تداعيات انخفاض اسعار السلع عالميا على المستهلك


(1) لم يكن يدري آدم سميث ان نظريته في الليبرالية الاقتصادية ستكون وبالا على الشعوب ويتم استخدامها باسلوب بعيد عن حرية التجارة التي تتحكم بها قوانين السوق من عرض وطلب.... ويكون تنامي الجانب الاقتصادي البحت على الجانب الاجتماعي سيفا مسلطا على الطبقة الوسطى محركة الاقتصاد الاساسي.

والليبرالية الاقتصادية بحد ذاتها حرية تامة للتجارة ومظهرها يتجلى بمنع التدخل الحكومي في رسم اي من اتجاهات السوق وتركة يحدد سلوكيات الاسعار وتعويمها.

(2) وبداية الاشكال ان الولايات المتحدة -حارسة الاقتصاد العالمي- قد استخدمت اسلوب التيسيير الكمي في ضخ المال الرخيص بهدف تحفيز الاقتصاد لرفع معدلات التضخم لديها الى نسبة 2% .. ومع فشلها في هذه السياسة انتهجت اسلوبا اخرا في تقوية سعر عملتها مما نتج عنه انخفاض سعر النفط والذي هو يعد متبوعاً وان السلع الاخرى لاحقة له ... الا انها فشلت في رفعه اكثر من 1.4% مما اضطرها لاستخدام اسلوبا اخر هو رفع معدلات الفائدة حاليا...

(3) وما يجنيه الاقتصاد عادة من جراء هذه الخطة هو رفع الاحور والرواتب لزيادة الاستهلاك الذي هو معيار حقيقي لقوة الاقتصاد ، وذلك عن طريق زيادة الحد الادنى للرواتب مقارنة بنسبة التضخم المحلي. وكذلك هبوط تكلفة الطاقة سيؤدي إلى زيادة الدخل الحقيقي للمستهلكين،مما ينتج عنه زيادة في معدل الاستهلاك والانفاق على مستوى الفردي.

(4) لم ينجح تراجع النفط في تخفيف التضخم في الدول التي تعاني من ارتفاعها ، أو توقعات انخفاض المستوى العام للأسعار محليا على الرغم من انخفاضها عالميا .فاذا تاملنا اسعار السلع الاساسية منذ 2013 كما هي حتى نهاية 2015 نجد الاتجاه العام بانخفاض بل يصنع قاعات جديدة لم يحققها منذ سنوات كما هو موضح في اسعار السلع التالية :

(5) الاسعار بالدولار الامريكي :
انخفض القمح الامريكي من 944 دولار – 475
النحاس 3775 – 2080
الالمنيوم 2062 – 1475
الخشب 400 - 218
الارز 16,600 – 9.20
الذرة 842-370
فول الصويا 1788 – 870
زيت الصويا 58.15 – 30.80
البن الامريكي 306 – 121
سكر لندن 890 – 334

(6) والتساؤل الان : لماذا لم يلمس المستهلك هذا الانخفاض كما حدث فعلا والذي ما زال سريان مفعوله في البورصات العالمية .
ولماذا لا ننعم بهذا الانخفاض حتى الان على الرغم من الانهيار بالاسعار العالمية !
والاجابة تكاد تنحصر بوضوح على الصعيد الاضطراري لا مناص منه الا التسليم وقبول الامر الواقع :

الاول: رفع الدعم السابق لبعض الخدمات ؛ ادى الى زيادة اسعار هذه الخدمات مثل الكهرباء والمياه وشبكة النقل التي لم تتأثر فعليا مما أدى بدوره الى ارتفاع التكلفة في الانتاج الصناعي
ثانيا : ارتفاع خدمة الدين العام للدولة من جراء ارتفاع الدولار مقابل سلة العملات حيث قفز المؤشر العام للدولار الى قمم غير مسبوقة منذ سنوات الى اعلى من 100
ثالثا: انخفاض قيمة الاحتياطي من الذهب من جراء انخفاض قيمة الذهب السوقية الى مستويات غير مسبوقة من سنوات مما يرفع سقف التخوف من انخفاض قيمة العملة الوطنية خاصة مع ضغط انخفاض اليورو والذي أدى الى ارتفاع فاتورة المستوردات من منطقة اليورو

وعلى صعيد الاقتصاد المحلي يتضح ان التجار والصناعين يحتفظون بهوامش ربح اعلى من المعتاد ونقل التكاليف الاضافية مباشرة إلى المستهلك.

والمطلوب الأن التدخل حكوميا لاعادة توازن السوق على اساس تنافسي حر ثم تخفيض النفقات الحكومية والاكتفاء بما هو ضروري بدلا من السياسة الجبائية.
وطرح السياسة الليبرالية جانبا ما دامت قد طرحتها من قبل بازالة الدعم عن الخدمات .. فهذه بتلك !!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات