ما قدمته حكومة المغرب العربي كمبررات لعدم جدوى إقامة قمة عربية ؛ يمثل حقيقة سياسية واقعية تمت ممارستها لأكثر من خمسين عاما من انعقاد القمم العربية وهي أن ما يجري في تلك القمم هو مجرد لقاءات تعارفية وتصديقات على أمور شكلية لاتقدم شيء للشعوب العربية ، وإن كانت بعضها حوى تناقضات في خطب زعماء أكل عليهم التاريخ وشرب .

ولكن هل فعلا الواقع العربي الحاضر لايستحق أن تعقد لأجله قمة عربية ؟ ، وبهذا السؤال وموقف حكومة المغرب تتأكد حقيقة أخرى تتمثل في أن الإنفصام السياسي العربي إنتقل من مجرد تجليات فكرية لمعارضين إلى واقع ملموس لايمكن إنكاره حتى من قبل أصحاب القرار السياسي العربي .

وعلى فرضية أن حكومة المغرب مارست الصراحة الحادة مع نفسها ومع زعامات بقية الدول العربية ، فإننا نجد بذلك حجم التناقضات في مواقف مجموع الدول العربية مما يجري في ساحات بعض الدول بالعلن من حروب أو بالخفاء في بعضها الأخر ، وهنا نجد أن المواطن العربي من أكبر مؤيدي عدم إنعقاد القمة العربية لأنه مؤمن بأنها مضيعة للوقت العربي ، وأنها فرصة لبيع المواقف القومية والإسلامية بين الزعماء العرب ، وإن الغيابات عن تلك القمة ستكون كبيرة جدا مما يقدم صورة واضحة عن واقع الحروب الرئاسية بين الزعماء .

فهل شربت المغرب ماء وجه الزعماء العرب بعدم قبولها بإستقبال القمة ؟ ، نعم وبكل بساطة لأن التغيير الكبير على المواقف من قبل الدول العربية من حيث الاتفاق على نظام سياسي هنا أو رفض أخر هناك جعل من تلك الرئاسات في مهب رياح المصالح المتناقضة ، ولو فرضنا أن القمة ستتم فكيف سيكون التمثيل بها ، ومن سيقدم نفسه على الأخر كراعي لذلك النظام السياسي دون نظام أخر ، فشراء ماء وجوههم خير ما فعلت المغرب .