرا في الوقت الحالي سياسيا وعسكريا وبشريا، بما في ذلك، المملكة العربية السعودية والأردن، ومصر، وغيرها من الدول، وما يترتب على هذه المشاركة منتنسيق بين الوحدات العسكرية في القوة الواحدة التي تعد من الضرورات العسكرية لتنفيذ مهام مشتركة في المعركة الواحدة، فكان لا بد من قيام هذه القوة بمناورات تحاكي الحروب الحديثة وتدعم ذلك الاتجاه بغية تنفيذ المهام الموكلة إليها بفاعلية واقتدار باستخدام الأسلحة الحديثة، بما تضمه من طيران ومدفعية ودبابات وصواريخ وغيرها.

من دلالات هذه المناورة، الإيمان الراسخ للقيادة العسكرية الأردنية بأعلى مستوياتها بضرورة الارتقاء الدائم بالجاهزيةوالكفاءة الفنية والقتالية للجندي الأردني خصوصا، ومشاركة ما يمتلكه من حرفية عسكرية لشقيقه الجندي العربي بما ينعكس على إعداده لخوض الحروب الحديثة حين تقتضي الضرورة. ونظرا للتحديات الجسيمة التي تحيط بوطننا العربي، فإن مشاركة الأردن في مناورة رعد الشمال تأتي أيضا في سياق التصدي للتحديات الأمنية وتكريس مبدأ حماية الاستقرار في الدول العربية وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه التآمر عليها كائنا من كان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات