بَركة الدار


الحاج أبو خليل تجاوز الستين من عمره رجل شبه ملتحي ويلبس الثوب و المزنوك ويلبس الشماغ المهدب ويضع فوق شماغه عقال المرعز ، أبو خليل متقاعد من سلاح المدفعية وبعد التقاعد فتح دكان في الحارة بعد أن فشل في زراعة الأرض وحصادها، فهو يمضي يومه ما بين بيته ودكانه بالإضافة إلى المسجد ،..... أم خليل امرأة أصيلة (أخت رجال) عاشت مع أبو خليل على الحلّوة والمرّة وكانت تعمل في خياطة الثياب لنساء الحارة من اجل مساعدة زوجها على مصاعب الحياة.

بدأ الفأر يلعب في عقل أبو خليل بعد أن أخبرته إحدى مدرسات القرية ( أثناء شرائها حاجيات البيت ) بأن أبا خليل مازال شباب بل انه شيخ الشباب ( قالتها من باب المجاملة ورفع معنوياته العملية) ، إلا أن أبا خليل سرقه التفكير شمال جنوب وشرق غرب في كلام المعلمة ، ووضع في عقله وذهنه فكرة الزواج الثاني.

أبو خليل قبل أربع سنوات بنى غرفتين ومطبخ وحمام على سطح بيته بعد أن حصل على الإسكان العسكري (والنية إنهن لخليل) ....فبدأ أبو خليل يبحث عن سعيدة الحظ سراً ، فأرشده احد رفاق السلاح إلى فتاه في الثلاثين من عمرها من القرية المجاورة ، وبعد أن حصلت الموافقة على أبو خليل اخبر أهل بيته بقصة زواجه الثاني ، علماً أن أم خليل اصغر من أبو خليل بأكثر من عشر سنين ومازالت بصحتها ولا تشتكي من أي مرض سوى ضعف بسيط في نظرها بسبب خياطة الثياب.

شو بدك بطول السيرة أبو خليل خطب وتزوج من الثانية وسكن بغرفتين خليل على الطابق الثاني ...ومع مرور الأيام بدأ أبو خليل يتغير أولا بأول ..فخلع الشماغ والمزنوك واستبدلها بأواعي على الموضة بنطلون كتان وقميص وبعض الأحيان يلبس بنطلون جينز ( ليقرا) ... كما أن أبا خليل صبغ لون شعره بالأسود ، فأختلف تماما حتى روحه وطباعه أصبحت شبابية ، واستبدل تلفونه القديم ( أبو بيل ) بتلفون لمس ، وتعلم على الواتس وفتح صفحة على الفيس بوك اسماها ( أبو الخل شيخ الشباب) ..حتى أن أكله وطعامه تغير فكان أبو خليل يحب المجدرة والكعاكيل والخبيزة والحميض فأصبح يأكل الشاورما والبيتزا والهمبرغر ...بالإضافة إلى القهوة الصباحية على شرفة الطابق الثاني

لكن التغير الغريب الذي أصاب أبو خليل هو عندما يذهب ويلتقي بأم خليل فيقول لها : شلونك يا حجة ، وشلون صحتك يا ختيارة ، وشو آخر أخبارك يا بَركة الدار ، وأصبح يناديها ببَركة الدار ، وكأن أم خليل هازه بسريره .

فالتغير والتغيير الذي أصاب أبو خليل (وأمثاله) وانقلابه رأساً على عقب كان بالإمكان أن يحصل دون أن يتزوج الثانية أي مع أم خليل ( بَركة الدار) ..لكن هذا الهوس والجنون الذي يصاب به بعض الرجال عندما يتزوجوا من الثانية ( دون أي مبرر) لا نجد له أي تفسير ولا أي تفنيد ...وكل هذا على حساب بَركة الدار وصحتها وأعصابها ...مسكينة يا بَركة الدار.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات