غرايبة يكتب: صولة اربد


خاص - كتب ادهم غرايبة  - أخيرا – يا فرج الله ! – " خشنت " الإجهزة الأمنية صوتها , و رفعت سلاحها في وجه التطرف المتصاعد في المجتمع الاردني , و قررت ان تزأر – بعد عهد سيء من التثائب – بوجه مجموعة من المتطرفين الكارهين للحياة و المعاديين للإنسانية و الإعتدال و حق البشر في ان يكونوا مسؤوليين عن اعمالهم و قناعاتهم .

الحاجة إستدعت " شد الرسن " منذ زمن بعيد . لكن الضرورة القصوى تستدعي اليوم الحزم , ليس بوجهة الجماعات المتطرفة التي تنمو في تربة البؤس , و تراجع هيبة الدولة , و تراخي الدولة عن دورها الابوي في المجال الاجتماعي , و غلاء المعيشة , و تراجع الخدمات الاساسية التي تدفع الشباب – مرغمين – لليأس , و التهاون ازاء فئة من الضلالين الطائفين الذين ينشرون سمومهم في الإعلام و الجامعات دون ادنى حساب لحضن جماعات التطرف . الحزم يجب ان يطال جماعات الفساد التي نكلت بإقتصاد الاردن و اختطفت الحياة السياسية و زودتها بعشرات الأشخاص غير المؤهلين في السلطات الثلاث . و تستدعي الضرورة ايضا " شد الرسن " بوجه اللصوص و شبكات الدعارة و المخدرات التي تعمل بكل اريحية وصولا لكل موظف يتهاون في اداء عمله .

الصولة الجهادية التي شهدتها مدينة اربد مفيدة للمجتمع و الدولة معا , فهي من جهة ستردع سعار المتطرفين الذين عاشوا ازهى عصورهم في السنوات الاخيره بعد ان بالغت جهات امنية في تغليب سياسة " الامن الناعم " و الاحتواء . و من جهة اخرى تبعث برسالة ان للاردن رجال تحمية و تفتديه بكل رحابة . لا بل ان هول العملية سيردع – غالبا – حتى اولئك العابثين بسياراتهم في الشوارع و لو لبعض الوقت !

امثال هؤلاء المتطرفين لا يتم احتوائهم , و لا يمكن الاستكانة لهم و الاكتفاء باختراقهم استخباريا . هؤلاء يتم التغلب عليهم و انهاء وجودهم عبر تعزيز ثقة المواطن بوطنه عبر التعامل معه باحترام و تقديم الخدمات له و توفير الامان الاجتماعي صحيا و تعليميا و الخدمات العامة الاخرى و الكف عن تحويله من " مواطن " الى " زبون " , يلي ذلك مراجعة نظام التعليم برمته و المناهج التي تدرس و تعزيز قيم الثقافة الانسانية عبر مهرجانات و مواسم ثقافية مستمرة و تمكين المثقفين من التيارات العلمانية الوطنية . و كل ذلك يستدعي حكومة من شخصيات وطنية محترمة صاحبة انتماء حقيقي و نية اصلاح سياسي حقيقة لا تلك التي يتحدث عنها وزير التنمية السياسية الحالي للسفيرة الامريكية في عمان و هو يقدم لها شرحا عن قانون انتخاب هو ذاته لا يفهمه !

التطرف في المجتمع ليس في الشق الديني فقط , هناك تطرف لدى جماعات الفساد التي حلبت الضرع و حينما انقطع الدر حلبوا الدم , فلماذا لا نشهد حملة امنية ضدهم ايضا ؟!

الدولة و مجتمعها عانت لسنوات طوال من التراخي و التهاون في تطبيق القوانين و الانظمة الى ان وصلنا لانفلات اخلاقي غير مسبوق دفع بفئات اكاديمية و مثقفة متميزة لترك الاردن بعد ان اصبحوا غرباء في وطنهم . و دفعت بمن لا يحظى بترك البلد للبؤس و رغبة الانتقام !

اربد لم تكن في يوم من الايام معقلا لقوى التطرف , بل على العكس من ذلك فقد قدمت للاردن خير مثقفيه و اكثر سياسيه عفة و نقاء يد اذكر منهم الشهيد وصفي التل و احمد العبيدات و عون الخصاونه و قبلهم قدمت عرار و الشهيد كايد المفلح العبيدات و سودي الروسان و غيرهم .

اعود لصور ستينات و سبيعنات القرن الماضي فاندهش لانتشار النشاطات الثقافية و السياسية و الموسيقية و التنانير القصيرة و الاختلاط الذي لم يكن سببا في اي تحرش , و اندهش لمستوى الرقي في التعامل, و اقارنه اليوم بصور جلابيب النساء و الدشاديش القصيرة و اللحى التي تصل للركب فتندهش لما تسمعه من انحلال و تراجع المستوى الفكري للناس الذي هجر الدنيا و انصرف للحديث عن الموت و الاخرة فقط ناسيا ابسط حقوقه المدنية في دولة تتفن في فرض ضرائب حتى على العطاس !

" الدولة " ليست مسؤولة عن انحطاط المجتمع فحسب , انها مدانة بلا اي شك , فهي التي تبنت تكتيك تسويق فئات تكره الدنيا و هي التي تبنت كل ما من شأنه تفتيت الاردنيين و اغراقهم بالتخلف و تبني هويات فرعية متنوعة ايمانا منها بمقولة " فرق تسد " !

كونك معارضا هذا لا يعني ابدا ان تكفر بمؤسسات بلدك . من هذا المنطلق ما زلت – و ساظل اؤمن – ان في كل مؤسسات الدولة – برغم خرابها المؤقت – شرفاء يصارعون الإحباط الذي تمطر سحبه يوميا و من تلك المؤسسات جهاز المخابرات العامة الذي نستنهض همم شرفاء افراده و ضباطه لفعل كل ما بوسعهم لتصحيح مسارات بلدهم و انقاذه .

نقطة عرق – لا نقطة دم فحسب – من الشهيد راشد الزيود و رفاقة الجرحى اشرف و اطهر من لحى كل المتطرفين الذين يريدون تحويل حياة الناس الى جحيم في الدنيا و محاسبتهم قبل موتهم , ناسين انهم مجرد بشر و فوق ذلك انهم يعيشون في عصور غابرة !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات