مقابر شمال عمان معاناة إضافية


نعم...لقد أمرنا الدين بسرعة دفن الميت ففي ذلك إكراما له وتهدئة لنفوس ذويه، لكن من هي الجهة التي أمرت بتعذيب المشيّعين كما في مقابر شمال عمان منطقة شفا بدران؟! وكأن المصاب لا يكفي ليأتي حال المقبرة المزعج على البقية الباقية من قوة احتمالهم.

نعم المقابر ليست مكان للتنزه... لكنها أيضاً ليست مكاناً لزيادة معاناة أهل وأقرباء وأصدقاء المتوفى في وقت هم فيه بأمسّ الحاجة للراحة وإكمال مراسم التشييع والدفن بيُسر وسهولة.

نحن لا نتحدث عن مظلات تقي المشيعين تقلبات الأحوال الجوية ولا عن تعبيد الطرق بين ممراتها وزرع بعض شجيرات الظل على جوانب هذه الممرات، ولا نسعى لإراحة كبار السن... فقط نريد أن نصل للقبر ونضع الجثمان ونواري الميت لحده وهدوء.

نريد أن يصل الجثمان لمكانة بسيارة وليس حملا على الأكتاف لمسافة تزيد عن كيلو متر! نريد أن ذهب للدفن بعد صلاة الظهر ونعود...لكن قبل الغروب.

كنت من أولئك الذين دعاهم الواجب لتشييع جثمان والد أحد الأصدقاء رحمه الله، إلى مقبرة شمال عمان لأرى هناك العجب العجاب.

المعاناة تبدأ من الطريق المؤدي للمقبرة والمسافة ما قبل المدخل، حيث صممت بطريقة تتسع لسيارتين متلاصقتين فقط. وبعد الوصول للمدخل تسير السيارات لوادي سحيق كي يصل الجثمان أسفل المقبرة، فتتراكم السيارات خلف بعضها إلى ما قبل المدخل بمسافة طويلة لعدم وجود فسحة للالتفاف دراجة وليس سيارة!.

المأساة الحقيقة عندما تصل جنازة أخرى وهنا على المشيعين أن يحملوا الجثمان على الأكتاف لمسافة أكثر من كيلو متر كي يصلوا المدخل فقط، ثم يواصلون حمل الجثمان نزولا على أدراج بحذر شديد لقاع المقبرة ومن ثم السير بين الصخور للوصول للمكان المخصص للدفن.

المعاناة لا تنتهي هنا فالسيارة التي حملت الجثمان والمشيعون الذين وصلوا أولاً عليهما الانتظار حتى رجوع آخر سيارة والتي عادة ما تكون قبل المدخل بمسافة طويلة.

هذه المعاناة تدعو إلى ضرورة النظر بجدية لإصلاح هذا الخلل المؤلم للمشيّعين، والمقلق لراحتهم، والباعث على التذمُّر الذي تطفح به نفوسهم أثناء التشييع.

لا نريد أن نسأل من هي الجهة المختصة في الأمانة التي أشرفت على تجهيز تلك المقابر وصممت هذا المدخل الضيق وتخيلت أن جنازة واحدة ستدخل في اليوم الواحد فقط؟! ولا نريد أن نسأل إن كان أحدا من مسؤوليها أي الأمانة زار مقابر شمال عمان الجديدة، ولكننا نريد أن نقول وبصراحة، إن كان مسؤولي الأمانة عاجزين وغير قادرين على القيام بمهامهم الأساسية، في رعاية المقابر فليتركوا تلك المهمة لأهل الخير وليكتفوا بالجباية كما في وزارة الأوقاف الثرية التي تركت مهمة بناء المساجد ورعايتها ودفع أثمان المياه والكهرباء لأهل الخير واحتفظت لنفسها بتلقين الخطباء.

الموت حق وما من أسرة إلا ولها فقيد، فلتكن مقابرنا صورة معبّرة عن تحضّرنا وتقدّمنا، وحرصنا على الابتعاد عن كل ما يُزعج أثناء توديع موتانا.
أستغفر الله لي ولكم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات