الغضبة الشعبية و قرارات الحكومة المشؤومة


قامت الدنيا ولم تقعد في الأردن حتى الآن بسبب قرارات الحكومة الأخيرة التي جاءت لفرض مزيد من الضرائب ومزيد من الرسوم ومزيد من " البين و النيا " على الشعب الأردني الفقير المظلوم .

صبت الحكومة الزيت على النار فاشتعلت الثورة الشعبية التي ظهرت ملامحها بداية على مختلف وسائل التواصل تحضّر و تمهّد للنزول إلى الشارع بقوة ، و كعادتها ذيبان الأبية الرائدة المبادرة كان لها أول وقفة احتجاجية بعد صلاة الجمعة الماضية على مثلث مليح حضرها جمع غفير طالب بصوت واحد باسقاط الحكومة الظالمة .

لقد كانت ثورة شعبية سلمية عارمة بدأت بتعليقات قوية صارخة و على سبيل المثال قال أحدهم " لقد بلغت الحكومة قمة الوقاحة " و قال أخرون على الهاتف للفضائيات الخاصة " هذه الحكومة تعمل على تحويل الأردن إلى ما يشبه سوريا " و قال آخر " يا أخي هذه الحكومة تستفزنا و تدفعنا دفعا للاحتجاج في الشارع " و قال أخر " يا أخي شلحتونا والله ما ظل علينا اواعي " و قالت احدى الامهات " والله يا أخي الناس ما عادت قادرة تصرف على اولادها .. حرام يا ناس ما بصير هيك " و قال اخر " يا أخي انا مش فاهم ما دام سعر البترول نزل و نزلوا سعر المشتقات لازم سعر جرة الغاز ينزل زيها إلى 6.5 دينار ليش يرفعوها إلى 7.5 انا مش فاهم و الشعب كله مش فاهم .. يا اخي انتوا لوين رايحين بينا " و قال اخر " الحكومة تعدّت على كرامة المواطن و أهانت المواطن و دمرت الاردنيين " و ذكر اخر بأن تقارير حكومية تفيد بان ما يقارب من مليون مواطن مطلوبين للتنفيذ القضائي ثلثهم من النساء على مبالغ مالية كديون ، طيب مش لازم تفهم الحكومة أن هذا مؤشر لها على الفقر و الازمة المعيشية التي يعاني منها الشعب بسبب رفع الاسعار المتواصل و الضرائب المتواصلة ، حيث يقول تقرير أُممي جديد أن الاردن اغلى دولة في العالم في المعيشة .

وقال أخر والله يا أخي يبدو أن عبدالله نسور جاء لمهمة محددة وهي جلد الشعب الاردني بسياط الغلاء و الضرائب لكي ينشغلوا بانفسهم ولا يعودوا للمطالبة بمحاكمة الفاسدين الذين دمروا الاقتصاد الاردني و حملوه هذه المديونية العالية و باعوا شركاته بثمن بخس ، ثم عادوا و اشتروها لانفسهم .
طبعا هذا غيض من فيض من ألوان و أشكال السخط الشعبي الذي انهال دفعة واحدة على رأس الحكومة ولا يليق هنا أن أذكر الشتائم الصارخة التي أطلقها الشعب الغاضب على الحكومة وهي تستحقها وقد وصلت حتما إلى اسماعها .

لم تجد الحكومة أمام هذه الغضبة الشعبية و أمام هذا السخط الشعبي العارم إلا أن تلجأ للخداع و المناورة فهرعت إلى عمل مسرحية مكشوفة مع برلمانها لانقاذها من ورطتها و لخداع الشعب الاردني و تهدئته ، وهذا يعني أننا أمام أغبى مسؤولين لأذكى شعب عربي .

ما زالت الحكومة في " حيص بيص " ولم تصحُ بعد من هول المفاجأة بردة الفعل الشعبية الساخطة و التي تحولت إلى ثورة شعبية سلمية عارمة ما زالت قائمة و متحفزة وهذه المفاجأة الخطرة هي رسالة صريحة و عاجلة أرسلها الشعب الأردني نتمنى أن تجد من يقرأها جيدا .

إزاء هذا الغباء الحكومي و التخبط الحكومي و الاصرار الحكومي على افقار الشعب الاردني و إذلاله من حقنا أن نتساءل لماذا اقدمت الحكومة على هذه القرارات المثيرة و المستفزة و المفقرة للشعب ؟! .

لا بد أن لدى الحكومة كوادر متخصصة تقيس مستوى الغضب و الاحتقان و السخط الشعبي على سياسة الحكومة ، لكن يبدو أن قياساتها و تقديراتها هذه المرة كانت خاطئة ، لذلك تفاجأت بهذه الثورة الشعبية العارمة وهذا ما يفسر هرولتها على عجل نحو البرلمان لعمل مسرحية مشتركة لخداع الشعب الأردني و اخماد ثورته الشعبية .

إن الخطأ في القياس و التقدير عند الحكومة يعني أن التقارير التي تضعها الحكومة على طاولة الملك غير صحيحة و غير دقيقة و هذا يعني أن الملك ليس بصورة الوضع المعيشي البائس للشعب الأردني الذي أوصلته إليه هذه الحكومة وهذا خطر عظيم ، ولكن الخطر الأعظم هو أن تضع الحكومة على طاولة الملك تقارير بقياسات و تقديرات خاطئة تتعلق بأمن الشعب و الوطن وهذا يعني أننا قد نكون مقبلين على مفاجأة أمنية كبرى قد تكون هي الطامة الكبرى .

أن مثل هذا الأمر الخطير حصل سنة 1989 عندما كانت الحكومة سيئة الذكر حكومة زيد الرفاعي الذي قحف البنك المركزي و دمر الاقتصاد الاردني و دمر الدينار الاردني فنزلت قيمته إلى النصف و ما زلنا نعاني من تلك الجريمة التي لم يحاسب عليها المذكور ، و كانت حكومة زيد الرفاعي تقول للملك حسين على الدوام " كل شيء تمام سيدي " ، فلما كانت هبة نيسان المجيدة قال الملك حسين لزيد الرفاعي متسائلا " هل هذا هو التمام ؟! " .

لقد قال الشعب الاردني كلمته في هذه الحكومة بلغة أردنية فصيحة و بكل الوسائل و الاساليب ليؤكد فساد و فشل هذه الحكومة و وسائل إعلامها التي كانت تضلل الشعب الاردني بمدح الحكومة و تزيين أعمالها و تمجيدها و ألتماس الاعذار لها حتى أن أحد إعلاميها يقول في حوار له مع الناطق الحكومي على تلفزيون الحكومة يسخر من الاردنيين الناقدين و الناصحين للحكومة "ماذا تقول لهؤلاء الذين يرددون باستمرار عبارة " لوين رايحين بينا " " .

إلى أن جاء الشعب الاردني كله الاسبوع الماضي ليقولها للحكومة بالفم الملأن و بصوت واحد " لوين رايحين بينا " .

أقول أن على هذه الحكومة أن تستحي و تخجل من نفسها و تقدم استقالتها و ترحل مذمومة مدحورة وقد علمت منزلتها عند الشعب الاردني باستفتاء شعبي عام كانت نتائجه واضحة للجميع.

كما أن على الدولة أن تعلم أن الشعب الأردني ما عاد يقبل بأن تذهب حكومة فاسدة ظالمة لتأتي بعدها حكومة أفسد و أظلم كالعادة ، و أنه لابد من تغيير النهج و السياسة للخروج بالاردن من مصائبه و أزماته الداخلية و الخارجية التي سببتها هذه الحكومة و الحكومات السابقة بنهجها الفاسد و سياستها الفاشلة المعادية للشعب .

ومعلوم بديهيا أنه لا تصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها .. الكتاب و السنة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات